أحمد الهلالي

لبنان أعمى بين فكي تمساح!

الثلاثاء - 02 نوفمبر 2021

Tue - 02 Nov 2021

لبنان يختنق، يحترق، يذوي، يجوع، يعطش، يعيش في الظلام، يتسخ، تهزه الانفجارات، يتداعى، يغرق، يتضاءل، يتقزم، ويتقهقر سريعا إلى الوراء، ولا نعلم أين سيهوي، وهذا الواقع ليس بسبب قرداحي ولا شربل قبله، ولا باسيل ولا غيرهم، فقد تساقطت أوراق شجرة الأرز، وجفت فروعها، وانحنى جذعها منذ صار ذنب إيران رأسا يحكم هذا الوطن الأعمى!

أطفأ حزب الله شمعة رفيق الحريري، ونجا بفعلته فاستمرأ الأمر، ومضى يطفئ كل شمعة تحاول الاتقاد بضياء لا يشبه الضياء الفارسي، وحاك للبنانيين ثيابا من خوف ورعب، خيوطها الأسلاك الشائكة وأزرتها الرصاص، ثم أنشأ فسطاطين، أخضر لمن يسبحون بحمد السيد، وناريا لمن يدعي وصلا بالعرب وأوطانهم، إلا أن يكون عميلا أو جابيا أو مهربا!

جاع اللبنانيون فكان الشاطر حسن منقذهم، فافتتح معسكرات التدريب لحرب اللبنانيين الشرفاء أولا، ثم لحرب الثوار السوريين، ثم لحرب اليمنيين والعراقيين والبحرينيين والسعوديين، وكان شاطرا أيضا؛ فحين جاع الإيرانيون بادر إلى تدشين مصانع الكبتاجون والحشيش والأفيون في بلد الفن والجمال، فضمن وظائف للبنانيين وتحول حتى المزارع البسيط إلى فخامة (مهرب) مخدرات، وكان شاطرا في ترويض السياسيين والمثقفين، حتى أصبحوا أدوات مطواعة يحركها كيفما شاء، وكيفما أملى خامنئي.

قتل الحريري، وقتل الأحرار، وغزا بيروت، وفجر المرفأ بثالث أكبر تفجير في العالم بعد هيروشيما وناجازاكي، واعترف بالمخدرات، وهدد البيطار، ثم أذاع نبأ المئة ألف مقاتل، فماذا يستطيع أن يفعل عون وميقاتي ولحود وجنبلاط والراعي وغيرهم؟ ماذا يفعلون وهم محتجزون في مستعمرة الشاطر حسن، خاضعون لمشيئة خامنئي، لا يملكون إلا طأطأة الرؤوس لمشيئة التمساح الأعظم.

قرداحي وغيره، يسبحون بحمد السيد، يتقربون إلى رضاه زلفى طوعا وكرها، ولا تثريب على الأدوات، ومن هنا فلا موقف يمكن عده موقفا حقيقيا سوى الموقف السعودي ومن احتذته من دول الخليج، فنحن إزاء جبهة إيرانية حقيقية، وكتيبة من الحرس الثوري لا تقل ضراوة عن طهران، كتيبة مدججة بالكره والحقد والمقت، وقد يئس السعوديون والخليجيون، حين باءت جميع محاولات الاحتواء بالفشل، وأصبحت جميع الطوائف اللبنانية تحت عمامة السيد، لا يملكون دفع الضرر عن أنفسهم، فكيف سيستطيعون دفعه عن الأشقاء!

لم تستطع الحكومة اللبنانية إيقاف تصدير الإرهاب الإيراني، ولا إيقاف تصدير المخدرات، ولا كشف قتلة الحريري، ولا قتلة المرفأ، ولا قتلة الإعلاميين والشرفاء، فإلى أين يمكن أن نسير مع هؤلاء العجزة الفشلة؟ وأي حل سيكون أحكم من قطع صلاتنا بهذا الوطن العربي الضرير حتى يستعيد بصره وبصيرته؟ وأما من يرون أن السعودية تتخلى عن قطر عربي لإيران، فأنى للسعودية أن تفتك فريسة قالت للذئب (أنا لك، كلني هنيئا مريئا)!!

سيعلم اللبنانيون أي ضارٍ فتحوا أبوابهم له، وسيندمون آناء الليل وأطراف النهار؛ لأن القادم على لبنان من الملالي أشد وأنكأ، وقد بدأه الشاطر حسن بناقلات الوقود الإيرانية، ليجر لبنان إلى مستنقع العقوبات الدولية، ويزيد من إحكام قبضته عليهم، فكل ما يشهده هذا الوطن الضرير وما سيشهده هو عقاب جماعي على إخراج الأسد، تقوم به تماسيح شرسة لا ترحم، ولهم في العراق أسوة سيئة، فكل ما حدث له كان عقابا على حرب السنوات الثماني.

@ahmad_helali