برجس حمود البرجس

استبيانات واستطلاعات الرأي للتعليم

الثلاثاء - 30 نوفمبر 2021

Tue - 30 Nov 2021

تناقلت أخبار التواصل الاجتماعي المختلفة بعد مشاركة وزير التعليم في المنتدى السنوي للأسرة 2021م قبل أسابيع والذي ذكر فيه أن بعض إحصاءات استطلاع الرأي والتي وضح من خلالها بأن «75% من أولياء الأمور كانوا راضين عن جودة التعليم عن بُعد، وأن 83% من أولياء الأمور يرون أن للتعليم عن بُعد تأثيرا إيجابيا على صحة أبنائهم العقلية والنفسية».

كانت ردود الفعل من متابعي برنامج التواصل الاجتماعي مستغربة من هذه الإحصاءات والتي لم يوضح آلياتها ولا الشرائح المشاركة بالرأي ولا طرق وتفاصيل المشاركة، وحتى أنا في الحقيقة استغربت من هذه الإحصائية والتي هي رأي أولياء الأمور مع أنني أرى أن التعليم عن بُعد كان له فضل كبير ولم يكن هناك أي خيار آخر ودعمناه العام الماضي بالمقالات والتغريدات والسنابات وأثنينا عليه كثيرا، إلا أنني استغربت أن تكون هذه النتائج هي آراء لغالبية أولياء الأمور.

عندما قرأت هذا الخبر، تبادر إلى ذهني شيء ليس له علاقة مباشرة وهو الصور التي انتشرت للمدارس من الداخل في أول يومي دراسة عندما سمح بالكاميرات داخل المدارس للتأكد من حالة الطالب وإثبات تلقيه جرعات لقاح كورونا، وتساءلت إن كان هناك فجوة بين قيادة التعليم (الوزير والوزارة) وفي الجهة المقابلة إدارات التعليم والمدارس والطلبة وأولياء الأمور، وهل الآلية الحالية تعكس الصورة الحقيقية للمدارس والمعلمين والطلبة وتنقلها للوزارة؟

المعلومات لا تصل للوزارة بشكل مباشر، فالوزارة تتعامل مع 46 إدارة تعليم في المناطق والتي تتعامل مع حوالي 33 ألف مدرسة حكومية وأهلية والتي يعمل بها أكثر من 500 ألف معلم ومعلمة يدرسون حوالي 6 ملايين طالب وطالبة، ولو افترضنا عدد أولياء الأمور (ذكور وإناث) فعددهم قد يصل إلى حوالي 3 ملايين أب وأم، بالإضافة لإحصاءات الجامعات والابتعاث. هذه أعداد كثيرة بحاجة لآلية توصل المعلومات مباشرة للوزارة، وغياب تلك الآليات المرنة والسريعة تفقد جزءا كبيرا من انعكاس الواقع الحقيقي.

أتخيل لو وجه سؤال مباشر للمعلمين والمعلمات والذين باشروا العمل قبل بداية دراسة الطلبة والطالبات بأسبوع عن وضع المدارس وجاهزيتها بعد أن هجرت بسبب الكورونا، وسؤال عن صحة دورات المياه والمكيفات والنظافة، وأن تكون الإجابات رقمية واختيار من 6 اختيارات (0%، 20%، 40%، 60%، 80%، 10%) لتمكنت الوزارة (بضغطة زر) من معرفة أجوبة المشاركين من 500 ألف معلم ومعلمة، وبالتأكيد سيكون هناك ربط برقم هوية المعلم المشارك واسم مدرسته، لتصل الرسالة مباشرة من المعلمين إلى مكتب الوزير.

أقترح بأن يكون للوزارة تطبيق الكتروني يطرح به استطلاعات رأي واستبيانات على المعلمين والمعلمات، وبعضها للطلبة والطالبات وبعضها لأولياء الأمور وكذلك للمراقبين داخل المدرسة والمختصين بالصحة والبيئة وغيرها، بشرط أن يكون الدخول لهذا التطبيق عن طريق الرقم السري المرسل للجوال مرة واحدة (أبشر أو نفاذ) للموثوقية والتأكد بأن المشارك في قواعد بيانات الوزارة الأخرى سواء كان ولي أمر أو معلما أو مشرفا صحيا أو البقية.

التعليم له عناصر كثيرة، فمثلا المعلمون والمعلمات عددهم يفوق 500 ألف ولأي استبيان أو استطلاع رأي سيشارك أعداد كبيرة، ولو شارك 30 ألفا فقط لكفى بأن تكون معلومات كافية ومباشرة للوزارة لمعرفة كل ما يدور في المدارس وآراء أولياء الأمور وغيرها. لن أتحدث كثيرا عن أهمية تصميم الاستبيانات وأهدافها وهذا يعمل به من خلال مختصين وربما يكون الأفضل بأن تكون شركة مستقلة بعيدة عن أي تأثير من داخل الوزارة وإدارات التعليم. ويفضل بأن تكون الأجوبة خيارات (أ، ب، ج، د، ) فعند اكتشاف نمط معين، يمكن الرجوع لتفاصيل الأجوبة والصور المرفقة من المشاركين، وهذا يجب أن يكون عملا متكاملا يحقق جميع الأهداف وأهمها (أولا) إعطاء صورة متكاملة لمكتب الوزير عما يحدث عن طريق تقارير يكون مصدرها أجوبة الاستبيانات وربما تفاصيل أخرى، و(ثانيا) سيكون وجود هذا التطبيق بمثابة رادع لكثير من المخالفات وستعمل إدارات التعليم والمدارس على تفادي كل ملاحظة وكل شكوى قبل أن تسجل.

سيخدم هذا التطبيق أو بالأحرى التقارير ليس فقط وضع وحال المدرسة، بل سيذهب أبعد من ذلك لأحوال المعلمين وشكاواهم وسلوكهم وحضورهم وربما أيضا معاناة بعضهم ومعاناة بعض المدارس من شكاوى تتوقف عند إدارات التعليم. أيضا سيخدم هذا التطبيق أشياء أخرى كثيرة لا يمكن سردها هنا ولكن من ضمنها التنمر والابتزاز وبعض ملاحظات الابتعاث وتفاصيل كثيرة ودقيقة.

عند وجود هذا التطبيق (العين الرقابية) أتوقع سيتم العمل على كثير من الأخطاء وستعالج كثير من المشاكل وسيرتدع المتنمر والمبتز عند علمه بأن أي طالب/طالبة يستطيع (بكل سرية وأمان) تسجيل أي حالة تقع عليه أو على طرف آخر وسيتشجع الكثير على استخدامه طالما توفرت به المحافظة على الخصوصية (السرية التامة لمعلومات مقدم البلاغ) والموثوقية بالمعلومات. ما أسهل وأجمل أن تستطلع آراء 50 ألف مبتعث بدقائق، والنتائج تظهر ببساطة بنهاية اليوم.

نحن نعيش عالما خياليا من الرقمنة التي بإمكانها تسخير كل ما تتخيله بأن يكون حقيقة، وهذا التطبيق سيكون أحد أهم العوامل المساعدة للالتزام في المدارس وإدارات التعليم، وأحد أهم الأدوات المساعدة لتطوير التعليم.

Barjasbh@