النظارة السوداء والعصا البيضاء
الأربعاء - 27 أكتوبر 2021
Wed - 27 Oct 2021
من حسن الطالع أن تحدثت قبل عدة أيام مع صديق لي حول مقاطعة برايتون البريطانية، وطبيعتها الخلابة وطقسها الأخاذ، وكيف أن هذه المقاطعة تضم أكبر مركز تأهيلي لفاقدي البصر تحديدا؛ وأجدها فرصة أن تتزامن كتابة هذا المقال مع شهر أكتوبر المخصص للعصا البيضاء الذي تقام فيه الاحتفالات كرسائل دعم للمكفوفين؛ حيث أصدر الكونجرس الأمريكي في عام 1964م قانونا عاما يحافظ على حقوق فاقدي البصر، والذي تم تحديده في الخامس عشر من شهر أكتوبر من كل عام، يعبرون فيه عن أنفسهم وإنجازاتهم وتجاربهم ومنتجاتهم الفكرية والمعرفية والفنية والحرفية بكل فخر واعتزاز، كل في مجاله وتخصصه وهوايته.
فكرة العصا البيضاء ترجع لمخترعها جيمس بيجز عام 1921م الذي كان يقيم في مقاطعة بريستول بإنجلترا، بعدما فقد بصره إثر حادث تعرض له آنذاك واضطرته الحاجه للتفكير باختراع يعينه على تخطي عقبات السير التي كانت تواجهه؛ وقام بعد ذلك بصبغ عصاه الخاصة باللون الأبيض تلافيا لعتمة الطرقات من سائقي العربات من خلال انعكاسات اللون الأبيض لأخذ الحيطة والحذر؛ ومنذ ذلك الوقت أصبحت العصا البيضاء خارطة الطريق لأصحاب النظارات السوداء.
مقاطعة برايتون البريطانية تضم أكبر مركز رعاية في العالم للمكفوفين من المحاربين القدامى بالمملكة المتحدة ويدعى Blind Veterans UK Center، أجد أن فكرة هذا المركز وطريقته الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع المكفوفين أثارت إعجابي من حيث المزايا والإمكانات الراقية التي تم توفيرها لهذه الفئة الغالية التي أثرت وتأثرت وغيرت في المجتمع؛ ومما لفت انتباهي أيضا أن ثمة شعارا يرفعه المركز يوجد على الصفحة الرئيسة بمقدمة الموقع الالكتروني على الشبكة العنكبوتية وهو sight loss” building lives after» ويعني إعادة بناء الحياة بعد فقدان البصر.
في رأيي النفسي والمعرفي أن هنالك ثلاثة تحديات تواجه المكفوفين إجمالا؛ التحدي الأول فقدان الأمان وهو الخوف اللحظي والمستقبلي الذي يخالجهم من ممارسة الحياة الروتينية بشكل طبيعي؛ ثانيا الاستقلالية وهي الاعتماد على الذات أكثر في تلبية الاحتياجات الخاصة، ثالثا الفاعلية وهي الإنجاز الإيجابي المؤثر بإثبات المهارة والجدارة والقدرة على الإنتاجية.
هذه التحديات تم رفع سقف التوقع لها إلى حد كبير مع تغطية كثير من النواحي الجانبية التي أود أن أذكرها وهي:
- الموقع الجغرافي للمركز، وهذا أول تقدير إنساني في إنشاء المبنى أمام شاطئ البحر لمساعدة المكفوفين على الاسترخاء النفسي والبدني.
- تجهيز المبنى وما حوله بكل الوسائل والمعينات في جميع الممرات الداخلية والخارجية، والذي تم تصميمه في الأصل بمقابض فولاذية وانسيابية طولية ممتدة بحيث يشعر الكفيف بكل استقلالية إذا ما أراد أن يخرج إلى شاطئ البحر أو أن يتجه لأي مكان يرغب في الوصول إليه.
- يعتبر المركز مرجعا للاستشارات الطبية والنفسية والأسرية، والذي يقدم خدماته مجانا.
- بيئة المورد البشري الداعم من مشرفين وإداريين ومتخصصين مؤهلين للوجود الفوري لأي طارئ وكل ما يحتاجونه من أمور مادية ومعنوية.
- اللفتة الخاصة للمحاربين القدامى الذين تجاوزت أعمارهم الـ70 تقديرا لهم ولجهودهم الوطنية بعدم التخلي عنهم حتى وإن فارقهم المقربون من أسرهم وعوائلهم وأصدقائهم.
- تفعيل الشعور بالألفة والمحبة بين الجميع من خلال إتاحة الفرصة بالجلوس مع الزوار من خارج المركز لتحقيق الشعور بالإشباع المجتمعي المفقود لدى المكفوفين.
- تحفيز الجانب المهاري والحرفي لكل ما يحتاجه الكفيف لإشعارهم بدورهم المجتمعي وتوقدهم الإبداعي.
- المساعدة على كسر حاجز العزلة النفسية والبصرية والمجتمعية بالألعاب والأنشطة الرياضية كالسباحة والرماية.
- دعم المركز لا يقتصر فقط على الموظفين أو تدخل الدولة ولكن هنالك فرصا متاحة لمن أراد التبرع أو التطوع داخل المركز.
وأنا أستعرض هذا الإنجاز الراقي أستحضر معه الآية الكريمة في سورة النور «ليس على الأعمى حرج»، وهي سورة جمعت التعاليم في السلوكيات الإنسانية وأولها التعامل مع الكفيف؛ لأنهم كانوا قديما لا يأكلون مع الأعمى تقززا وتقذرا وخجلا من تساقط الطعام وطريقة الأكل واحتياجهم لمساعدة الآخرين في الاستدلال؛ فأنزل الله هذه الآيات رفعا للحرج وتحفيزا لكسب الأجر وهذا قمة الاندماج الإنساني والتعامل الأخلاقي والتكافل الاجتماعي.
Yos123Omar@
فكرة العصا البيضاء ترجع لمخترعها جيمس بيجز عام 1921م الذي كان يقيم في مقاطعة بريستول بإنجلترا، بعدما فقد بصره إثر حادث تعرض له آنذاك واضطرته الحاجه للتفكير باختراع يعينه على تخطي عقبات السير التي كانت تواجهه؛ وقام بعد ذلك بصبغ عصاه الخاصة باللون الأبيض تلافيا لعتمة الطرقات من سائقي العربات من خلال انعكاسات اللون الأبيض لأخذ الحيطة والحذر؛ ومنذ ذلك الوقت أصبحت العصا البيضاء خارطة الطريق لأصحاب النظارات السوداء.
مقاطعة برايتون البريطانية تضم أكبر مركز رعاية في العالم للمكفوفين من المحاربين القدامى بالمملكة المتحدة ويدعى Blind Veterans UK Center، أجد أن فكرة هذا المركز وطريقته الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع المكفوفين أثارت إعجابي من حيث المزايا والإمكانات الراقية التي تم توفيرها لهذه الفئة الغالية التي أثرت وتأثرت وغيرت في المجتمع؛ ومما لفت انتباهي أيضا أن ثمة شعارا يرفعه المركز يوجد على الصفحة الرئيسة بمقدمة الموقع الالكتروني على الشبكة العنكبوتية وهو sight loss” building lives after» ويعني إعادة بناء الحياة بعد فقدان البصر.
في رأيي النفسي والمعرفي أن هنالك ثلاثة تحديات تواجه المكفوفين إجمالا؛ التحدي الأول فقدان الأمان وهو الخوف اللحظي والمستقبلي الذي يخالجهم من ممارسة الحياة الروتينية بشكل طبيعي؛ ثانيا الاستقلالية وهي الاعتماد على الذات أكثر في تلبية الاحتياجات الخاصة، ثالثا الفاعلية وهي الإنجاز الإيجابي المؤثر بإثبات المهارة والجدارة والقدرة على الإنتاجية.
هذه التحديات تم رفع سقف التوقع لها إلى حد كبير مع تغطية كثير من النواحي الجانبية التي أود أن أذكرها وهي:
- الموقع الجغرافي للمركز، وهذا أول تقدير إنساني في إنشاء المبنى أمام شاطئ البحر لمساعدة المكفوفين على الاسترخاء النفسي والبدني.
- تجهيز المبنى وما حوله بكل الوسائل والمعينات في جميع الممرات الداخلية والخارجية، والذي تم تصميمه في الأصل بمقابض فولاذية وانسيابية طولية ممتدة بحيث يشعر الكفيف بكل استقلالية إذا ما أراد أن يخرج إلى شاطئ البحر أو أن يتجه لأي مكان يرغب في الوصول إليه.
- يعتبر المركز مرجعا للاستشارات الطبية والنفسية والأسرية، والذي يقدم خدماته مجانا.
- بيئة المورد البشري الداعم من مشرفين وإداريين ومتخصصين مؤهلين للوجود الفوري لأي طارئ وكل ما يحتاجونه من أمور مادية ومعنوية.
- اللفتة الخاصة للمحاربين القدامى الذين تجاوزت أعمارهم الـ70 تقديرا لهم ولجهودهم الوطنية بعدم التخلي عنهم حتى وإن فارقهم المقربون من أسرهم وعوائلهم وأصدقائهم.
- تفعيل الشعور بالألفة والمحبة بين الجميع من خلال إتاحة الفرصة بالجلوس مع الزوار من خارج المركز لتحقيق الشعور بالإشباع المجتمعي المفقود لدى المكفوفين.
- تحفيز الجانب المهاري والحرفي لكل ما يحتاجه الكفيف لإشعارهم بدورهم المجتمعي وتوقدهم الإبداعي.
- المساعدة على كسر حاجز العزلة النفسية والبصرية والمجتمعية بالألعاب والأنشطة الرياضية كالسباحة والرماية.
- دعم المركز لا يقتصر فقط على الموظفين أو تدخل الدولة ولكن هنالك فرصا متاحة لمن أراد التبرع أو التطوع داخل المركز.
وأنا أستعرض هذا الإنجاز الراقي أستحضر معه الآية الكريمة في سورة النور «ليس على الأعمى حرج»، وهي سورة جمعت التعاليم في السلوكيات الإنسانية وأولها التعامل مع الكفيف؛ لأنهم كانوا قديما لا يأكلون مع الأعمى تقززا وتقذرا وخجلا من تساقط الطعام وطريقة الأكل واحتياجهم لمساعدة الآخرين في الاستدلال؛ فأنزل الله هذه الآيات رفعا للحرج وتحفيزا لكسب الأجر وهذا قمة الاندماج الإنساني والتعامل الأخلاقي والتكافل الاجتماعي.
Yos123Omar@