الاستبصار المجتمعي!
الاثنين - 18 أكتوبر 2021
Mon - 18 Oct 2021
هل يجوز لي استخدام هذا المصطلح النفسي، وإسقاطه على المجتمع، فإن كان الاستبصار هو قدرة الفرد على فهم سلوكه ودوافعه وجوانب شخصيته بشكل إدراكي يجعله يميز ما يجتاحه من عواطف وآمال وآلام ويحدد موطن ضعفه وقوته؛ ليساعد نفسه في توظيف مواطن القوة وكذلك معالجة مواطن الضعف.
ويغيب عن الإنسان أحيانا كثيرة استبصار نفسه؛ فلا يعرف قدراته وقد يتعثر في فهم سلوكه ودوافعه وتختفي عليه بعض جوانب شخصيته، فينفي عن نفسه الخوف، وهو خائف وينكر الضعف وهو ضعيف، ولعل أبرز تلك الحالات (مرضيا) عندما لا يستبصر المريض النفسي مرضه، فيشعر بأنه بخير، فإنه يتعذر أو يصعب علاجه، فإنه يمكن إسقاط تلك التعريفات والتعبيرات على المجتمع نفسه؛ فإن المجتمع الذي لا يستبصر موقعه من المجتمع العالمي، حتما سيفقد مواطن القوة فيه ويفقد مواطن الضعف فيه، فيصعب علاج أمراضه، لأنه –في الغالب– ينكرها مثل المريض النفسي تماما.
وحتى لا أكون تجريديا في الوصف المقالي، فإنه يمكن لي الإشارة إلى أن أي مجتمع يعتز بتاريخه العتيق القديم المشرق المشرف، دون أن يكون لهذا الاعتزاز سند حاضر ومشرق، ويعتبر مرض عدم استبصار واقعه، وهو أن التاريخ لا يصنع بطلا بل التاريخ مجرد رافد لا أقل ولا أكثر، والمجد للحاضر والإنتاج والقوة.
تعاني بعض الثقافات بالتغني بأمجادها الدينية والحضارية وتكتفي بتلك الأمجاد وتتدهور عن ركب الحضارة، وتجد في شعبها عزة نفس لا قيمة لها ولا يقدرها أحد إلا أصحابها وسط خداع نفسي لنفسها بسبب أنها تعيش أكذوبة المجد والحق الذي لا يعترف به أحد إلا هي!
إن أحد أهم أدوات المجتمعات للنهوض هو استبصار موقعها العالمي، ومواطن قوتها التي قد تكمن فيما وهبها الله من مال، فقد يعيد المال لها بعض بريقها من خلال توطين التقنية، واستجلاب العلم، ونقل المعرفة من العالم إليها، وأخرى تستبصر عللها وأمراضها، فتقاوم تلك الأمراض، كالأخلاق الفاسدة في أفرادها أو تكبرها أو استعلائها على غيرها، فتحسن من وضعها بين دول العالم لأنها عرفت علتها ومواطن ضعفها فأصلحتها أو عملت على إصلاحها.
أما تلك الشعوب الغارقة بالأحلام التاريخية وعقد الأفضلية بسبب تراكم عبارات التمجيد لماضيها أو صحة وصواب أفكارها، فإن هذا لا يمنحها أولوية إلا أن تكون على وعي تام بواقعها الحالي، كانت بريطانيا هي الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بفعل مستعمراتها؛ فصارت الآن دولة متقدمة لكن ليست كما كانت، ومر هذا الأثر على كثير من الدول فيعيش ويواكب العالم من يستبصر وضعه ويصحح أخطاءه بفعل حكمائها، أو تسيطر عليها أفكار مشاهير التخدير بأنهم أفضل بلد، وأعظم تاريخ وأجمل إنسان.
وسأضطر أن أعرض مثالا في غاية البساطة أصبح قضية لفترة زمنية وجيزة، إذ أشاع أحد أبطال السوشل ميديا أن العربي هو الجنس المفضل لدى المرأة الأوكرانية، فلما تتضحت الأمور بنقل مباشر من هناك تبين أنه الجنس الأقل تفضيلا، وأن صاحبنا خلط بين الواقع والأمنيات، بين ما يحب وما هو حادث فعلا؛ فالعربي إن لم يكن حاضرا بقوته المالية والاستثمارية والإنتاجية والفكرية والعلمية في العالم وإلا فمن يريده، وما يفرقه عن أي بلد مختلف آخر بالعالم؟!
Halemalbaarrak@
ويغيب عن الإنسان أحيانا كثيرة استبصار نفسه؛ فلا يعرف قدراته وقد يتعثر في فهم سلوكه ودوافعه وتختفي عليه بعض جوانب شخصيته، فينفي عن نفسه الخوف، وهو خائف وينكر الضعف وهو ضعيف، ولعل أبرز تلك الحالات (مرضيا) عندما لا يستبصر المريض النفسي مرضه، فيشعر بأنه بخير، فإنه يتعذر أو يصعب علاجه، فإنه يمكن إسقاط تلك التعريفات والتعبيرات على المجتمع نفسه؛ فإن المجتمع الذي لا يستبصر موقعه من المجتمع العالمي، حتما سيفقد مواطن القوة فيه ويفقد مواطن الضعف فيه، فيصعب علاج أمراضه، لأنه –في الغالب– ينكرها مثل المريض النفسي تماما.
وحتى لا أكون تجريديا في الوصف المقالي، فإنه يمكن لي الإشارة إلى أن أي مجتمع يعتز بتاريخه العتيق القديم المشرق المشرف، دون أن يكون لهذا الاعتزاز سند حاضر ومشرق، ويعتبر مرض عدم استبصار واقعه، وهو أن التاريخ لا يصنع بطلا بل التاريخ مجرد رافد لا أقل ولا أكثر، والمجد للحاضر والإنتاج والقوة.
تعاني بعض الثقافات بالتغني بأمجادها الدينية والحضارية وتكتفي بتلك الأمجاد وتتدهور عن ركب الحضارة، وتجد في شعبها عزة نفس لا قيمة لها ولا يقدرها أحد إلا أصحابها وسط خداع نفسي لنفسها بسبب أنها تعيش أكذوبة المجد والحق الذي لا يعترف به أحد إلا هي!
إن أحد أهم أدوات المجتمعات للنهوض هو استبصار موقعها العالمي، ومواطن قوتها التي قد تكمن فيما وهبها الله من مال، فقد يعيد المال لها بعض بريقها من خلال توطين التقنية، واستجلاب العلم، ونقل المعرفة من العالم إليها، وأخرى تستبصر عللها وأمراضها، فتقاوم تلك الأمراض، كالأخلاق الفاسدة في أفرادها أو تكبرها أو استعلائها على غيرها، فتحسن من وضعها بين دول العالم لأنها عرفت علتها ومواطن ضعفها فأصلحتها أو عملت على إصلاحها.
أما تلك الشعوب الغارقة بالأحلام التاريخية وعقد الأفضلية بسبب تراكم عبارات التمجيد لماضيها أو صحة وصواب أفكارها، فإن هذا لا يمنحها أولوية إلا أن تكون على وعي تام بواقعها الحالي، كانت بريطانيا هي الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بفعل مستعمراتها؛ فصارت الآن دولة متقدمة لكن ليست كما كانت، ومر هذا الأثر على كثير من الدول فيعيش ويواكب العالم من يستبصر وضعه ويصحح أخطاءه بفعل حكمائها، أو تسيطر عليها أفكار مشاهير التخدير بأنهم أفضل بلد، وأعظم تاريخ وأجمل إنسان.
وسأضطر أن أعرض مثالا في غاية البساطة أصبح قضية لفترة زمنية وجيزة، إذ أشاع أحد أبطال السوشل ميديا أن العربي هو الجنس المفضل لدى المرأة الأوكرانية، فلما تتضحت الأمور بنقل مباشر من هناك تبين أنه الجنس الأقل تفضيلا، وأن صاحبنا خلط بين الواقع والأمنيات، بين ما يحب وما هو حادث فعلا؛ فالعربي إن لم يكن حاضرا بقوته المالية والاستثمارية والإنتاجية والفكرية والعلمية في العالم وإلا فمن يريده، وما يفرقه عن أي بلد مختلف آخر بالعالم؟!
Halemalbaarrak@