المناخ والبيئة
السبت - 06 نوفمبر 2021
Sat - 06 Nov 2021
مؤتمر قمة المناخ «كوب 26» يسعى من خلاله المجتمع الدولي لمواجهة تزايد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لمناقشة تغير المناخ وتأثيره على الكوارث الطبيعية، والجفاف والفيضانات وآثار ارتفاع منسوب مياه البحر وخلافه، وإدراج خطط عمل وطنية وإقليمية ودولية للتعامل مع قضايا المناخ وتقييم تأثيراته المحتملة والتكيف معها. وعلى قدر أهمية الموضوع وخطره ولكن بذات الوقت فهو غالبا ما يدار بشكل سياسي لخلق نظام عالمي جديد، وهذا ما يفسر تغير مواقف الدول مثل تغير توجه أمريكا بين الرئيس ترمب وبايدن، وعدم حضور رئيسي الصين وروسيا في هذه القمة.
الوصول لحل يرضي معظم الأطراف باتفاقية المناخ أمر محال عمليا، فللدول المشاركة أجندة سياسية واقتصادية وليس من السهل التوصل إلى اتفاق يرضى الجميع، في ظل العقبات الاقتصادية والعلمية خاصة أن كثيرا من الدول ترى أن اتفاقية المناخ لا تقتصر على التغيرات المناخية من الناحية العلمية، بل إنها اتفاقية اقتصادية سياسية تعمل على إعادة الثروات بين الدول وخلق أنظمة عالمية جديدة، وهذا أمر ليس من وحي الخيال بل هو توجه المرحلة المقبلة.
كالحد من استهلاك البترول ذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقرير مايو2021 أن الطلب على النفط يجب أن ينخفض إلى 24 مليون يوميا بحلول 2050 ولا يتجاوز 100 مليون برميل يوميا.
السؤال هل يستطيع العالم خلق توازن بين تحقيق النمو وما يتبعه من احتياجات الطاقة والحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة؟
التحدي الحقيقي وفق هذا التوجه:
- تخفيض الانبعاثات وزيادة معدلات الكفاءة في إنتاج واستخدام الطاقة وتبني تطوير تقنيات صديقة للبيئة بحيث تقلل كمية الغازات المنبعثة وتخفض نسبة الهدر فيها.
- نقل التكنولوجيا الخضراء والتمويل وبناء قدرات الدول النامية، وضمان انتقال التقنيات وفقا للجدوى الاقتصادية والبيئية للدول النامية. وليس احتكارها!
الكلام النظري سهل لكن الواقع أشد صعوبة.
في الأمد الحاضر والمستقبل القريب قد يعتبر هذا الحديث لا يمثل الواقع، فالعالم يعيش أزمة طاقة بسبب قلة الغاز والفحم، وبايدن يحمل أوبك ذلك ويطالبها بزيادة الإنتاج، وهذا ما يختلف تماما عن المساعي القائمة حاليا من تقليل الانبعاثات، لما أمريكا لا ترفع إنتاجها من النفط! منذ الثورة الصناعية لليوم لم يتم الاستغناء عن الفحم كمصدر للطاقة! عموما الموضوع في جله سياسي انتقائي يمسك بعوامل ويترك أخرى؛ فمثلا إزالة الغابات لصالح الأنشطة الزراعية وغيره تتسبب بإطلاق الانبعاثات الغازية، ولا نجد من يتحدث لوقفها بشكل يمثل حلا واقعيا.
يدفع العالم لتطوير قدراته في الطاقة المتجددة والاستثمار في البنية التحتية الخضراء، مثلا الدول العربية تتمتع بسطوع الشمس طوال العام، مما يعطيها فرصا بمجال الطاقة الشمسية لتكون على خارطة الطريق الأخضر.
كما تدفع الأمم المتحدة لتقليص انبعاثات الاحتباس الحراري والكربون خاصة ومن تلك السبل تقليص نمو الطلب على الوقود الأحفوري وأحد الطرق التي يتم النداء بها تسعير الكربون، ونقلا عن رئيسة تحالف تسعير الكربون بالبنك الدولي بمقابلة تلفزيونية (تسعير الكربون يعد أحد المحفزات لخلق استثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة، كما أن مع ارتفاع سعر الشيء تنخفض نسبة استخدامه، والتسعير سيوفر توليد عائدات للمساعدة على التأقلم، وبناء المعرفة لتسعير الكربون وتوفير التقنية وجاهزية السوق من أجل أسواق الكربون، كما أن مستويات أسعار الكربون يجب أن تكون مرتفعة لتحفيز تغير السلوكيات).
عموما تطبيق أي ضريبة كربون سيؤثر على الصناعات المتعلقة بها خاصة الصناعات كثيفة الانبعاثات. السؤال من سيدفع تلك التكلفة؟ بالطبع المستهلك بالنهاية بمعنى سترتفع قيمة كل شيء بالعالم.
يا ترى هل بعد هذا سيمكن السيطرة على التغير التاريخي للتغير المناخي! هل يمكن التفريق لليوم بين التغيرات المناخية الناتجة عن النشاط البشري وتلك الناجمة عن التغيرات الطبيعية؟ الإجابة لا؛ فلا يقين علمي بقضية الاحتباس الحراري ومع حقيقة مخاطرها، لكن تفسير أسبابها وآثارها مزيج بين التنبؤات العلمية والحدسية والتوقعات والتخمينات.
باختصار صراع الأوساط العلمية والسياسية طويل وعميق، ومهما قيل عن إجماع الخبراء في سلطة تحديد المسؤولية فهو أمر ليس حقيقيا خاصة في الدعوة التي تدار بتقديم التزامات مالية للدول النامية من قبل دول العشرين كونهم ينتجون 80% من الانبعاثات الكربونية؛ فضلا عن عدم القدرة على تحديد حجم وأنماط التغير المناخي المتوقعة ودرجة التباين وآثاره على الأقاليم الجغرافية المختلفة.
وتعمل الخصائص الجغرافية والمناخية في تفاوت الاختلاف لمدى تأثر كل دولة بالآثار البيئية المتوقعة من الاحتباس الحراري؛ فمثلا ذكر العالم فاروق الباز أن الأمطار ستصل بشكل أكبر للأراضي العربية وسوف تتناقص بمناطق تشهد اليوم كميات أعلى من الأمطار! وكلما زادت درجة الحرارة زادت كمية المياه المتبخرة وكلما زادت السحب وزادت الأمطار.
في حين تعبر بعض الأوساط عن خطورة وضع الشرق الأوسط وما يعانيه من حيث يتضمن أنظمة بيئية هشة ويعاني من شح الموارد المائية. عموما المقصد لا حقيقة علمية مناخية كاملة يقينية لليوم.
قضية المناخ تخضع لاعتبارات عديدة كثير منها انتقائي للأسف، فمثلا الكثير من الغازات والانبعاثات والسموم ليست هناك دراسات مستفيضة لقطاعات بأكملها؛ فمثلا ما هو أثر سباق التجارب النووية فوق سطح الأرض والفضاء؟ ماذا عن المفاعلات النووية والإشعاعات والغازات الخطيرة على البيئة، ماذا عن أثر إطلاق الصواريخ إلى الفضاء والأقمار الصناعية المتنوعة التي تحيط الكرة الأرضية ويزخر الفضاء بها وما تبثه من غازات وإشعاعات وحرارة وأثرها على غاز الأوزن في طبقات الجو؛ فضلا عن المخلفات الفضائية التي تملأ الفضاء بعد تعطل تلك الأقمار وانتهاء صلاحيتها، ألا يستحق الموضوع مزيدا من الاهتمام وأثره على الاحتباس الحراري!
وتتباين آراء العلماء كثيرا هناك من يرى أن الأسباب الرئيسة المسببة للاحتباس الحراري تكمن في زيادة انبعاث غازات الدفيئة الممثلة في الملوثات والغازات الصناعية السامة المنبعثة من المصانع وحرائق الغابات وإزالتها بحيث يرى أن الغازات الخطيرة المصنعة غير الطبيعية لا يتم تحللها أو امتصاصها طبيعيا بل تبقى عالقة وهي المسؤولة عن الخلل البيئي. وليس ثاني أوكسيد الكربون المتهم الأول فقط.
جزء من الوضع الحالي يعتمد على تقدير حجم الانبعاثات من المصادر والذي يعد أمرا ضروريا لتقييم مدى تنفيذ الالتزامات الدولية وتتفاوت درجة الدقة عند قياس الانبعاثات من كل مصدر، فقياس الانبعاثات من محطات توليد الطاقة أسهل وأقل تكلفة من قياس انبعاثات مزارع الأبقار والذرة، ووسائل النقل.
أختم: من أكفأ الطرق لمواجهة آثار التغير المناخي زيادة الحلول القائمة على الطبيعة ودور امتصاصها للغازات الدفيئة في الأنظمة الحيوية كزيادة نسبة تشجير الغابات وتقليل عملية إزالة الغابات.
AlaLabani_1@
الوصول لحل يرضي معظم الأطراف باتفاقية المناخ أمر محال عمليا، فللدول المشاركة أجندة سياسية واقتصادية وليس من السهل التوصل إلى اتفاق يرضى الجميع، في ظل العقبات الاقتصادية والعلمية خاصة أن كثيرا من الدول ترى أن اتفاقية المناخ لا تقتصر على التغيرات المناخية من الناحية العلمية، بل إنها اتفاقية اقتصادية سياسية تعمل على إعادة الثروات بين الدول وخلق أنظمة عالمية جديدة، وهذا أمر ليس من وحي الخيال بل هو توجه المرحلة المقبلة.
كالحد من استهلاك البترول ذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقرير مايو2021 أن الطلب على النفط يجب أن ينخفض إلى 24 مليون يوميا بحلول 2050 ولا يتجاوز 100 مليون برميل يوميا.
السؤال هل يستطيع العالم خلق توازن بين تحقيق النمو وما يتبعه من احتياجات الطاقة والحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة؟
التحدي الحقيقي وفق هذا التوجه:
- تخفيض الانبعاثات وزيادة معدلات الكفاءة في إنتاج واستخدام الطاقة وتبني تطوير تقنيات صديقة للبيئة بحيث تقلل كمية الغازات المنبعثة وتخفض نسبة الهدر فيها.
- نقل التكنولوجيا الخضراء والتمويل وبناء قدرات الدول النامية، وضمان انتقال التقنيات وفقا للجدوى الاقتصادية والبيئية للدول النامية. وليس احتكارها!
الكلام النظري سهل لكن الواقع أشد صعوبة.
في الأمد الحاضر والمستقبل القريب قد يعتبر هذا الحديث لا يمثل الواقع، فالعالم يعيش أزمة طاقة بسبب قلة الغاز والفحم، وبايدن يحمل أوبك ذلك ويطالبها بزيادة الإنتاج، وهذا ما يختلف تماما عن المساعي القائمة حاليا من تقليل الانبعاثات، لما أمريكا لا ترفع إنتاجها من النفط! منذ الثورة الصناعية لليوم لم يتم الاستغناء عن الفحم كمصدر للطاقة! عموما الموضوع في جله سياسي انتقائي يمسك بعوامل ويترك أخرى؛ فمثلا إزالة الغابات لصالح الأنشطة الزراعية وغيره تتسبب بإطلاق الانبعاثات الغازية، ولا نجد من يتحدث لوقفها بشكل يمثل حلا واقعيا.
يدفع العالم لتطوير قدراته في الطاقة المتجددة والاستثمار في البنية التحتية الخضراء، مثلا الدول العربية تتمتع بسطوع الشمس طوال العام، مما يعطيها فرصا بمجال الطاقة الشمسية لتكون على خارطة الطريق الأخضر.
كما تدفع الأمم المتحدة لتقليص انبعاثات الاحتباس الحراري والكربون خاصة ومن تلك السبل تقليص نمو الطلب على الوقود الأحفوري وأحد الطرق التي يتم النداء بها تسعير الكربون، ونقلا عن رئيسة تحالف تسعير الكربون بالبنك الدولي بمقابلة تلفزيونية (تسعير الكربون يعد أحد المحفزات لخلق استثمارات ضخمة في الطاقة المتجددة، كما أن مع ارتفاع سعر الشيء تنخفض نسبة استخدامه، والتسعير سيوفر توليد عائدات للمساعدة على التأقلم، وبناء المعرفة لتسعير الكربون وتوفير التقنية وجاهزية السوق من أجل أسواق الكربون، كما أن مستويات أسعار الكربون يجب أن تكون مرتفعة لتحفيز تغير السلوكيات).
عموما تطبيق أي ضريبة كربون سيؤثر على الصناعات المتعلقة بها خاصة الصناعات كثيفة الانبعاثات. السؤال من سيدفع تلك التكلفة؟ بالطبع المستهلك بالنهاية بمعنى سترتفع قيمة كل شيء بالعالم.
يا ترى هل بعد هذا سيمكن السيطرة على التغير التاريخي للتغير المناخي! هل يمكن التفريق لليوم بين التغيرات المناخية الناتجة عن النشاط البشري وتلك الناجمة عن التغيرات الطبيعية؟ الإجابة لا؛ فلا يقين علمي بقضية الاحتباس الحراري ومع حقيقة مخاطرها، لكن تفسير أسبابها وآثارها مزيج بين التنبؤات العلمية والحدسية والتوقعات والتخمينات.
باختصار صراع الأوساط العلمية والسياسية طويل وعميق، ومهما قيل عن إجماع الخبراء في سلطة تحديد المسؤولية فهو أمر ليس حقيقيا خاصة في الدعوة التي تدار بتقديم التزامات مالية للدول النامية من قبل دول العشرين كونهم ينتجون 80% من الانبعاثات الكربونية؛ فضلا عن عدم القدرة على تحديد حجم وأنماط التغير المناخي المتوقعة ودرجة التباين وآثاره على الأقاليم الجغرافية المختلفة.
وتعمل الخصائص الجغرافية والمناخية في تفاوت الاختلاف لمدى تأثر كل دولة بالآثار البيئية المتوقعة من الاحتباس الحراري؛ فمثلا ذكر العالم فاروق الباز أن الأمطار ستصل بشكل أكبر للأراضي العربية وسوف تتناقص بمناطق تشهد اليوم كميات أعلى من الأمطار! وكلما زادت درجة الحرارة زادت كمية المياه المتبخرة وكلما زادت السحب وزادت الأمطار.
في حين تعبر بعض الأوساط عن خطورة وضع الشرق الأوسط وما يعانيه من حيث يتضمن أنظمة بيئية هشة ويعاني من شح الموارد المائية. عموما المقصد لا حقيقة علمية مناخية كاملة يقينية لليوم.
قضية المناخ تخضع لاعتبارات عديدة كثير منها انتقائي للأسف، فمثلا الكثير من الغازات والانبعاثات والسموم ليست هناك دراسات مستفيضة لقطاعات بأكملها؛ فمثلا ما هو أثر سباق التجارب النووية فوق سطح الأرض والفضاء؟ ماذا عن المفاعلات النووية والإشعاعات والغازات الخطيرة على البيئة، ماذا عن أثر إطلاق الصواريخ إلى الفضاء والأقمار الصناعية المتنوعة التي تحيط الكرة الأرضية ويزخر الفضاء بها وما تبثه من غازات وإشعاعات وحرارة وأثرها على غاز الأوزن في طبقات الجو؛ فضلا عن المخلفات الفضائية التي تملأ الفضاء بعد تعطل تلك الأقمار وانتهاء صلاحيتها، ألا يستحق الموضوع مزيدا من الاهتمام وأثره على الاحتباس الحراري!
وتتباين آراء العلماء كثيرا هناك من يرى أن الأسباب الرئيسة المسببة للاحتباس الحراري تكمن في زيادة انبعاث غازات الدفيئة الممثلة في الملوثات والغازات الصناعية السامة المنبعثة من المصانع وحرائق الغابات وإزالتها بحيث يرى أن الغازات الخطيرة المصنعة غير الطبيعية لا يتم تحللها أو امتصاصها طبيعيا بل تبقى عالقة وهي المسؤولة عن الخلل البيئي. وليس ثاني أوكسيد الكربون المتهم الأول فقط.
جزء من الوضع الحالي يعتمد على تقدير حجم الانبعاثات من المصادر والذي يعد أمرا ضروريا لتقييم مدى تنفيذ الالتزامات الدولية وتتفاوت درجة الدقة عند قياس الانبعاثات من كل مصدر، فقياس الانبعاثات من محطات توليد الطاقة أسهل وأقل تكلفة من قياس انبعاثات مزارع الأبقار والذرة، ووسائل النقل.
أختم: من أكفأ الطرق لمواجهة آثار التغير المناخي زيادة الحلول القائمة على الطبيعة ودور امتصاصها للغازات الدفيئة في الأنظمة الحيوية كزيادة نسبة تشجير الغابات وتقليل عملية إزالة الغابات.
AlaLabani_1@