درباوي

تفاعل
تفاعل

الخميس - 04 أغسطس 2016

Thu - 04 Aug 2016

تتزايد حاجات الشاب وتتنامى رغباته بالتزامن مع تنامي أيامه، وتتخلى نفسه الأمارة بـ (السربتة) عن كمونها وليونتها وتبدأ تحديد طلباتها التي لا راد لقضائها، إما رغبة في معادلة أملاك أقرانه أو تجاوبا مع ترويج دعائيي المصداقية، وهي طلبات لا يملك الأب المغلوب على أمره المسلوب ماله إلا الموافقة عليها حماية لابنه من مشاعر النقص التي ربما تعتريه لو رفضت إرادته.



تشرع نفسه الشابة التي بدأت تتخلى عن قيود الطاعة بمراودته بضرورة اقتناء سيارة يتحمل معها بعض الأعباء الأسرية المتزايدة تخفيفا عن والده وعونا لتلبية احتياجات عائلته اليومية.



امتعاض أهله وعزوفهم عن ركوب سيارته الجديدة بحجة عدم لياقتها دفعه للانشغال بها والتفنن بتزيينها ووضع مساحيق التجميل على بشرتها وتضخيم صوتها دلالة على بلوغها سن الرشد وقدرتها على اقتحام ميادين التحدي المليئة بالخبراء دون وجل.



احتضان الخبراء له في بداياته وتشجيعه على الإبداع والتنامي جعله يقضى شطرا لا بأس به في عالم الانحراف الجديد الذي أصبح فيما بعد أحد رواده البارزين، وأصبح مع تزايد انحرافه يمثل تهديدا أخلاقيا وأمنيا لا يستهان بخطره، فلم يعد يولي اهتماما بما قد يحدث، فإما أن يوضع حد لتجاوزاته وتسيبه بالقبض عليه وضمه لأصحابه الذين سبقوه إلى السجن، أو يعلن التوبة كما أعلنها من سبقوه في مجاله ثم يتفنن في عرض مغامراته المنكرة وذكرياته المخزية على المستعدين لسماعها.



(الدرباوية) خطر عظيم، والانضمام إلى تجمعاتهم شر جسيم وتهديد أخلاقي وإفساد قيمي ونذير سوء وخيبة، وتسطيح المشكلة والتعامل معها ببرود يساهم في تضخمها، وعلى الرعاة أن يدركوا بأن حماسة المراهق تفوق حكمته وعاطفته تسبق عقله ولم يصبح بعد رجلا يسمح له بفعل ما يريد دون نصح أو حساب أو مراقبة، وترك الباب مفتوحا أمامه للخروج متى ما أراد ومع من أراد دون سؤال يعني فقد السيطرة على تحركاته وترك الباب مفتوحا للعودة كذلك متى ما أراد، وحمولة الخير التي يخرج بها ليس بالضرورة أن يعود بها فربما يقذفها في مردم الأخلاق ويحمل مكانها سقط السمات والرذائل.



المجتمع خليط بشري فيه الأخيار والأشرار والفجار والمهديون والصالحون ومن هم دون ذلك، والراغبون في الخير والعازفون عنه وكل طير منهم يقع على شاكلته، وصداقات السوء التي يعتمد قوامها على المصلحة معقدة يصعب ربطها ثم يصعب حل عقدها وتفكيكها.



الناس ليسوا سواسية، ووجود حمالة المناقب وحسنى الصفات في المجتمع لا يعني صلاح جميع أفراده، فكذلك يوجد فيه أشرار البرية وعفاريت الإنس الذين تحملهم نياتهم ونفوسهم الأمارة بالسوء على تخليص ما لدى الآخرين من خير، وتليين قلوبهم لضمهم لمصاف الأشرار.



تدليل الشاب في مقتبل عمره وتلبية جميع رغباته والموافقة على كل مطالبه والإذعان لها دون قيد يمهد له طريق الانحراف المستعد لاحتضانه.