آلاء لبني

التغيرات المناخية والبيئة

الأحد - 14 نوفمبر 2021

Sun - 14 Nov 2021

المؤتمر الدولي للمناخ 26 ازدهر بالتعهدات والنقاشات التي تضمنت كلمات رنانة بعض منها ركز على بث الخوف وتعظيمه كخطاب رئيس وزراء بريطانيا جونسن الذي يحب دوما إلقاء كلمات تشاؤمية وتحدث عن ساعة نهاية العالم وأنذر بغرق الإسكندرية شنغهاي وميامي! الغريب بما أنه شديد الاهتمام بأقطار العالم نسي أن بريطانيا دولة جزرية، أم هي محصنة من ارتفاع البحر وذوبان الجليد بغرينلاند!

كما شارك الرئيس السابق أوباما بكلمة دعا الشباب فيها (أريد منكم أن تبقوا غاضبين، أريدكم أن تبقوا محبطين) لا أعرف كيف سيساهم المحبط بحل!

تمخض المؤتمر عن تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري ودعم الصندوق الأخضر بـ100 مليار دولار سنويا وخطط مناخية طموحة والحد من الكربون وصفر الانبعاثات والعمل السياسي لتوفير السبل الكافية لتحقيقها، وتعهدت كل من أمريكا والصين بالمزيد من الالتزام في التعاون في مجال التغير المناخي؛ فهما يتصدران قائمة الخمس الأكبر في كمية الانبعاثات الكربونية: الصين، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الهند، روسيا.

مؤشر الأداء المناخي 2021 وضع في الصدارة الدول الاسكندنافية وبريطانيا والمغرب..إلخ بسبب تقدمهم في مجال الطاقة المتجددة وغيره. مع التأكيد على مراجعة أهداف خفض الانبعاثات الوطنية بالاجتماع المقبل.

بعض المنظمات البيئية وجهت اتهامات بعرقلة الجهود الدولية بتقليل استخدام الوقود الأحفوري من قبل بعض أصحاب الهياكل الاقتصادية عالية الكربون على حد قولهم!

هذا الحوار الذي يوجه الاتهام لا يخلق الحلول بل هو جزء من المهاترات غير الواقعية فلا يستطيع العالم التحول السريع؛ فمازال هناك أجزاء من العالم لا تنعم بتوفر الطاقة بشكل دائم!

يجب التركيز على تباحث حلول علمية وعملية تنطلق من الواقع وتحقيق التوازن والتطبيق المرحلي، وما يخص سلاسل التوريد وتطوير جميع التقنيات ومنها الطاقة المتجددة وحلول المنافسة على استخدام الأراضي.

شبكة المصالح والاهتمام العالمي والتغطية الإعلامية ومن يمول المنظمات والدراسات ومن يصنع التغير والدعم المالي والمصالح السياسية، هي من تصنع خارطة التحديات البيئية، فمثلا تنشط المنظمات في تأثير قطاعات معينة وتهاجمها وتتظاهر بالعمى عن تأثير أخرى!

والتضليل أحيانا وتعمد عدم التطرق لمصالح قطاعات وأثرها بغية عدم تسليط الضوء عليها، وتوجيه الزخم نحو زوايا وترك أخرى، لكل مشكلة العديد من العوامل والمسببات بعضها رئيسي أو ثانوي وعوامل أقل تأثيرا؛ فالبيئة محيط متشابك مترابط.

غالبا سمعت عن تأثير التغير المناخي وارتفاع درجة الحرارة والكوارث وتحمض المحيطات..إلخ. لكن حتما الكثير من التحديات البيئية وزواياها يلفها التغافل.

هل حقا يتم تناول الأخطار البيئية بتصد حقيقي؟ أم يتم حل المشكلة باستغلالها بطريقة سائدة؛ فالانتقاء والازدواجية وتضارب المصالح سمة في معالجة القضايا العالمية. لنفهم ونغوص عميقا يجب أن نلم بجوانب عديدة على رأسها المصالح الجيوسياسية التي تشكل النظام العالمي، وملف القضايا البيئية أحد هذه الملفات الذي يخضع لنفس الاعتبارات ويتجه حول ما يخلق منافع ومكاسب ومستثمرين جدد.

طرح مواضيع محددة مثل: الفرد وسلوكه، البلاستيك أحادي الاستخدام، الوقود الأحفوري.

في حين تلقى قضايا أخرى نصيبا من التجاهل أو قليلا من الاهتمام أو معالجة العوامل بشكل منعزل عن بعضها.

فالتركيز على الفرد وخياراته بالانتقال بالدراجة والسيارة الكهربائية وتقليل استخدام المياه..إلخ، لو قام كل الأفراد بذلك؛ فلن يتوقف استنزاف المياه في إنتاج اللحوم والألبان! ولن يتوقف كميات الميثان والنفايات والفضلات وتسربها للمياه وتلويثها، ولن يأتي ذرة من الأثر البيئي للقطاعات الكبرى التي تبلور نمط الاقتصاد، فمثلا لا يستطيع قطاع الشحن استخدام الكهرباء لنقل الحركة التجارية، ولن يزول التلوث بأنواعه الناتج عن الشركات المصنعة ولا الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية.

ربما سمعت بفقد التنوع الحيوي والبيولوجي وقوائم الحيوانات المهددة بالانقراض التي تزداد يوما بعد يوم، مما يؤثر على التوزان البيئي الذي يحافظ على الموارد وسلامة وصحة الإنسان والكائنات الحية؛ لكن لن يحاكي الضجيج الذي يرافق البصمة الكربونية!

نحن على أبواب الانقراض السادس والذي ينجم عن مسببات منها الأنشطة البشرية الناتجة عن الطمع والمصالح التجارية واجتثاث الغابات والقضاء على الموائل وتدمير المواطن وأنماط الزراعة التجارية والصيد الجائر وإبادة أعداد مهولة وأنواع عديدة، فمثلا تجارة العاج تسببت بتناقص أعداد الفيلة ووحيد القرن والقضاء عليهما، وتجارة الجلود وصناعتها تقضي على بعض المفترسات!

وهي على رأس الهرم الغذائي تأكل الحيوانات المريضة والأضعف وغيابها يؤثر في المستوى الثاني وهكذا دواليك. ومن الأولوية حفظ الأنواع كبيرة الحجم وذات الخصوبة المنخفضة التي قد يؤدي اختفاؤها إلى خلل كبير في التوازن البيئي؛ فإذا مات وانقرض حيوان تموت الحيوانات والكائنات التي تعتمد عليه.

ماذا يعني انقراض النحل؟ النحل لا يعني العسل فقط، النحل أحد أهم الملقحات الطبيعية، ثلث طعامنا يعتمد عليها، صدق أو لا تصدق انقراضه سيتسبب بأزمة اقتصادية بارتفاع قيمة المحاصيل واختفاء أخرى.

وبالتأكيد ليس التغير المناخي المتهم الوحيد بل الزراعة والاستخدام المفرط لمبيدات الآفات السامة التي تقضي على الحشرات.

الدعوات لحظر استخدام البلاستيك أحادي الاستعمال أمر لا اختلاف عليه، ولكن ماذا عن أنواع النفايات من البلاستيك الأخرى وماذا عن شباك الصيد التي تسبب قتل الأحياء البحرية، وهي جزء من دوامات نفايات المحيط.

الجميع يعرف بفقد أراضي الغابات وأثره على التنوع الحيوي، لكن تدمير النظام البيئي البحري لا يأخذ ذات الزخم ودور الصيد التجاري وصناعة الأسماك والشباك الجرافة والصيد بالخطأ تسبب انقراض وتلاشي العديد من الأنواع. ماذا عن نهب الشركات متعددة الجنسيات للسواحل لمنافسة الفقراء من الصيادين بقواربهم أو الصيد الذي يمارس بدعم دولي في أفريقيا والذي ينافس الشركات المحلية.

تقليل البلاستيك صواب لكن لو لم يصل البحر أي ذرة بلاستيك؛ فسنستمر بتدمير النظم البيئية البحرية؛ لأن مشكلة الصيد التجاري تقضي على الحياة فيه. لن تجد من يركز عن أثر تلاشي أشكال الحياة البحرية ودورها الحيوي في حجز ومعادلة الكربون؛ فمثلا الحيوانات الكبيرة تمتص الكربون وتعزله. ويلعب ترابط الأنواع مع بعضها دورا في الحفاظ على النظام الايكولوجي؛ فمثلا اصطياد المفترسات يضر الطيور البحرية وذلك بفقد الأسماك التي ترتفع إلى السطح بفضلها، بتناغم عجيب فعندما تصعد الحيتان للتنفس فإنها تلقح العوالق النباتية البحرية التي تمتص كميات من ثاني أكسيد الكربون.

ختاما: نسمع مدلولات الاستدامة وصديق للبيئة ولكن للأسف كثيرا منها صورة من استنزاف الموارد وتخفي ما يحدث فعليا، وتكون كالمسكنات التي تبث الاطمئنان وتجذب الناس للمنتج وتشعر المستهلكين بالرضا وتبرر ارتفاع السعر، الاستدامة جزء من استراتيجية تسويقية.

حين تمسك بالذيل لا يعني أنك قطعت الرأس.

@AlaLabani_1