عبدالرحمن الزهراني

187 جمعية علمية سعودية.. كم لا كيف!!

الأربعاء - 03 نوفمبر 2021

Wed - 03 Nov 2021

تفاوتت الأرقام وتعددت الآراء حول عدد الجمعيات العلمية التي تحتضنها الجامعات السعودية في مختلف التخصصات العلمية، تشير بعض الصحف في تقاريرها وأخبارها إلى أن عددها 56 جمعية، وتارة تشير بعض المواقع الالكترونية إلى أن عددها 133، ومن خلال البحث في شؤون الجمعيات العلمية وجدنا أن عددها الحقيقي 187 جمعية، هذا التباين في الأعداد يذكرنا بسفينة التيتانيك الإنجليزية التي غرقت في المحيط الأطلسي وهي في طريقها من لندن إلى نيويورك في عام 1912م وغرق معظم ركابها وحتى الآن لا أحد يعرف العدد الحقيقي للركاب الذين كانوا على متنها.

ويرجع سبب التباين في أعداد الجمعيات العلمية إلى عدم وجود دليل إجرائي صادر من مجلس شؤون الجامعات، يوضح عدد الجمعيات العلمية ومجالاتها وأرقام التواصل والمواقع الالكترونية لها، عند إصدار هذا الدليل سوف يسهم في تنظيم عمل الجمعيات بحيث يعتبر بحد ذاته رسالة للقائمين أقصد المتنافسين! على رئاستها بأن الجهة المشرعة والمانحة لموافقات تأسيس الجمعيات العلمية على علم ودراية بها وبما يدور فيها.

مواصلة لسلسة المقالات الخاصة بالجمعيات العلمية السعودية.. الحاضر الغائب في حلقته الخامسة، نؤكد اليوم أن عدد 187 جمعية علمية في المملكة عدد كبير جدا، ونفخر بوجود هذا العدد في جامعاتنا العريقة والجامعات الناشئة، مع العلم بأنه لا توجد دولة في العالم تمتلك هذا العدد؛ فمثلا عدد الجمعيات العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية التي عدد سكانها 350 مليونا وبها أعرق جامعات العالم أقل من 100 جمعية علمية، وهذا يدل دلالة واضحة على حرص وزارة التعليم ممثلة في مجلس شؤون الجامعات على دعم حركة البحث العلمي والمجتمعات العلمية، ولكن يبدو أنها اهتمت بالكم وأغفلت الكيف، والنتيجة لا كم ولا كيف؛ فمعظم هذه الجمعيات أرقام ومسميات وكما ذكرنا في المقالات السابقة مجرد حجز أسماء، حيث قمنا بالبحث في معظم محركات البحث العالمية للبحث عن دراسة تقويمية أو مقارنة مرجعية أو أي دراسات ذات علاقة بالجمعيات العلمية السعودية باللغة العربية ولم نجد ما يشير إلى ذلك إطلاقا، وقمنا بالبحث باللغة الإنجليزية Saudi Scientific Societies أيضا لم نجد دراسة واحدة عنها، ولعلنا نجدها فرصة لدعوة هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار التي أقرها مجلس الوزراء في 20-10-1442هـ لانتشال بعض هذه الجمعيات التي تخلد في بيات شتوي على مدار العام للعمل في نفس المسار من خلال اتفاقيات شراكات خصوصا أنها جميعا مدعومة من ميزانية الدولة، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها والمساهمة في صناعة وانتشار المعرفة وتحويلها إلى منتج ملموس يخدم البشرية ويساهم في تحقيق جودة الحياة، خصوصا أنه تصنيف U.S.News للجامعات العالمية الذي اشتمل على 2005 جامعات من 90 دولة منها 14 جامعة سعودية، وهذا أيضا يدعونا للفخر بجامعاتنا، لا نريد أن نخوض في التصنيف ومتطلباته، ولكن كان من المفترض أن تكون الجمعيات العلمية في الجامعات السعودية هي من قاد الجامعات للدخول إلى قوائم التصنيف العالمية بحكم التخصص والخبرة العلمية ومجال عملها.

في المقالات السابقة تطرقنا للعديد من الجمعيات العلمية وإدارات الجمعيات العلمية في العديد من الجامعات السعودية المدعومة بميزانيات مليارية، وكانت جميعها دون مستوى الطموح، وخارج دائرة الاهتمام والتقييم والتقويم، خصوصا أن في كل جامعة إدارة للجمعيات العلمية، ولكن يبدو أنها غير قادرة على القيام بهذه المهمة وهذا الدور على العكس تماما من إدارة الجمعيات العلمية بجامعة الملك سعود التي أسست لعمل مؤسسي واضح المعالم ومعلن للجميع طبقته على 57 جمعية علمية وأعلنته في موقعها الالكتروني وصنفت من خلاله الجمعيات إلى فئات بناء على استمارات ونماذج تقييم معلنة وظاهرة للجميع، وهي الجامعة الوحيدة في المملكة التي تدير الجمعيات العلمية باحترافية، كما تضمن تقريرها الأخير أن التقييم طبق على 54 جمعية وأسقطت من قائمتها 3 جمعيات، كما ذكر التقرير أن من ضمن مهام إدارة الجمعيات العلمية عبارة «إحلال الجمعيات غير الفاعلة والتي لا تمارس مهامها وأنشطتها»، وهذه العبارة غير معترف بها نهائيا في جامعات المنطقة الغربية، بل تعتبرها من مثالم المروءة!!، لذا نجدها تتمسك بجمعيات من عشرات السنين لم تعقد جمعيتها العمومية بعد وما زالت في طور التأسيس، ونتمنى من جميع إدارات الجمعيات العلمية في الجامعات السعودية، الاستفادة من تجربة جامعة الملك سعود، وتقييم جمعياتها وفق أسس علمية ومعايير عالمية تضمن العدالة والإنصاف، وتشجع على الإبداع والابتكار، وتساهم في رقي وازدهار الجامعات.

نقطة ضوء: الفرق بين الإنسان الناجح والآخرين ليس نقص القوة أو نقص العلم ولكن نقص الإرادة.

@DrAlzahrani11