استراحة مع تساؤلات القراء الأعزاء!!
السبت - 27 نوفمبر 2021
Sat - 27 Nov 2021
قبل أيام قليلة كنت في (الديرة) أحضر عزاء قريب لي، -رحمه الله-، وبينما كنت جالسا إذ جاءتني رسالة على (الواتس) من موظف رفيع في إحدى الجامعات، فوجدتها مقالا محولا، لم أقرأه إلا بعد عودتي إلى البيت مساء، وعندما فرغت من قراءة بعضه وجدته عاديا، لا يحمل فكرة أو وجهة نظر معتبرة، أو حتى معلومة قيمة، إلا أنه أعطاني انطباعا لوقع ما أكتبه، وهذا بحد ذاته أمر جيد، فالمقالات الجيدة فوق أنها تعبير عن فكر وثقافة كاتبها، يكون لها وقع وأثر عند الناس، والنظر فيها وتأمل معانيها نزهة ومتعة، وليت أن من يرسل لي مقالات يختار شيئا جيدا ومفيدا أو على الأقل لشخصيات محترمة ومؤثرة.
في الأسبوع الماضي تساءلنا عن الإدارات الجامعية التي تمنح أشباه الباحثين المكافآت السخية، وتقدم لهم كل التسهيلات المادية والمعنوية، وقد ظهرت حيال تساؤلاتنا ردود أفعال متباينة، كثير من أصحابها يرفض هذه الممارسات، ولا يقبلها، ويسعى كما نسعى لتغييرها، والبعض الآخر متناغم معها، ومتورط فيها، ولا يخرج أصحاب هذا النوع عن أصناف ثلاثة: صنف مستنفع وظاهر (ليس بالقليل) يدافع بشراسة، وكأنما يدفع جرما عن نفسه، وقع فيه بإرادته واختياره؛ وصنف مستتر، شعر بالخجل من فعلته، وأخذ يضع يده على قلبه خوفا من أن يفتضح أمره وتذهب هيبته؛ وصنف ثالث من فئة (ودت البغي) يدّعي الأخلاق ويُشَرْعِنُ ما خالف أدبيات النشر وأخلاقيات البحث العلمي، ويتملق بمقال أو تغريدة للإدارات التي تتقاطع معها مصالحه أو يدين لها بالفضل عليه!
اتصل بي أحد الفضلاء مفجوعا يقول: دخلت على WoS وبدأت أبحث في الشبكة، حيث أكتب اسم الباحث، وأحدد جامعته، فتأتيني المعلومات في ثوان معدودات، ثم يضيف ويقول: بحثت عن (تصور حياة) فوجدت ما جاء في مقالك كفلق الإصباح، لمن أراد مثلي الحقيقة والإيضاح، وسكت قليلا يستجمع كلماته، ثم قال مندهشا: بحثت عن أساتذة كبار، كنا نعدهم من الأخيار، اتخذناهم مثالا فسقطوا في أول اختبار! ثم اختتم اتصاله مستنكرا بقوله: ألا يشعر هؤلاء بالخجل! فقلت له: لا، لا خجل ولا حياء ما دامت بدلات التميز تتدفق في جيوبهم بلا انقطاع.
الجميل في اتصالات الفضلاء وتساؤلاتهم النوعية المميزة أنها تعكس وعي الناس بما يدور في دهاليز الجامعات، هذا الوعي الذي جعلهم يبحثون عن الحقائق بأنفسهم، فما عادت تنطلي عليهم أخبار: أكبر جامعة، وأعرق جامعة، وأول جامعة، وعلماء الـ 2%، وسوالف الإدارات التقليدية و(شلل) المستنفعين، وهذا الوعي بالوضع الأكاديمي المحلي أمر مبشر بالخير، ويدعو للتفاؤل والارتياح، والرهان على الوعي رهان رابح، ولا يخسر صاحبه أبدا، وبه تتحقق محاولاتنا الجادة للقضاء على كل أنواع وصور الفساد، أينما وحيثما وجد.
ويتساءل قارئ آخر: هل ما نكتبه هو جلد للذات وتقليل من الإنجازات! لا طبعا، ولكنه تحفيز للتعرف على الذات، وبذلها على مجابهة الصعاب والتحديات، واستنهاض هممها وطاقاتها وكل ما لديها من نوازع التفوق وبواعث التميز، وجلد (للبليد) إن شئتم، ولا بأس في ذلك، ولولا أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة تجديد وتطوير حقيقية، لربما اتبعنا مع الإدارات المرهفة والمترفة أسلوب معلمي الصفوف الأولية، وشجعناهم بالهدايا وكلمات الشكر والثناء، وقلنا لهم (برافو يا حلوين) لئلا تُكسر خواطرهم أو تتأثر مشاعرهم!
إن لم تكن قائدا أكاديميا مبجلا، ونجما لامعا، وإداريا متمكنا، وفيلسوفا مفكرا، فلا تنتظر من ناقد متحرر من كل المصالح أن يثني على عملك، ولا تتوقع أن يصمت على تعثرك وإخفاقك، فالواقع يقول إننا في عصر جديد لا مكان فيه للمجاملات على حساب العمل الجاد، ولا مكان فيه للإدارات الضعيفة المتعثرة على حساب القيادات الوطنية المخلصة، فإما أن تكون وطنيا بارزا، وفاعلا ومميزا، خاصة في هذه المرحلة المهمة من مراحل النهضة الوطنية، وإلا فلا مكان لك بين العمالقة من رجالات الوطن الأوفياء!
drbmaz@
في الأسبوع الماضي تساءلنا عن الإدارات الجامعية التي تمنح أشباه الباحثين المكافآت السخية، وتقدم لهم كل التسهيلات المادية والمعنوية، وقد ظهرت حيال تساؤلاتنا ردود أفعال متباينة، كثير من أصحابها يرفض هذه الممارسات، ولا يقبلها، ويسعى كما نسعى لتغييرها، والبعض الآخر متناغم معها، ومتورط فيها، ولا يخرج أصحاب هذا النوع عن أصناف ثلاثة: صنف مستنفع وظاهر (ليس بالقليل) يدافع بشراسة، وكأنما يدفع جرما عن نفسه، وقع فيه بإرادته واختياره؛ وصنف مستتر، شعر بالخجل من فعلته، وأخذ يضع يده على قلبه خوفا من أن يفتضح أمره وتذهب هيبته؛ وصنف ثالث من فئة (ودت البغي) يدّعي الأخلاق ويُشَرْعِنُ ما خالف أدبيات النشر وأخلاقيات البحث العلمي، ويتملق بمقال أو تغريدة للإدارات التي تتقاطع معها مصالحه أو يدين لها بالفضل عليه!
اتصل بي أحد الفضلاء مفجوعا يقول: دخلت على WoS وبدأت أبحث في الشبكة، حيث أكتب اسم الباحث، وأحدد جامعته، فتأتيني المعلومات في ثوان معدودات، ثم يضيف ويقول: بحثت عن (تصور حياة) فوجدت ما جاء في مقالك كفلق الإصباح، لمن أراد مثلي الحقيقة والإيضاح، وسكت قليلا يستجمع كلماته، ثم قال مندهشا: بحثت عن أساتذة كبار، كنا نعدهم من الأخيار، اتخذناهم مثالا فسقطوا في أول اختبار! ثم اختتم اتصاله مستنكرا بقوله: ألا يشعر هؤلاء بالخجل! فقلت له: لا، لا خجل ولا حياء ما دامت بدلات التميز تتدفق في جيوبهم بلا انقطاع.
الجميل في اتصالات الفضلاء وتساؤلاتهم النوعية المميزة أنها تعكس وعي الناس بما يدور في دهاليز الجامعات، هذا الوعي الذي جعلهم يبحثون عن الحقائق بأنفسهم، فما عادت تنطلي عليهم أخبار: أكبر جامعة، وأعرق جامعة، وأول جامعة، وعلماء الـ 2%، وسوالف الإدارات التقليدية و(شلل) المستنفعين، وهذا الوعي بالوضع الأكاديمي المحلي أمر مبشر بالخير، ويدعو للتفاؤل والارتياح، والرهان على الوعي رهان رابح، ولا يخسر صاحبه أبدا، وبه تتحقق محاولاتنا الجادة للقضاء على كل أنواع وصور الفساد، أينما وحيثما وجد.
ويتساءل قارئ آخر: هل ما نكتبه هو جلد للذات وتقليل من الإنجازات! لا طبعا، ولكنه تحفيز للتعرف على الذات، وبذلها على مجابهة الصعاب والتحديات، واستنهاض هممها وطاقاتها وكل ما لديها من نوازع التفوق وبواعث التميز، وجلد (للبليد) إن شئتم، ولا بأس في ذلك، ولولا أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة تجديد وتطوير حقيقية، لربما اتبعنا مع الإدارات المرهفة والمترفة أسلوب معلمي الصفوف الأولية، وشجعناهم بالهدايا وكلمات الشكر والثناء، وقلنا لهم (برافو يا حلوين) لئلا تُكسر خواطرهم أو تتأثر مشاعرهم!
إن لم تكن قائدا أكاديميا مبجلا، ونجما لامعا، وإداريا متمكنا، وفيلسوفا مفكرا، فلا تنتظر من ناقد متحرر من كل المصالح أن يثني على عملك، ولا تتوقع أن يصمت على تعثرك وإخفاقك، فالواقع يقول إننا في عصر جديد لا مكان فيه للمجاملات على حساب العمل الجاد، ولا مكان فيه للإدارات الضعيفة المتعثرة على حساب القيادات الوطنية المخلصة، فإما أن تكون وطنيا بارزا، وفاعلا ومميزا، خاصة في هذه المرحلة المهمة من مراحل النهضة الوطنية، وإلا فلا مكان لك بين العمالقة من رجالات الوطن الأوفياء!
drbmaz@