تحقيق أهدافنا المشتركة يخدم مصالحنا المشتركة

تفاعل
تفاعل

الأربعاء - 03 أغسطس 2016

Wed - 03 Aug 2016

من الأقوال المأثورة «إن القوى العظمى ليس لها أصدقاء، لديها مصالح».



وهذه المقولة يمكن تطبيقها على كثير من الأحداث في حياتنا اليومية. المصالح عبارة عن اهتمامات نحو قضايا مختلفة تجذب انتباه بعض الناس دونا عن الآخرين وينتج عنها السعي إلى تحقيقها قدر الإمكان لما لها من أهمية عند البعض. القول المذكور سابقا يصف هذا الوضع بدقة، الدول ذات السيادة لها مصالحها المختلفة والتي تسعى جاهدة لتحقيقها قدر الإمكان.



التحدي الأكبر ليس فقط تحديد الأهداف بل يمتد لكيفية تحقيق النتائج. الفيلسوف الألماني غوتة قال «كل النظريات رمادية اللون، وشجرة الحياة هي وحدها الخضراء». لهذا في المملكة نقوم بتحديد الأولويات ودرجاتها من الأهمية أولا، ثم ترتيبها وأخيرا الوصول لما يعرف بالمصالح الاستراتيجية. السؤال هنا ماهي الظروف الأكثر ملاءمة لتحقيقها؟ نحن دولة تعتبر حديثة مقارنة بالكثير، وكتب التاريخ تشهد على العديد من الأحداث التي تحققت والتي ستتحقق بعد مواجهة العديد من الصعوبات والتغلب عليها، أحيانا يكون الأصعب على الإطلاق بالانتظار مقارنة بما سبق، ولكن خلال المحاولات المستميتة والمستمرة للوصول إلى التميز الإقليمي، فإننا سوف نتحلى بالعزيمة والإصرار لتهيئة الظروف المثلى لتحقيق أهدافنا.



من المهم معرفة ماهي الاهتمامات ذات الأولوية بالنسبة للمملكة؟ على سبيل الذكر لا الحصر استقرار اليمن، عدم انحيازه للأطراف المعادية للسلام، بالإضافة لرفع مستوى رفاهية الشعبين السعودي واليمني. أيضا، استقرار مصر، قدرتها على الصمود والتقدم بعيدا عن الفوضى والاضطرابات في مرحلة ما بعد مبارك، وقدرتها على أن تكون الشريك الإقليمي في العديد من القضايا المشتركة.



فيما يتعلق بالشأن السوري وجود حكومة بدون بشار الأسد وتكون غير منحازة للجهات المعادية للسلام. أما في الشأن العراقي، فاستقرار العراق، إنهاء الفوضى والقضاء على العنف الذي اجتاح البلاد وأثر عليها سلبيا. كما اليمن وسوريا، فإنه لمن عميق اهتماماتنا أن نرى عراق العروبة لا تستغل لخدمة الأصوات المعادية للسلام واستقرار المنطقة بصفة عامة.



من المصالح الأخرى، أن دول المنطقة ذات السيادة

لا تصدر نداءات التطرف والإرهاب، أو تكون بمثابة منصات إطلاق للأفراد ذوي الفكر المتطرف والتي تهدف لزرع الفتنة وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وبالتزامن مع هذا يجب أن نؤكد أن من مصالحنا المشتركة الحد من انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.



العديد من القضايا والمصالح المشتركة تمس الجانب الإنساني والأخلاقي والتي لا يمكننا تجاهلها. عندما نتواجه مع الشر، ونختار ألا نأخذ موقفا حاسما ضده، يمكن أن ينتج عنه المزيد من الانتشار، في المملكة لا يمكننا التخلي عن هذه القضايا تحت أي ظرف من الظروف ونعمل لإيجاد حل وسط بشأنها.



الجدير بالذكر، أنه لا توجد أي من الدول الكبرى أو الناشئة التي استطاعت تحقيق مصالحها الاستراتيجية دون التعاون مع جهات خارجية. الولايات المتحدة لم تهزم بريطانيا العظمى من بدون مساعدة خارجية خلال حرب الاستقلال، كان هناك تعاون مشترك بين مجموعة من الدول والتي من مصلحتها أن تتخلص دول أمريكا الشمالية من الاضطهاد والاحتلال البريطاني. أيضا، روسيا البلشفية لم تتمكن من هزيمة ألمانيا الاشتراكية من تلقاء نفسها في الحرب العالمية الثانية، كان هناك تحالف مع بعض الشركاء والذين يتقاسمون نفس المصالح وهي عدم رؤية امتداد نفوذ أدولف هتلر في أوروبا.



الولايات المتحدة خاضت الحربين العالميتين الأولى والثانية، بالإضافة للحرب الباردة لمنع استحواذ دولة واحدة لجزء كبير من القارة الأوروبية والهيمنة على منطقة أوراسيا. من الحقائق التاريخية أنه خلال الحربين العالميتين كان الغرض منع ألمانيا النازية من الاستيلاء على المواد الخام في كل من روسيا وأوراسيا. أما في الحرب الباردة فعلى النقيض تماما، كانت لمنع توفر المواد الخام بشكل كاف في كل من روسيا وأوراسيا.



هذا هو وقت التحديات، والذي سيجعل من الدول الناشئة قوة ذات ثقل إقليمي، وأكثر من هذا بكثير، سيكون الطريق مليئا بالتحديات من حين للآخر، ولكن وراء العديد من التحديات هناك فرص لا تقدر بثمن، والأهم قدرة الدول على الخروج من تلك المرحلة بمعرفة وخبرة أكثر مما كانت عليه في السابق.



إذا سلطنا الضوء على النهايات التي أعقبت بعض الصراعات والتي تشهد عليها كتب التاريخ فسنجد أن الولايات المتحدة خرجت من حرب الاستقلال كدولة مستقلة، وتعتبر الآن دولة ذات أقدم نظام جمهوري ودستوري في العالم الغربي مع مبادئ خرجت في تلك الفترة واستمرت حتى يومنا هذا. أيضا، روسيا القيصرية واجهت في ذلك الوقت أكبر غزو شهدته دول العالم في السابق، ضد قائد اشتهر بأنه الأكثر قوة في أوروبا منذ قيصر روما، وصاحب قوة عسكرية لا يستهان به.



باختصار، الحرب العالمية الأولى انتهت بهزيمة ألمانيا النازية وشهدت امتداد نفوذ بريطانيا العظمى ليشمل أراضي جديدة واستمر هذا الحال حتى انعقاد معاهدة باكس بريتانيكا. روسيا البلشفية فقدت الملايين من أرواح الشعب في الحرب العالمية الثانية خلال حربها ضد الحزب الألماني الوطني الاشتراكي، ولكن ظهرت بوصفها واحدة من بين القوتين العظمتين في ذلك الوقت.



أما الولايات المتحدة بعد الحربين العالميتين والحرب الباردة فتحولت من دولة ناشئة لتصبح من أغنى الدول وأكثرها تطورا في تاريخ البشرية.



في النهاية، من المهم معرفة من هي الجهات التي تشاركنا نفس المصالح؟ من هم الشركاء الذين يجدون هذه القضايا ذات أهمية لهم كما هي لنا؟ التحديات تأتي بالفرص، ونحن مقبلون على فرص هائلة. فيما يتعلق بحلفائنا إذا كانت تربطنا نفس المصالح المشتركة، وفي حال أن هذه المصالح مهمة بالنسبة لهم كما هو الحال بالنسبة لنا، هم أيضا سيعملوا جاهدين من أجل المشاركة في النتائج التي تلوح في الأفق.