3 سيناريوهات تنهي الأزمة السودانية

وزير المالية يطالب بحل الحكومة ويؤكد أن البلاد على شفا هاوية مراقبون يتهمون فلول نظام البشير بالتحريض والفتنة والتوتر خبراء يطالبون بحل حكومة حمدوك وتوسيع قاعدة المشاركة
وزير المالية يطالب بحل الحكومة ويؤكد أن البلاد على شفا هاوية مراقبون يتهمون فلول نظام البشير بالتحريض والفتنة والتوتر خبراء يطالبون بحل حكومة حمدوك وتوسيع قاعدة المشاركة

الأربعاء - 20 أكتوبر 2021

Wed - 20 Oct 2021

فيما دعا رئيس حركة العدل والمساواة، وزير المالية، جبريل إبراهيم، لحل الحكومة السودانية من أجل تجنيب كارثة حقيقية، وأكد أن البلاد على شفا هاوية، تلوح في الأفق 3 سيناريوهات يبدو بعضها مؤلما مع تصاعد وتيرة الخلافات بين المكونين العسكري والمدني وتواصل الاحتجاجات في السودان.

ومع استمرار الاعتصام المناهض للحكومة في محيط مقر القصر الرئاسي بالخرطوم لليوم السادس على التوالي، وترقب الشارع السوداني للتظاهرات المؤيدة للحكم المدني المقررة اليوم، يخشى كثيرون من أن تدخل البلاد في فوضى شاملة وتنجر إلى حرب أهلية، وهو السيناريو المرير الذي ينذر بعواقب وخيمة، مقابل سيناريو آخر يتمثل في استقالة حكومة عبدالله حمدوك وتسليم مقاليد الأمور للعسكريين، بينما يتمثل السيناريو الثالث الأكثر واقعية في تدخل العقلاء من أجل الاحتكام للوثيقة الدستورية واستمرار المرحلة الانتقالية تمهيدا لانتخابات حرة.

حل الحكومة

ويذهب آخرون إلى ضرورة حل الحكومة التي يقودها عبدالله حمدوك، وتشكيل أخرى بديلة وتوسيع قاعدة المشاركة فيها، واستكمال هياكل الفترة الانتقالية من محكمة دستورية ومجلس القضاء والمفوضيات الواردة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وهو ما وصف بـ»استعادة الثورة من مختطفيها» في إشارة إلى الأحزاب المسيطرة على قوى الحرية والتغيير.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل مسربة عن خطة تقوم على خلق الفوضى وتنفيذ عمليات قتل وحرق وتخريب لتهيئة الظروف المناسبة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، مما جعل كثيرين لا يستبعدون حدوث صدامات.

وبحسب مصادر حاول حمدوك القفز على أهداف المتظاهرين بتأكيده على ضرورة وقف التصعيد من قبل كل الأطراف، والتخفيف من حديث الأزمة المتداول بين العسكريين والمدنيين، وإنكار أنها تدور بينهما أصلا بقوله “هي بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة ومن يريدون عرقلتها”، واستهدف الفصل بين مطالب المنشقين عن تحالف الحرية والتغيير وبين مطالب فلول النظام البائد.

فلول البشير

وحذر سياسيون سودانيون من خطورة استمرار أطراف الأزمة في التعنت، واستمرار انسداد الأفق السياسي، وخطورة الانقسام الراهن على كل المستويات، في ظل مخاوف من الانزلاق إلى العنف والفوضى والاقتتال.

وقالت قوى الحرية والتغيير: إنها تدعم وتشارك في مواكب «دعم الانتقال المدني الديمقراطي، والعدالة».

وأشار عروة الصادق القيادي بقوى الحرية والتغيير، إلى أن الخلاف الحالي بين مؤيدي الثورة السودانية والساعين للانقلاب عليها، مدعومين بفلول النظام السابق.

في المقابل أكد ياسر عرمان المستشار السياسي لرئيس الوزراء السوداني، أن اليوم من أيام ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وأنه سيعيد للثورة ذروتها.

فيما أكد محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة السوداني، أهمية الالتزام بالوثيقة الدستورية، والربط المحكم بين بناء جيش وطني واحد والانتقال المدني الديمقراطي الكامل.

كارثة وشيكة

وحذر وزير المالية جبريل إبراهيم من الكارثة، واعتبر أن استقالة الحكومة هي الحل، وقال في تصريحات صحفية أمس، إنه يشتم الكارثة منذ وقت مبكر، ولذلك يريد أن يحول بينها وبين استقرار الفترة الانتقالية.

وشدد بحسب ما نقلت صحيفة «السوداني» على ضرورة الحفاظ على استمرار اتفاق الشراكة بين مكونات المرحلة الانتقالية، دون زعزعة عملية الانتقال أو محاولة الاستحواذ من طرف ضد آخر، واعتبر أن كافة الموجودين في مجلس الوزراء من حركات أو أحزاب، غير مكتوب لهم الديمومة في الكرسي، مضيفا أن حل الحكومة لا تناقض فيه.

وختم جبريل المحسوب على الفريق أو الجناح الذي بدأ منذ السبت الماضي اعتصاما في الخرطوم للمطالبة بحل الحكومة، مشددا على السعي لإيجاد حل يجنب البلاد الوقوع في الهاوية، وتأمين الشراكة السياسية القائمة.

تواصل الاعتصامات

وواصل المحتجون اعتصامهم أمام القصر الجمهوري في وسط العاصمة متمسكين بمطلبهم الأساسي حل الحكومة المدنية، في حين نظمت مسيرة مضادة في شرق الخرطوم، وعلى وقع هتافات «حرية سلام وعدالة» و»مدنية خيار الشعب».

وطالبت الحكومة السودانية قبل أيام المحتجين الموالين للجانب العسكري ومؤيديها على السواء، بوقف التصعيد. ودعا مجلس الوزراء في بيان حينها عقب جلسة طارئة عقدها إلى ضرورة أن تنأى جميع الأطراف عن التصعيد والتصعيد المضاد، وأن يعلي الجميع المصلحة العليا للسودانيين.

أتى ذلك، بعد أن أقر حمدوك في خطاب وجهه إلى الأمة بوجود «انقسامات عميقة وسط المدنيين وبين المدنيين والعسكريين»، مؤكدا أن «الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين بل هو بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي، ومعارضيه، فمنذ محاولة الانقلاب التي جرت في سبتمبر الماضي، ارتفعت حدة التوتر بين المكونين المدني والعسكري اللذين يشكلان السلطة الانتقالية في البلاد، والتي استلمت الحكم بعد عزل الرئيس السابق عمر البشير، وتبادل الطرفان الاتهامات بسوء إدارة البلاد، ومفاقمة الأزمة الاقتصادية والمعيشية.

تفاقم الخلافات

وأدت أزمة شرق السودان إلى تفاقم الخلافات بين المكون المدني والعسكري في السودان الذي يعيش ظروفا استثنائية في ظل التظاهرات المتصاعدة مع تلميح من العسكريين باستخدام ورقة الاحتجاجات لضمان البقاء على رأس مجلس السيادة. وتتزايد المخاوف من دخول السودان في أزمة كبيرة مع رصد دعم من فلول النظام السابق لمؤيدي الثورة السودانية، وأيضا للطامحين بالانقلاب عليها.

ويطرح المحلل محمد أبوالفضل سيناريوهات عدة للحل في صحيفة (العرب) اللندنية، فيقول «وسط السحب التي تراكمت الأيام الماضية وما أضافه الاعتصام المفتوح من تعقيد في الأزمة، أصبح السودان أمام سيناريوهين، يدور أحدهما في فلك الفشل التام وفتح الباب أمام ما يصفه البعض من السياسيين بـ»الجحيم»، والآخر لا يستبعد انكسار حدة الأزمة والعودة بها إلى مربع الهدوء».

ويضيف «يستند كل سيناريو إلى محددات تجعل الوصول إليه سهلة، وكوابح يمكن أن تمنع ذلك، وما يرجح كفة خيار على آخر ما يتوافر له من معطيات تعززه، فالتصعيد الذي ظهرت ملامحه في خطاب قوى عدة يشي بعزمها الاستمرار فيه والذهاب به إلى حافة الهاوية، والليونة التي يحاول البعض التحلي بها لتفويت الفرصة على الخيار السابق قد تفتح نافذة لتصويب الأوضاع المتدهورة».

السيناريو الآمن

ويعتبر المحلل والكاتب فؤاد مطر أن السيناريو الآمن لجميع الأطراف في السودان هي الصيغة التشاركية التي حدثت، وبمقتضاها كان التعاون العسكري - المدني الذي أثمر طمأنينة وأجواء ارتياح عربي ودولي واحتمالات عوائد تستتبع إلغاء ديون متراكمة، وجدولة ديون غير قابلة للإسقاط، إلى جانب اختراق محسوب لمحرمات ارتبطت برؤية لم تأخذ واجب التوضيح اللازم، وهي أفضل مفتاح لبوابة الاستقرار للسودان المحروم من هذه النعمة منذ الخمسينات، ويتقاسم السياسيون والعسكريون على حد سواء وزر هذا الحرمان.

ويضيف «عندما تكون هذه هي النظرة إلى الصيغة التشاركية العسكرية - المدنية، فلأن كنه المسألة يؤكد بعض الحقائق، ومنها أن الانتفاضة الشعبية التي حدثت ضد نظام البشير كانت خطوة شجاعة من حيث عفويتها، إنما لولا الدخول السلس من جانب بعض العسكريين على خط الأزمة ودعمهم المتدرج للمنتفضين لكانت هذه الانتفاضة التي بدأت مثل شمعة تنير عتمة سياسية واجتماعية أبلغها النظام البشيري مداها، ستنطفئ ويتكسر الاندفاع الشعبي الذي ملأ شوارع العاصمة المثلثة وأسطح رحلات القطارات الآتية من الولايات البعيدة، على أسوار المؤسسات البشيرية الحزبية وتبدأ حرب أهلية من نوع غير مألوف، يواجه فيها السوداني المعترض شقيقه السوداني الإنقاذي».

مواجهة التهميش

وتفجرت الأزمة في السودان بعدما قامت 3 ولايات في شرق السودان هي القضارف وكسلا والبحر الأحمر بتنظيم احتجاجات، قادتها قبائل البجا التي تمثل ما يقارب نصف شرق السودان، حيث قامت بإغلاق ميناء بورتسودان، الذي يعد الميناء الرئيسي في السودان، إضافة إلى قطع الطرق الرئيسية التي تربط الشرق بالعاصمة السودانية الخرطوم.

وحدد محمد الأمين ترك زعيم قبيلة البجا، عددا من الشروط لحل الأزمة على رأسها إقالة الحكومة الانتقالية، وتشكيل مجلس سيادة جديد؛ وإلغاء اتفاق مسار الشرق في اتفاق السلام الذي تم توقيعه في عاصمة جنوب السودان جوبا في أكتوبر 2020.

واعتبر الأمين السياسي لمجلس البجا سيد على أبوآمنة أن الأمور اشتعلت في شرق السودان مؤخرا، بسبب توقيع الحكومة الانتقالية على اتفاق مسار الشرق بجوبا.

وقال «هذا المسار هو الذي أشعل فتنة قبلية في شرق السودان، والمكونات الأصلية في الإقليم رفضت هذا المسار، حيث أتى بمجموعات لا علاقة لها بالمنطقة وقعت الحكومة معهم اتفاقا للسلام».

وأكد أن مشكلة شرق السودان مستمرة على مدى 64 عاما، وهي مشكلة ذات طرفين، وناضل من أجلها أبناء الإقليم منذ عام 1958 من أجل المشاركة العادلة في الحكم ومواجهة التهميش وسوء الخدمات.

السيناريوهات الثلاثة في السودان

  1. الفوضى الشاملة التي قد تقود لحرب أهلية

  2. الاحتكام للدستور ومواصلة الفترة الانتقالية

  3. تغيير الحكومة وتسليم مقاليد الأمور للعسكريين