اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والتهيئة المطلوبة من القطاعات على تنوعها
السبت - 20 نوفمبر 2021
Sat - 20 Nov 2021
يعتبر اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه Attention deficit hyperactivity disorder (ADHD) أحد أكثر اضطرابات النمو العصبية شيوعا، يرجع السبب لزيادة التوعية به والتعريف بأعراضه وتشخيصه، يتم تكثيف التوعية به سنويا في شهر أكتوبر، المؤسف أن عددا كبيرا من المصابين لا يعلمون بإصابتهم، وتستمر معاناتهم مع أعراضه بصمت. تظهر الأعراض في سنوات العمر الأولى، لكن غالبا ما يتم اكتشافها بعد بدء المراحل الدراسية الأولى التي تكشف ضعف التركيز وتشتت الانتباه عند الأطفال، تستمر المعاناة مع هذا الاضطراب حتى أعمار متقدمة، في بعض الحالات تخف وطأته وتأثيره مع التقدم في العمر نتيجة لزيادة الوعي بأعراضه ومعرفة السيطرة عليها.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يظهر بأحد أنواعه الثلاثة: النوع الأول هو تشتت الانتباه (ADD)، النوع الثاني تظهر عليه زيادة النشاط الحركي والاندفاعية، والنوع الأخير هو النوع المركب وتظهر عليه أعراض تشتت الانتباه وزيادة النشاط الحركي. لا يزال السبب الرئيس للإصابة غير معروف إلا أن الدراسات تشير إلى أن إصابة 75% هي لأسباب وراثية، بينما الأسباب الأخرى هي أسباب غذائية كتناول أطعمة تحتوي على بعض أنواع الألوان الصناعية وتم منعها في عدد من الدول، وأسباب بيئية كالتعرض لبعض أنواع المبيدات الحشرية أو الرصاص أو النيكوتين.
أشارت إحدى المقالات في المجلة الطبية لمستشفى الحرس الوطني السعودي أن نسبة 7% من أطفال العالم مصابون بهذا الاضطراب، 60% منهم تستمر معاناتهم لمرحلة الشباب، حيث إن الأعراض تبدأ في المراحل العمرية الأولى وتستمر لمرحلة الشباب والنضج، لكن بأعراض ومشكلات مختلفة، كما أوضح المقال أن نسبة الأطفال المصابين داخل السعودية هي 15.50%، نسبة من ستستمر معه الأعراض لمرحلة الشباب قد تتجاوز النصف، وهي نسبة تستدعي الاستعداد الأمثل لمواجهتها.
هذا المقال لا يهدف لمناقشة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الناحية الطبية، بل يهدف لتسليط الضوء على ضرورة زيادة التوعية المجتمعية وفي القطاعات المختلفة؛ لأن خطة العلاج عبارة عن تعاون سلسلة متكاملة من الأطراف لتقليل معاناة المصابين، وإدماجهم أكثر في المجتمع؛ ليكونوا أكثر شبه بنظرائهم غير المصابين، وهذا سيشعرهم بالراحة والاطمئنان النفسي وهو الهدف من العلاج.
بعد التشخيص يخضع الطفل المصاب لخطة علاج مكونة من أربعة عناصر: العلاج الطبي ويشمل الأدوية، الإشراف النفسي ويشمل الإرشاد السلوكي، التفهم في المنزل والبيئة المحيطة للأعراض وكيفية التعامل معه، بالإضافة لتفهم المؤسسة التعليمية لطبيعة الاضطراب وكيفية مساعدته لإنهاء تحصيله التعليمي بالطريقة الصحيحة لوضعه.
هذا يضعنا أمام تساؤل وهو هل المجتمع والمؤسسات التعليمية مؤهلة بشكل كاف للتعامل مع المصابين بهذا الاضطراب؟ وذلك لضرورة تلقي المصاب للمساندة الإيجابية والدعم المعنوي من المنزل والمدرسة لمساعدته على تحقيق النجاح على الصعيدين الاجتماعي والعلمي، وهي إحدى العناصر المهمة التي تسهم في بناء وصقل شخصيته؛ ولأن هذا ما سيحدد مصيره مستقبلا، وإلا سيكون معرضا لخطر الفشل الدراسي وما يعقبه ذلك من الانسحاب من المدرسة أو العمل والتعامل مع مشاكله بطريقة خاطئة.
من ضمن الحلول المتبعة في المدارس أن يجلس الطفل المصاب في الصف الأول، وينجز اختباراته في صف منفصل، لتقليل العوامل المشتتة حوله، ومنحه وقتا إضافيا لإنجاز اختباراته نظرا لكثرة تشتته. أما في مؤسسات سوق العمل، فيفضل منح المصاب ميزة الحضور المرن للعمل، ومنحه الأولوية باختيار الدوام الليلي؛ لأن المصابين يعانون، أيضا، من القلق واضطرابات النوم ويواجهون صعوبة الالتزام بالمواعيد الصباحية. بالإضافة لهذا، يفضل منحهم مكتبا منفصلا نظرا لسهولة تشتتهم بوجود مؤثرات حولهم مما سيؤخر إنجازهم للعمل، ويجب كتابة المهام المطلوب منهم إنجازها وليس قولها شفهيا لما قد يحدث من نسيانهم لها أو التشكيك فيما طلب منهم مما سيعرضهم لمزيد من القلق.
تتمثل الخطوة الأولى للتوعية في عمل محاضرات تعريفية، من الحلول المقترحة أن تقوم وزارة التعليم بعمل محاضرات مسجلة ويطلب من أولياء الأمور والعاملين في القطاع مشاهدتها. نفس الاقتراح يمكن أن تطبقه وزارة الموارد البشرية، بتوعية العاملين في قطاعات العمل لمعرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع الموظفين المصابين، وليس اعتبارهم غير مبالين بمواعيد الحضور أو إنجاز المهام في أوقاتها.
بالإضافة لأن تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة التعليم بعمل خطة لتشخيص الطلاب المصابين، حيث إن التشخيص يعتمد على الإجابة على عدد من الأسئلة ومن ثم تشخيصها والإشراف العلاجي بواسطة مختص طبي يعقبها إمكانية إرسال الأدوية بواسطة البريد الدوائي، وهذا يمكن تحقيقه بالكامل عن طريق التعاون عن بعد بين المختص والمصاب حيث إن استخدام وسائل التكنولوجية يسهل التواصل مع أبعد المناطق.
أيضا، وكجزء من المسؤولية المجتمعية، تخصيص أسعار اشتراك مناسبة في النوادي الرياضية للمصابين، حيث تعتبر الرياضة منفذا لهم للتخلص من الشعور بالقلق، ولاستخدام طاقتهم الحركية الزائدة بالطرق الصحيحة، ومساعدتهم على مزيد من الإبداع. أما مستقبلا أن تعمد القطاعات عامة بالاستناد على توصيات مقدمة من مراكز متخصصة في هذا الاضطراب وتنفيذها.
ختاما، بالرغم من التصنيف القانوني لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في عدد من الدول كأحد أنواع الإعاقة، إلا أن هذا لا يعني أن المصابين بهذا الاضطراب أقل إبداعا من نظرائهم غير المصابن أو يعانون من انخفاض معدل ذكائهم، على العكس فنسبة كبيرة منهم تمتاز بشدة الذكاء والتركيز العالي والابتكار في مجالات العلوم والفن والتجارة والرياضة وغيرها، لكنهم بحاجة لتهيئة خاصة تتلاءم مع ظروفهم، منهم على سبيل المثال إسحاق نيوتن، ريتشارد برانسون، مايكل جوردن، والت ديزني، ألبرت أينشتاين، توماس أديسون، مايكل فيليبس، بيل غيتس، ستيف جوبز، أغاثا كريستي، وجون كينيدي، مما يعني أن السيطرة على أعراض هذا الاضطراب ممكنة إذا تحقق الدعم والمساندة المطلوبة من جميع الجهات، وهذا ما يجب تحقيقه بالعمل المشترك.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يظهر بأحد أنواعه الثلاثة: النوع الأول هو تشتت الانتباه (ADD)، النوع الثاني تظهر عليه زيادة النشاط الحركي والاندفاعية، والنوع الأخير هو النوع المركب وتظهر عليه أعراض تشتت الانتباه وزيادة النشاط الحركي. لا يزال السبب الرئيس للإصابة غير معروف إلا أن الدراسات تشير إلى أن إصابة 75% هي لأسباب وراثية، بينما الأسباب الأخرى هي أسباب غذائية كتناول أطعمة تحتوي على بعض أنواع الألوان الصناعية وتم منعها في عدد من الدول، وأسباب بيئية كالتعرض لبعض أنواع المبيدات الحشرية أو الرصاص أو النيكوتين.
أشارت إحدى المقالات في المجلة الطبية لمستشفى الحرس الوطني السعودي أن نسبة 7% من أطفال العالم مصابون بهذا الاضطراب، 60% منهم تستمر معاناتهم لمرحلة الشباب، حيث إن الأعراض تبدأ في المراحل العمرية الأولى وتستمر لمرحلة الشباب والنضج، لكن بأعراض ومشكلات مختلفة، كما أوضح المقال أن نسبة الأطفال المصابين داخل السعودية هي 15.50%، نسبة من ستستمر معه الأعراض لمرحلة الشباب قد تتجاوز النصف، وهي نسبة تستدعي الاستعداد الأمثل لمواجهتها.
هذا المقال لا يهدف لمناقشة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الناحية الطبية، بل يهدف لتسليط الضوء على ضرورة زيادة التوعية المجتمعية وفي القطاعات المختلفة؛ لأن خطة العلاج عبارة عن تعاون سلسلة متكاملة من الأطراف لتقليل معاناة المصابين، وإدماجهم أكثر في المجتمع؛ ليكونوا أكثر شبه بنظرائهم غير المصابين، وهذا سيشعرهم بالراحة والاطمئنان النفسي وهو الهدف من العلاج.
بعد التشخيص يخضع الطفل المصاب لخطة علاج مكونة من أربعة عناصر: العلاج الطبي ويشمل الأدوية، الإشراف النفسي ويشمل الإرشاد السلوكي، التفهم في المنزل والبيئة المحيطة للأعراض وكيفية التعامل معه، بالإضافة لتفهم المؤسسة التعليمية لطبيعة الاضطراب وكيفية مساعدته لإنهاء تحصيله التعليمي بالطريقة الصحيحة لوضعه.
هذا يضعنا أمام تساؤل وهو هل المجتمع والمؤسسات التعليمية مؤهلة بشكل كاف للتعامل مع المصابين بهذا الاضطراب؟ وذلك لضرورة تلقي المصاب للمساندة الإيجابية والدعم المعنوي من المنزل والمدرسة لمساعدته على تحقيق النجاح على الصعيدين الاجتماعي والعلمي، وهي إحدى العناصر المهمة التي تسهم في بناء وصقل شخصيته؛ ولأن هذا ما سيحدد مصيره مستقبلا، وإلا سيكون معرضا لخطر الفشل الدراسي وما يعقبه ذلك من الانسحاب من المدرسة أو العمل والتعامل مع مشاكله بطريقة خاطئة.
من ضمن الحلول المتبعة في المدارس أن يجلس الطفل المصاب في الصف الأول، وينجز اختباراته في صف منفصل، لتقليل العوامل المشتتة حوله، ومنحه وقتا إضافيا لإنجاز اختباراته نظرا لكثرة تشتته. أما في مؤسسات سوق العمل، فيفضل منح المصاب ميزة الحضور المرن للعمل، ومنحه الأولوية باختيار الدوام الليلي؛ لأن المصابين يعانون، أيضا، من القلق واضطرابات النوم ويواجهون صعوبة الالتزام بالمواعيد الصباحية. بالإضافة لهذا، يفضل منحهم مكتبا منفصلا نظرا لسهولة تشتتهم بوجود مؤثرات حولهم مما سيؤخر إنجازهم للعمل، ويجب كتابة المهام المطلوب منهم إنجازها وليس قولها شفهيا لما قد يحدث من نسيانهم لها أو التشكيك فيما طلب منهم مما سيعرضهم لمزيد من القلق.
تتمثل الخطوة الأولى للتوعية في عمل محاضرات تعريفية، من الحلول المقترحة أن تقوم وزارة التعليم بعمل محاضرات مسجلة ويطلب من أولياء الأمور والعاملين في القطاع مشاهدتها. نفس الاقتراح يمكن أن تطبقه وزارة الموارد البشرية، بتوعية العاملين في قطاعات العمل لمعرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع الموظفين المصابين، وليس اعتبارهم غير مبالين بمواعيد الحضور أو إنجاز المهام في أوقاتها.
بالإضافة لأن تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة التعليم بعمل خطة لتشخيص الطلاب المصابين، حيث إن التشخيص يعتمد على الإجابة على عدد من الأسئلة ومن ثم تشخيصها والإشراف العلاجي بواسطة مختص طبي يعقبها إمكانية إرسال الأدوية بواسطة البريد الدوائي، وهذا يمكن تحقيقه بالكامل عن طريق التعاون عن بعد بين المختص والمصاب حيث إن استخدام وسائل التكنولوجية يسهل التواصل مع أبعد المناطق.
أيضا، وكجزء من المسؤولية المجتمعية، تخصيص أسعار اشتراك مناسبة في النوادي الرياضية للمصابين، حيث تعتبر الرياضة منفذا لهم للتخلص من الشعور بالقلق، ولاستخدام طاقتهم الحركية الزائدة بالطرق الصحيحة، ومساعدتهم على مزيد من الإبداع. أما مستقبلا أن تعمد القطاعات عامة بالاستناد على توصيات مقدمة من مراكز متخصصة في هذا الاضطراب وتنفيذها.
ختاما، بالرغم من التصنيف القانوني لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في عدد من الدول كأحد أنواع الإعاقة، إلا أن هذا لا يعني أن المصابين بهذا الاضطراب أقل إبداعا من نظرائهم غير المصابن أو يعانون من انخفاض معدل ذكائهم، على العكس فنسبة كبيرة منهم تمتاز بشدة الذكاء والتركيز العالي والابتكار في مجالات العلوم والفن والتجارة والرياضة وغيرها، لكنهم بحاجة لتهيئة خاصة تتلاءم مع ظروفهم، منهم على سبيل المثال إسحاق نيوتن، ريتشارد برانسون، مايكل جوردن، والت ديزني، ألبرت أينشتاين، توماس أديسون، مايكل فيليبس، بيل غيتس، ستيف جوبز، أغاثا كريستي، وجون كينيدي، مما يعني أن السيطرة على أعراض هذا الاضطراب ممكنة إذا تحقق الدعم والمساندة المطلوبة من جميع الجهات، وهذا ما يجب تحقيقه بالعمل المشترك.