عبدالمولى زهيميل

الفأل

الخميس - 18 نوفمبر 2021

Thu - 18 Nov 2021

قال الرسول عليه الصلاة والسلام «لا طيرة وخيرها الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم». وقد ورد في شرح الحديث أي خير تلك الظنون هو الفأل وهو الكلمة الصالحة.

وفي ظني قد يكون الفأل من الإنسان لغيره ويكون من الإنسان لنفسه، وما يهمنا هنا ما يكون من الإنسان لنفسه، وهو محور الحديث في هذا المقال.

إن تلك الظنون التي تدور بين المرء ذاته، ويسرها في نفسه أحيانا، ويبديها أحيانا أخرى تنعكس على تصرفاته، وتعمل بها جوارحه؛ فإما أن تدفعه إلى الإقدام أو الإحجام، وإما أن يتحرك إلى الأمام أو يتراجع إلى الخلف، إما أن يفرح ويسعد أو يكتئب ويحزن، فإن كانت صالحة تجعله يحسن الظن بربه، وتشرح صدره، وتريح فؤاده، وتساعده على السعي في قضاء مهماته وإتمامها.

فالفأل الحسن -إن قلنا أن هناك فأل شر أو سيئ- هو تلك اللغة الإيجابية المسبوقة بأفكار إيجابية يتفوه بها الإنسان، وتظهر آثارها على واقع حياته، وقد أثبت علم النفس الحديث أن هناك قوانين نفسية مثل قانون الجذب الذي ينص على أن الأفكار الإيجابية تعطي نتائج إيجابية والأفكار السلبية تعطي نتائج سلبية، ولعل من المناسب في هذا السياق أن نذكر قصة خبيري شركة باتا التي يعرفها الكثير منكم، فقد أرسلت الشركة خبيرين إلى أفريقيا للبحث عن فرصة استثمارية فكان رد أحدهم للشركة أن الفرصة الاستثمارية غير ممكنة؛ لأن الناس لا يلبسون أحذية فالجميع حفاة، أما الثاني كانت نظرته إيجابية فكان رده أن الفرصة مناسبة وغير مسبوقة، وسوق الأحذية واعد، أخذت الشركة برأي الثاني الذي نظر للأمور نظرة إيجابية وكان الاستثمار في أفريقيا قفزة كبيرة لصالح الشركة، انظر كيف اختلفت الزوايا التي نظر منها خبيرا باتا إلى أفراد مجتمع بلا أحذية أحدهم نظر نظرة سلبية وكادت الشركة تخسر الفرصة بسببه، والآخر نظر نظرة إيجابية وكسبت الشركة بسببه وحققت أرباحا استثمارية في تلك القارة.

إن حياتنا تبدأ بالأفكار التي تتحول إلى لغة ثم إلى سلوك لتحدد مصير شخص أو مؤسسة أو شركة.. إلخ، يقول الفيلسوف الصيني لاتسو: «راقب أفكارك؛ لأنها ستتحول إلى كلمات، وراقب كلماتك؛ لأنها ستصبح أفعالا، وراقب أفعالك؛ لأنها ستتحول إلى عادات، وراقب عاداتك؛ لأنها ستكون شخصيتك، وراقب شخصيتك؛ لأنها ستحدد مصيرك»، وكل ذلك منشأه الفأل الحسن فكما تقول هيلين كيلر وهي الأديبة الأمريكية التي هاجمتها الأمراض في عمر الزهور «optimism is the faith that leads to achiement» أي التفاؤل الحسن هو الإيمان الذي يقودك إلى الإنجاز، ويقول الشاعر العربي:

«احفظ لسانك لا تقول فتبتلى إن البلاء موكلٌ بالمنطق»،

وفي الحقيقة لم أر في حياتي صاحب أفكار سلبية ولغة سلبية وصل إلى حياة ناجحة، ولقد رأيتها معادلة أفكار إيجابية + لغة إيجابية+ سلوك إيجابي = حياة ناجحة إن شاء الله، والعكس صحيح.

فالفأل الحسن -أيها الأحباب- تلك الإيجابية التي تتدفق من أفواه الإيجابيين، وتنساب في جداول الحياة؛ لتنبت لهم النجاح والفلاح بعد أن بذروا بذور التفاؤل وسقوها بسعيهم ومثابرتهم وحسن ظنهم بالله عز وجل فأزهرت لهم الحياة وأثمرت وجفت حياة أولئك المتشائمين الساخطين وأصبحت حياتهم هشيما تذروه إحباطاتهم. فكن من أصحاب التفاؤل الحسن وستدهشك النتائج بإذن الله.

alsadryabd@