غسان بن محمد عسيلان

هل يؤيد علم الجينات الشذوذ الجنسي؟!

الاثنين - 15 نوفمبر 2021

Mon - 15 Nov 2021

من أخطر الأكاذيب التي يتم ترويجها عالميًّا منذ عقود الزعم بأن الشذوذ الجنسي أمرٌ طبيعي لدى البشر، وللإمعان في الخداع والتضليل يسمونه «المثلية الجنسية» ليتقبله الناس بشكل أكثر تسامحًا، وللأسف الشديد ففي السنوات الأخيرة يتم الترويج لهذه الفرية في مختلف وسائل صناعة الفكر والثقافة وأكثرها نفوذًا في بناء ميول وتوجهات الناس، وفي مقدمتها (هوليود) قلعة صناعة السينما العالمية، فضلًا عن القنوات الفضائية والأرضية ومحطات الإذاعة، ومعظم الصحف ودور النشر العالمية، ومقاطع اليوتيوب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي!!

وفي الجملة يمكن القول: إنه يتم الترويج للشذوذ الجنسي عبر وسائل الإعلام التقليدي والجديد بمختلف الطرق وشتى السُّبل والوسائل، سواء عبر البرامج المباشرة والموجهة، أو من خلال ممارسة الشذوذ بشكل جذاب في الأعمال الدرامية؛ لفرضه كأمر واقع يمارسه البشر!! وأبرز دليل على ذلك شبكة (نت فيلكس) التي يكاد لا يخلو فيها عمل درامي من ممارسة الشذوذ الجنسي بهدف ترسيخه وفرضه كواقع مُعاش في حياة الناس؛ ليألفه الجمهور، ويتقبلونه ويتعايشون معه!!

وبعد الدراما تأتي ترسانة من البرامج التي تُناقش (الشذوذ الجنسي) بمختلف الطرق والوسائل الإعلامية لإقناع الجماهير بأنه ميول طبيعية لدى البشر، وبالتالي فهو حق مشروع وليس عيبًا ولا انحرافًا أخلاقيًا، ولا خللًا نفسيًا وشذوذًا لدى فاعله ومرتكبه الذي يقترف إثمًا دينيًّا وجُرمًا كبيرًا بفعله هذه الفاحشة!!

وللأسف فقد بلغت هذه الفرية العالمية منتهاها عبر أكذوبة كبرى تزعم أن الشذوذ الجنسي أمر مرتبط بالجينات التي تتحكم في تكوين الإنسان ورغباته وميوله ونزعاته، وأنه ميل غريزي موروث في الحمض النووي يولد به «الشخص الشاذ»، ولا يمكن إزالته منه، وبالتالي فحسب هذا الزعم ينبغي التسامح مع هذا (الشاذ) ويجب تقبُّله في المجتمع، والتعامل معه بشكل عادي كغيره من الناس!!

لكن العلم التجريبي يدحض هذه الافتراءات والمزاعم الكاذبة؛ إذ تؤكد الدراسات العلمية التي أجريت في عدة جامعات عالمية أن «الشذوذ الجنسي» ليس خللا جينيًّا، ومن ذلك الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة «نورث ويستيرن» الأمريكية في عام 2014م، فقد قاموا في هذه الدراسة بفحص الحمض النووي لـ (400) شخص من الشواذ جنسيًّا، ولم يعثر الباحثون على «جين» واحد مسؤول عن شذوذهم وتوجههم الجنسي!! وأكد الباحثون أن هذا الميل الجنسي الشاذ ما هو إلا سلوك شخصي لهؤلاء الأشخاص دفعهم إليه ترويج دعائي جعل فعلهم مقبولًا أخلاقيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا بالنسبة لهم، وبالتالي فهو لا يمثِّل لهم انحرافًا أخلاقيًّا لكونه - في زعمهم - سلوكًا شخصيًّا وحقًّا من حقوقهم!!

وفي الواقع فإن هناك حملة قامت - وما تزال - بالترويج للشذوذ في مختلف أنحاء العالم، وقد أدى ذلك إلى تغيير قناعات قطاعات من المجتمع الغربي بشأن قبول مسألة الشذوذ الجنسي، والتعامل معها باعتبارها مسألة حرية شخصية ليس فيها اعتداء على حق أحد ما دامت تتم هذه العلاقات الشاذة بالتراضي الذي يُعبر عن ميول الأشخاص ورغباتهم!!

وفي ذلك يقول الأخوان «نيل وبريار وايتهيد» في كتابهما (جيناتي جعلتني أفعلها): «إن المجتمع الغربي تعرَّض لحملة من الخداع والتضليل طوال الثلاثين عامًا الأخيرة؛ جعلت مؤسساته العامة - من المشرعين إلى القضاة، ومن الكنائس إلى التخصصات الصحية - تؤمن أو تعتقد بأن «المثلية الجنسية» موروثة عضويًا، وبالتالي لا يمكن تغييرها».

وفي مطلع التسعينات من القرن العشرين عندما أقيمت مظاهرة في العاصمة الأمريكية واشنطن للدفاع عن الشذوذ الجنسي وعمَّا سُمي بحقوق الشواذ لكونهم قد ولدوا بهذا الميل الجنسي في جيناتهم، أنكر علماء الجينات ذلك وأعلنوا زيف هذه المزاعم والادعاءات، وقالوا إن الأبحاث العلمية تؤكد عدم وجود جينات تُسبب ما يُسمى بالميول الجنسية الشاذة!!

وممن رفض أكذوبة الميل للشذوذ لأسباب جينية ورد عليها الدكتور جعفر شيخ إدريس، حيث أكًّد أن القرآن الكريم يُكَذب هذه المزاعم ويفنِّدها؛ إذ يخبرنا الله تعالى في محكم آياته أن قوم لوط كانوا هم أول من ارتكب فاحشة الشذوذ، قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) فلو كانت هذه الفاحشة أمرًا طبيعيًّا كما يزعم البعض لما ذمَّهم الله تعالى على فعلها، لكن الشذوذ الجنسي فاحشة تدمر الفرد والمجتمع نظرًا لما تجلبه من أمراض فتاكة، وما تتسبب فيه من انهيار منظومة قيم المجتمع وانهيار أخلاقه، ونشر الرذائل والخيانات والعنف والاعتداء بين أبنائه!!

GhassanOsailan@