عبدالله محمد الشهراني

الاستثمار في كوادر الحج والعمرة

الأربعاء - 20 أكتوبر 2021

Wed - 20 Oct 2021

من نعم الله على العبد أن يكون له قبول لدى الناس، وهذا ما لمسناه جميعا بعد صدور القرار الملكي الكريم بتعيين معالي الدكتور توفيق الربيعة وزيرا للحج والعمرة. لقد أسعدني ما قرأته من مقالات وتغريدات تحمل نصائح ومقترحات وأفكارا طرحت من قبل أشخاص متخصصين في المهنة، وشملت تلك المقترحات والأفكار الدعوة إلى تصحيح الوضع الراهن، وركز البعض منها على مشروع تحول مؤسسات الطوافة إلى شركات، في حين تحدثت أصوات أخرى عن مستقبل الحج والعمرة. لقد حدث كل ذلك في فترة قصيرة غير أنها كانت ثرية بالمحتوى، وعليه فإنني أقترح على الوزارة أن تقوم بحصر كل شيء وعرضه لاحقا على معالي الوزير.

معالي وزير الحج والعمرة شخصية معروفة بشغفها بتطوير الكيانات والتفكير بأسلوب شمولي، توازن بين quick wins و tactics و strategies. وما وددت طرحه على معاليه من الجانب الاستراتيجي هو الاستثمار في كوادر الوزارة، وعدم الاكتفاء باستقطاب الكفاءات من خارج الجهاز، بأسلوب انتقال المحترفين بين الأندية الرياضية. إن التجارب الناجحة في مؤسسات الدولة كثيرة.. منها على سبيل المثال لا الحصر، برامج أرامكو والخطوط السعودية والطيران المدني وسابك وغيرها، جميعها قامت بتوظيف شباب وشابات حديثي التخرج من الثانوية والجامعة، ثم أدخلتهم في برامج تتراوح مددها بين السنتين والخمس سنوات، برامج هي في الحقيقة مكلفة لكن مردودها كبير سواء على القطاع المعني أو على الوطن، برامج تحتوي على دراسات نظرية وأخرى تطبيقية وجزء آخر مهم وهو الزيارات والاحتكاك بكيانات عالمية في نفس التخصص. إنها تجارب لن ينساها المتدرب طيلة حياته، وسوف تؤثر تلك الزيارات والدروس النظرية والتطبيقية في طريقة تفكيره وأسلوب حله للمشكلات أثناء عمله لاحقا. إن ما يميز هذه الكوادر بعد عودتها إلى أرض الوطن هو أنهم يملكون معرفة ما هو جديد في مجالهم، وهي المعرفة التي ستكسبهم القدرة على المقارنة بشكل عملي بين أسلوب العمل القائم في الوزارة وبين ما شاهدوه في تلك الكيانات الأخرى التي قضوا فيها وقتا جيدا.

إن وزارة الحج والعمرة ومن وجهة نظري في حاجة إلى برنامج لإعداد كوادر مؤهلة لقيادة هذا القطاع في المملكة بعد 10 سنوات من الآن، كوادر من الجيل الجديد الذي يفهم المستقبل أكثر منا، وما أتمناه أيضا ألا تخيفنا مغادرة «تسرب» أي موظف بعد تأهيله، فمن تم الاستثمار فيه أساسا هو الوطن، وبالتالي فإن بمقدورنا أن نقول إن هؤلاء المتدربين -في النهاية- كالغيم الذي لن يمطر إلا على ثرى بلادنا الحبيبة.

إذا رأيت شخصية قيادية تهتم بالاستثمار الطويل في الكوادر، فإنني أرفع لها القبعة احتراما وتقديرا، لأنها تعلم بأن نتائج هذا الاستثمار لن تظهر في عهدها، لكنها فعلت ذلك إخلاصا في عملها وحبا لوطنها وحسب.

@ALSHAHRANI_1400