سر المنطقة الملغومة بين السودان وإثيوبيا

كيف تحولت «الفشقة الحدودية» من أراض خصبة للزراعة إلى ساحة معركة؟
كيف تحولت «الفشقة الحدودية» من أراض خصبة للزراعة إلى ساحة معركة؟

الثلاثاء - 30 نوفمبر 2021

Tue - 30 Nov 2021








منطقة الفشقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا                                                                                           (مكة)
منطقة الفشقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا (مكة)
تحولت منطقة الفشقة الحدودية التي تتمتع بأرض زراعية خصبة إلى ساحة معركة بين السودان وإثيوبيا، وباتت أشبه بـ(المنطقة الملغومة) التي تثير المخاوف لدى الطرفين من استمرار الصراع سنوات طويلة، رغم المشاكل العويصة التي تواجه البلدين والتحديات الصعبة التي يعيشانها.

37 قتيلا ومصابا خسرهم السودان في غضون أيام قليلة على أرض الفشقة، فطار قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، ليزور القوات في منطقة بركة نورين، بمدينة الفشقة بولاية القضارف، في تأكيد على أن الأمر جلل، في حين يرتدي رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد بذلته العسكرية ويقف في مكان آخر ليحارب مقاتلي تيجراي الذين يقتربون من العاصمة أديس أبابا.

جدد البرهان تأكيداته بأن الفشقة أرض سودانية خالصة، وتعهد بعدم التفريط في أي شبر من أرض السودان، لكن في تصريحات بثتها وسائل إعلام رسمية، نفى الناطق باسم الحكومة الإثيوبية، ليغيسي تولو، التقارير عن شن الجيش الإثيوبي هجوما على السودان، معتبرا أنها «عارية عن الصحة»، وأضاف أن مجموعة كبيرة من المتمردين وقطاع الطرق والإرهابيين دخلوا منطقة الفشقة.

اشتباكات دامية

وتشهد العلاقات بين أديس والخرطوم توترات منذ سيطرة السودان، في ديسمبر الماضي، على منطقة الفشقة الحدودية المحفوفة بالألغام والمخاطر، والتي تبلغ مساحتها نحو 250 كلم2، والتي يعتبرها تابعة له بموجب اتفاقيات دولية تعود إلى عام 1902، فيما نددت إثيوبيا بتلك الخطوة وحذرت من تبعاتها.

ومنذ سنوات يقوم مزارعون إثيوبيون بزرع منطقة الفشقة التي يقول السودان إنها تقع ضمن أراضيه، وفي نوفمبر 2020 تزامنا مع إرسال، أبي أحمد، قوات فيدرالية إلى تيجراي لإطاحة جبهة تحرير شعب تيجراي، نشرت الخرطوم جنودا في الفشقة في خطوة اعتبرتها أديس أبابا استفزازا.

وكانت هذه المنطقة مسرحا لاشتباكات دامية العام الماضي خلفت، بحسب بيان الجيش، 90 قتيلا من القوات السودانية.

بداية الأزمة

ويحدد المحلل السوداني نجم الدين كرم الله بداية الأزمة، فيقول «اتضح خلال العقود اللاحقة أن القبائل الإثيوبية القريبة من الحدود لا ترغب في التخلي عن الأراضي الخصبة على الجانب السوداني من الحدود، والتي تقدر بحوالي مليون فدان تقريبا»، لكن المحلل السياسي الإثيوبي جمال بشير، يقول إن «اتفاقية الحدود في عام 1902 وقعت في أيام الاستعمار. لم يتم رسم الحدود بحضور إثيوبيا وهو ما جعل الموضوع يكتنفه بعض الغموض، وفي 1972 وقع الطرفان اتفاقية يعود فيها الطرفان عند الحديث عن الأزمة»، وفقا لموقع قناة (الحرة) الأمريكية.

ويقول كرم الله «كان واضحا أن هذه التسوية لن ينتج عنها مستقبلا الاستقرار في المنطقة الحدودية بين الجانبين نظرا لاستمرار انتهاكات إثيوبيا للأراضي السودانية من جهة، ومن جهة أخرى تحول التواجد الإثيوبي في محلية الفشقة إلى ما يشبه مستوطنات زراعية ونقاطا توجد في بعضها ميليشيات مسلحة تسمى الشيفتا ووحدات تابعة للشرطة الفيدرالية الإثيوبية».

تحرير الفشقة

بدأ الجيش في ديسمبر من العام الماضي، عملية سودانية في اتجاه المناطق المحصورة بين نهر عطبرة وخط الحدود الدولية مع إثيوبيا بهدف السيطرة على كامل مناطق محلية الفشقة بشقيها الكبرى والصغرى.

ويقول كرم الله إنه «بحلول أواخر الشهر الماضي لم يعد في محلية الفشقة أي تواجد إثيوبي ما عدا ثلاث مناطق ملاصقة بشكل كامل للحدود المشتركة، وهي قطران وخور وحمر في الفشقة الصغرى ومرقت في الفشقة الكبرى».

ويوضح ويرى الخبير السوداني عزالدين ذهب أن «الجيش السوداني أعاد الانتشار على الحدود السودانية بداية العام وبسط هيمنته على المنطقة التي ظلت لفترة طويلة بعيدة عن السيطرة».

وأضاف أن «المزارعين السودانيين استطاعوا أخيرا زراعة هذه المناطق لكن رغم ذلك المجموعات الإثيوبية أو الشيفتا أو الجيش الإثيوبي ظل يهاجم المنطقة من حين لآخر، وهجوم السبت الماضي لا يخرج عن هذا السياق».

نفوذ سوداني

وتشير المعلومات إلى أن الجانب السوداني كان يتحدث عن 10 إلى 12% من الأراضي التي بقي فيها تواجد إثيوبي، لكن في الحملة الأخيرة بسطت القوات السودانية سيطرتها على المساحات المتبقية، ولم تعد هناك مناطق في حوزة الأطراف الإثيوبية حاليا».

وترى إثيوبيا أن هناك خلافا بين البلدين، وأنه نزاع حدودي، ويجب حله عبر المفاوضات، ولا ترى أي مبرر لافتعال مواجهة أو نزاع مسلح، وليس من مصلحة البلدين الانخراط فيه، وتريد ترك الأمور لمرحلة قادمة حتى يتم الحوار والتفاوض حول المنطقة، لأن هناك أطرافا تريد أن تجر المنطقة إلى مواجهة مسلحة، حسب رأيها.

وفيما يؤكد المراقب السوداني أن الوضع أصبح مستقرا وعاد إلى هدوئه حاليا في المنطقة بعد هجوم السبت الدامي، يقول المحلل الإثيوبي بشير «عندما يكون هناك استقرار في إثيوبيا والانتهاء من الحرب الداخلية في البلاد، فإن أديس أبابا ستثير القضية من جديد، لأن الطرف السوداني أعاد الأزمة إلى مربعها الأول باستعجاله بالسيطرة على المنطقة بشكل عسكري».

لماذا يتشابكون على الفشقة؟

  • مساحتها 12 ألف كلم2.

  • تقع بمحاذاة إقليم تيجراي الإثيوبي المضطرب.

  • تقع كاملة داخل حدود السودان.

  • فشلت كل محاولات ترسيم الحدود بين البلدين.

  • بدأ الخلاف منتصف القرن العشرين.

  • تكرر دخول المزارعين الإثيوبيين وإقامة مستوطنات زراعية.

  • ظلت القوات السودانية خارج المنطقة حتى اندلع نزاع تيجراي 2020.

  • تخوف السودان من امتداد النزاع فحرر المنطقة وطرد المزارعين.