محمد الأحمدي

طاولة إيرل تابر التسويقية

الثلاثاء - 30 نوفمبر 2021

Tue - 30 Nov 2021

اخترع إيرل تابر في 1948م حاوية حفظ الطعام البلاستيكية المحكمة الإغلاق، ولكنه لم ينجح في إقناع السيدات باقتنائها من المتاجر التقليدية. وبالرغم من تدني مبيعات المنتج إلا أنه يراهن على أن السيدات سيحببن الفكرة إذا وصل إليهن، ولكن كيف يصل؟ بات يفكر في إخراج منتجه من المتاجر وإيصاله إلى المنازل مباشرة. وهنا بدأت قصة حفلة حافظة الطعام Tupperware Party التي لا يخلو منزل منها اليوم.

ببساطة تدعو مجموعة من السيدات صديقاتهن ومعارفهن لحضور حفلة صغيرة بمنزل إحداهن ثم تعرض الحافظات، وتسوقها لهن، وفعلا أعجبن بفكرة السيد إيرل، ثم نجح اختراعه، وطريقة تسويقه له حتى أصبحت حافظات الطعام البلاستيكية ذائعة الصيت. وبالمثل انتهجت شركة لونجا بيرجر الأمريكية المشهورة بتصنيع حقائب التنزه، وحاويات الغسيل، والزهور التسويق المنزلي لمنتجاتها مما حقق لها بيع الآلاف من منتجاتها يوميا في الولايات المتحدة في التسعينات. هكذا بدأت شهرة حفلة الطاولة المنزلية في التسويق.

إلا أن العصر الرقمي الحديث استبدل حفلة الطاولة بحفلة المنصة الرقمية التي يجتمع الناس على اختلاف أطيافهم فيها دون التزام بموعد لقاء الطاولة، وبلا فنجان قهوة. فلم تعد طاولة إيرل تابر مخصصة للسيدات، بل تجاوزها الأمر لتجمع الجميع دون استثناء، بل عبرت القارات في عصر العولمة الرقمية.

وهنا بدأت قصة أخرى للتسويق في منصات التواصل الاجتماعي حينما يجتمع الناس في تجمعات من أجل بعض الأشخاص فإنهم سمحوا لأنفسهم بالانضمام لحفلة الطاولة التسويقية، والاقتناع بما يحيط بها من منتجات، بغض النظر عما تحتويه المنصة من محتوى. فحفلة طاولة إيرل لم تهتم بالمحتوى بقدر الوصول إلى الفئة المستهدفة بالمنتج، وزيادة مبيعاته.

أستطيع القول بأن حفلة الطاولة التسويقية لم تعد محصورة على تسويق المنتجات التجارية، وإنما أصبحت مستخدمة في التسويق الأكاديمي. وصلني كغيري من الطلبة الدوليين إيميل يدعو إلى المشاركة في إعلانات الجامعة واستعراض مميزاتها للطلبة المحليين والدوليين ونقل التجربة الحية في المدينة، والموافقة على بثها عبر الوسائل المختلفة لتصل للجماهير المستهدفة. وهنا سيقتنع الطلبة الدوليون بالانضمام لها.

وتولي جامعة اكستر حفلة الطاولة في المناسبات الدولية أهمية، في سنة من السنوات، شاركت بركن صغير في مؤتمر للتعليم أقيم في إحدى دول الشرق الأوسط فارتفع عدد الطلبة من تلك الدولة في تلك السنة وما بعدها. وشاركت بفكرة إيرل في مؤتمر قمة العشرين، وقمة المناخ لتسوق خطتها للعشر السنوات القادمة في خفض نسبة الكربون الضار الذي تشير بأنها استطاعت تخفيضه إلى 19% العام الماضي، آملة الوصول إلى نسبة 4.5%.

أيقنت هذه المؤسسة الأكاديمية بفكرة إيرل تابر للوصول إلى جمهورها الداعم أو المستفيد، وتنازلت عن فكرة من يريدني عليه أن يتوجه إلى مقر حرمي الجامعي، أو موقعي الالكتروني. لكن طاولة الحفلة الأكاديمية عليها هذه المرة إنتاج علمي عالمي، وشهادات جودة عالمية، ومشاريع خدمت الإنسانية، ومشاريع تسعى إلى أن تقدمها إلى القضايا المحلية والدولية، ورؤية وخطة عملية واضحة للمستقبل، وكشف لإنجازات الماضي. هذه عوامل نجاح تحقق الانتشار للمؤسسة، ومحاولة لإقناع الآخرين بمشاريعها أو الانضمام لها، أو تمويلها.

alahmadim2010@