عبدالله محمد الشهراني

التوريد يقاوم تعافي الطيران

الأربعاء - 03 نوفمبر 2021

Wed - 03 Nov 2021

وأقصد بـ «التوريد» ما يسمى بالعربية سلسلة الإمدادات أو بالاصطلاح العالمي «Supply Chain»، وهي شركات كثيرة متنوعة المجالات تلعب دورا أساسيا في عالم الطيران، ولا يمكن للشركات المصنعة للطائرات ولا لشركات الطيران الاستغناء عنها. وتبدأ قائمتها بالشركات المنتجة لطلاء الطائرات إلى تلك التي تنتج الشرائح الالكترونية في حاسبات (كمبيوترات) الطائرة، إلى الشركات المسؤولة عن صناعة مقصورة الطائرة من مقاعد وأرضيات وجدران، مرورا بالشركات المتخصصة في التمديدات الكهربائية والإضاءة.. إلخ.

هذه الشركات هي المسؤولة عن تزويد الشركات المصنعة الكبيرة بأجزاء مهمة من مكونات الطائرات، وتأثر شركات توريد المواد بالجائحة -مؤخرا- بدأ ينعكس على خطط المصنعين وبرامج الإنتاج لديهم، وهذا ما ذكرته بشكل واضح وأجمعت عليه بعض الشركات الكبيرة مثل ايرباص وبومباردير وتيكسترون وجنرال إلكتريك، حين أفادت -بشكل أو بآخر- بأن طلبات الشراء عادت إلى التعافي بشكل تدريجي، لكن شركات التوريد تضعها أمام تحد كبير في ضمان انسيابية الإنتاج والوفاء بمواعيد التسليم.

وشركات الطيران هي أيضا تواجه نفس المشكلة مع الموردين، فالعمليات التشغيلية وبرامج الصيانة لديها تستوجب تغييرا لبعض القطع الاستهلاكية الصغيرة، واستبدالا لبعض الأجزاء الكبيرة في الطائرات. كل تلك الأنشطة تتطلب مواد وقطعا وأجزاء تكون متوافرة في المستودعات، وعدم توافرها بالنسب الكافية سوف يؤثر بكل تأكيد على انضباطية الرحلات إن لم يؤثر على تقليص عددها في الأصل، وهو أمر سوف يبطئ من وتيرة مرحلة التعافي لسوق الطيران.

إن أسباب عدم لحاق الموردين بركب المصنعين وشركات الطيران هي الأخرى منطقية ومقبولة، فشركات التوريد أمام تحد كبير فيما يتعلق بتوفير المواد الخام، من حديد وألمنيوم ونحاس وبعض المواد البتروكميائية، إلى جانب مشكلة التسرب الوظيفي التي عانت منها أثناء الجائحة، مما تسبب في خسارتها لكفاءات فنية «مهرة» كانت تقود الإنتاج بشكل احترافي وبكفاءة عالية. بالإضافة إلى إفلاس بعض الموردين والذي تسبب حاليا في انتقال الأعمال المسندة إليهم لشركات توريد أخرى تعاني هي أصلا من تراكم في الطلبيات وتأخر في التسليم.

ما أود أن أسلط الضوء عليه في هذا المقال، هو أن الشركات المصنعة الكبيرة أعلنت مؤخرا في نتائج الربع الثالث عن تحقيق أرباح كبيرة، وكان من الأجدى والأجدر بتلك الشركات «الرأسمالية» الأنانية، أن تقلل من أرباحها وتسهم في دعم الشركات الصغيرة التي تقوم بتوريد المواد لها، لأنها سوف تؤمن بذلك احتياجاتها من جهة، وتقود مرحلة تعافي سوق الطيران العالمي من جهة أخرى، السوق الذي إن عاد إلى سابق عهده، فستكون الشركات المصنعة الكبيرة هي المستفيد الأول فيه.

ALSHAHRANI_1400@