أحمد الهلالي

خطابات مستنقع الأخطاء!

الثلاثاء - 26 أكتوبر 2021

Tue - 26 Oct 2021

في خضم التجربة السعودية الحديثة، والتحولات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية على شتى الصعد، والحراك الفاعل المتسارع، يحلق بنا خطاب المنجزات، وتأخذنا لغة الأرقام، وبشائر المؤشرات إلى الفضاءات التي كنا نراها سابقا ضربا من أحاديث النفس والأحلام، فبيننا وبين تحقيقها مسافات من خلفها مسافات من خلفها ظلام مركوم، لكن الشمس السلمانية أشرقت فبددت كل تلك العوائق، وحققت الأحلام.

أكثر ما يعكر صفو لحظاتي، ويزرع الشوك في دروب النشوة، بعض الخطابات التي تنمو في مستنقعات الأخطاء، وتتغذى على قذارات الانحرافات السلوكية، وتأخذ أخطاء بعض المراهقين أو بعض المنحرفين نجوما تنثر على هداها أحكاما على المرحلة، ويصل الحال ببعضهم إلى الحكم على مستقبل البلاد والعباد، وكأن الناس خلقوا ملائكة لا يخطئون ولا ينزلقون!

روج لمقاطع تظهر أخطاء معدودة من هذا النوع في الاحتفاء باليوم الوطني، ومثلها من الفعاليات الكبرى في موسم الرياض الكبير، ونقر جميعا بخطئها إن (صحت) وكانت كما يروج لها، لكنها تظل أخطاء فردية تبررها (بشريتنا) وتبررها قلتها قياسا بعدد سكان البلاد، وعدد المحتشدين في تلك المناسبات، فعشرة أو مئة خطأ من هذا النوع لا تعد ظاهرة قياسا بمئات الألوف، فلن يكونوا جميعا على قدر واحد من الوعي والعقل والخلق والصحة النفسية، ولو فتشنا في مناسبات أخرى بعضها (دينية)، وفي أماكن مقدسة سنجد أن بعض المنحرفين أو المختلين تصدر عنهم ذات السلوكيات وأشنع، ذلك أنهم يعانون خللا في القيم أو الأخلاق أو التربية أو النفس.

إن تكالب بعض الناس، وتسرعهم في إطلاق الأحكام، وتهافتهم على التهويل والتشنيع، ليدل دلالة قاطعة على ما في نفوس بعضهم على المرحلة، وتعلقهم بأستار الحقبة الماضية من جهة، وإصاخة بعضهم إلى الخطابات الخارجية المؤدلجة، التي تفرح بكل خطأ فردي في بلادنا فتأخذه ذريعة لمهاجمة الوطن حكومة ومواطنين وأنظمة بلا هوادة، فأولئك المشنعين لم يلتفتوا إلى القوانين المسنونة للمتجاوزين والعقوبات التي تنزل على أصحاب تلك الأخطاء، ولم ينظروا بعين العدل إلى جهود الأجهزة الأمنية في ضبط الحشود وإدارتها والحرص على تطبيق القانون على المتجاوزين.

أؤمن عميقا بوعي المواطن والمقيم في بلادنا، وهم أحكم وأعقل من الانسياق والتعاطف مع أصحاب (خطابات مستنقع الأخطاء)، فلغة العقل والمنطق هي التي يجب أن تسود في التعاطي مع أصحاب هذه الخطابات، ولا تخفى جهود حكومتنا الرشيدة في طريق الإصلاح، وحفزها للمواطن والمقيم إلى تهذيب ذاته وتحمل مسؤولية تصرفاته، دون تدخل مباشر في حرياته الشخصية كما كان سابقا، فالإنسان حر حتى يتجاوز في حق الآخرين أو يمس ما يجرمه القانون.

ahmad_helali@