رائد محمد المالكي

خارطة الطريق نحو الريادة المجتمعية

الاثنين - 29 نوفمبر 2021

Mon - 29 Nov 2021

تواصل معي صديق عزيز وبعد السؤال عن الحال سألني سؤالا جميلا عن توصيف الرائد المجتمعي وأهم المهارات اللازمة لهذا الرائد، وحقيقة أن طلبه أعادني لعام 2018 حين كتبت مجموعة تغريدات عما طلبه مني وكنت في حينها أنوي أن أتوسع في الكتابة عن مفهوم الرائد المجتمعي، ولعل الوقت الآن مناسب ليكون هذا المقال يحمل في داخله إجابة شافية لك عزيزي القارئ ولصديقي السائل الذي برر سؤاله بوجود برنامج مجتمعي يعمل عليه ووعدته بأن يرى إجابتي في مقالي القادم.

من خلال الممارسة في هذا المجال المجتمعي وقراءته ألخص لك خارطة الطريق التي توصلك إلى أن تكون مستحقا للقب (رائد مجتمعي)، ولكن قبل أن نبدأ الرحلة عليك أن تحرص على هذه التعليمات أولا: أخلص النية لله سبحانه وتعالى. ثانيا: اصبر واستمر ولا تظن أن طريقك مفروش بالورد. ثالثا: لا تتوقف عن التعلم فالعلم رفيق الإنسان من المهد للحد أو كما قيل.

أما الآن فأنت مستعد للرحلة التي ستكون على خمسة مراحل، كل مرحلة لن تتجاوزها حتى تُعطيها حقها، ومن يقيمك في كل مرحلة هو المجتمع من خلال ممارساتك المجتمعية التي تصب كل جهدك وتركيزك نحو نجاحها، كما أن المراحل الخمس متداخلة مع بعضها ومستمرة.

المرحلة الأولى: الرغبة في المجال

في هذه المرحلة عليك أن تفهم رسالتك في الحياة وأن تدرك أهمية دورك ومسؤوليتك المجتمعية تجاه مجتمعك، وأنك شخص فاعل في مجتمعه يسعى لبنائه ومناصرة قضاياه بشكل إيجابي، ثم عليك أن تجتهد في اختيار قضيتك المجتمعية التي تريد أن تكون رائدا فيها؛ فعلى سبيل المثال وليس الحصر: (التطوع، البيئة، التعليم، التوظيف، الأشخاص ذوي الإعاقة، الأسرة، الطفولة..) المجال واسع جدا فقط عليك أن تبدأ من حيث تجد نفسك مهتما للقضية المجتمعية.

المرحلة الثانية: البناء المعرفي

هي أكثر المراحل متعة، فرحلة التعلم دائما مباركة إذا أخلصت النية لله، وفي هذه المرحلة التي تستمر معك طويلا ولعلها لا تنتهي إلا بموت الإنسان تذكر أن يكون بناؤك المعرفي منهجيا وليس عشوائيا، وحاول أن تأخذ من بحور التنمية والإدارة والتخطيط والقيادة قطرة؛ لأن هذا سيعزز من ثقة المجتمع بك ويجعلك تظهر بالمظهر الواثق الملم بما يفعل أو يتحدث.

المرحلة الثالثة: الممارسة الموجهة

هنا ابتعد عن التشتت في الأعمال المجتمعية وركز في ممارستك على القضايا التي ترغب بمناصرتها حتى تكتسب الخبرة والعلاقات التي تخدم توجهاتك المجتمعية والتي من خلالها تستطيع أن تتقدم خطوات سريعة نحو الريادة، فمثلا: اجعل من حولك يعرفون أنك مهتم في مجال البيئة ولديك معلومات وأعمال مجتمعية ومبادرات تخدم بها هذا المجال.

المرحلة الرابعة: النفع المتعدي

أصبحت هنا صاحب معرفة وممارسة وعليك أن تنقل المعرفة للناس من خلال اللقاءات والدورات والمحاضرات والظهور الإعلامي وكتابة المقالات، هذه المرحلة تتطلب منك التمكن في المراحل السابقة حتى تبني جمهورا يثق بخبرتك ومعلوماتك، واحرص على ألا تحرق نفسك بكثرة الظهور غير المدروسة والتي تكون فيها مزعجا لدى أقرانك ممن تخصصوا أو برزوا في نفس مجال قضيتك المجتمعية، كما أن عليك ألا تظهر بمظهر الشخص السلبي كثير الشكوى، ولكن اظهر بمظهر من يعرف المشكلة والحل وهذا كله ناتج عن نجاحك في المرحلتين الثانية والثالثة.

المرحلة الخامسة: الاعتمادية والمرجعية

وصلت معي الآن إلى الريادة، ففي هذه المرحلة يعتمد عليك أقرانك من المهتمين بمجالك المجتمعي والراغبين بالدخول له أو من يريد أن يتعرف عليه بالاستشارة والأخذ بمشورتك والإرشاد نحو المعلومة الصحيحة أو الممارسة الجيدة، كما قد تتسابق عليك المنظمات غير الربحية وغيرها من المنظمات لتكون عضوا معهم أو تحصل على عروض وظيفية جيدة، أو ربما تنفتح لك آفاق أوسع في مجالك فأنت الآن في مرحلة جيدة من العلم والخبرة والقاعدة الجماهيرية التي تُفضلك على غيرك.

أخيرا.. هذه الخريطة لديك فقط عليك أن تبدأ، وإن كنت قد بدأت فراجع مسار رحلتك وتأكد أنك تسلك الطريق الصحيح نحو الريادة، كما أني أنصحك بأن تُخلص لقضيتك فأنت صاحبها والمحامي عنها وليس متاجرا بها، وتذكر أن الله من وراء القصد.

raed_arn@