الموروث الشعبي .. مهمة استبقاء

تفاعل
تفاعل

الخميس - 04 أغسطس 2016

Thu - 04 Aug 2016

مع باب الإنشاد عاد للدمة حضور بهي وإطراب نقي على الخطوط الطويلة والليالي السامرة والآذان الطربة بعد أن احتل إنشاد النبطي هذه المساحة التي هو أيضا احتلها علي رجاء بلمليح وأريام وخالد عبدالرحمن وميحد حمد وأقرانهم.



عادت الدمة كما يجب أن تكون وبحناجر الذين رضعوا اللهجة التهامية والتي اعتبرها الأهم في الدمة بعد الوزن. لتصل إلى الآفاق وتسري في العروق الطربة للشباب الذين سيستلمونها تركة لجيلهم... رغم أنها منذ القدم حماسية، فهي للحرب والترحيب والوفود على آخرين ذات قواف سهلة ونفس سريع تبحر في المدح والفخر والترحيب، بعكس السمرة التي تخضب لياليها بالغزل والتي أيضا وجدت من رفع شأنها وأعاد لها أصالتها ووهجها البدوي المرهف والصادق، ألا وهي فرقة ولد أسلم الشعبية والتي شاركت في مهرجان أبها لهذا العام، رغم أن المسرح والتنظيم والرسمية عوامل تقيد الفنون الشعبية.



إلا أن هذه الفرقة الجميلة الأصيلة حتى في اللبس جعلتني أؤمن بأن هذه القيود تتحطم أمام من يمارس هذه الفنون تركة أجداد وليس حرفة استثمار، وخلقت لدي أيضا شكا في مقولة «السمرة لا تصلح إلا في مسقط رأسها الذي هو الظلام». فأصبحت أراها شارقة في كل مكان وتحت أي ظرف ويا ليت جمعية الثقافة والفنون التي لا تعرف أن تدعونا ليلة من الليالي لسمرة أو دمة على شرفها وفوق مسرحها، تهتم ولو بدعم المحافظين على الموروث الشعبي من الفنون الأصيلة والرئيسية في تهامة التي هي الدمة والسمرة وما اندثر أيضا منها، تنقب عن المبدعين مثل فرقة ولد أسلم وتسعى جاهدة مشكورة في البحث عن وجوه أفضل وشابة بدلا من محسوبياتها وفرقها الأشهر منها، والتي أغمض عيني الآن وأتخيلها أمامي بالترتيب «والمدول» قدامها.



ولو أعلم أن جمعية الثقافة والفنون هي من اكتشف لنا هذه الفرقة وأخرجها من خلال مسرح الفعاليات بسودة عسير لنمت قرير العين وتأكدت أنها قامت بواجبها نحو الفنون الشعبية كما قامت بواجبها نحو الذي يناسب ذوقها، ولاطمأن قلبي أيضا على موروثنا الذي أرى أنهم ينهشونه حيا بالابتداع في الدمة والعزوف عن السمرة نحو الخطوة التي أتمنى من الباحثين في هذا المجال أن يخرجوا لنا بتاريخها موثوقا موثقا.