شاهر النهاري

يا بختش يا عسير.. ما أتحف ذا المسير

الاثنين - 11 أكتوبر 2021

Mon - 11 Oct 2021

عقود تطعول فيها عنق تلهفي وتفاؤلي، بقدر ما كَتبتُ عن هذا الوطن العسيري، من مقالات وحكايات وقصائد، وامترحت خطوة وزحفة، وتعاجبت في عرضة جنوبية بجنبية، أباري جوارح السماء، وأتوشح روح الشيح والمرخ والعثرب والبرك والوزاب والسنوت.

كنت من على الدِفَه أقترح جدوى مشروع هنا، ومن فوق المَشنه أحاول دفع عجلة مشروع تعثَّرَ، وأهرق غرب محبتي يروي السواقي، وتبرق عيني بين سحابات الحب العثري، تؤكد جلوبة البهاء الأبهاوي، وهي تأسر قلوب المُطَرِقين بجنون العشق العذري، وروعة حُسن يشرح الطموح، «ولا يرهي على عينه» أن تحين الساعة المباركة، فترتقي الأهداب فوق حيود السودة، وتحتضن الأيادي خصر الحزام الأخضر، وتهون خطوات أم الرُكَب، وتنفرج عقبات الصماء وشعار وضلع، وتحمل الجسور فيض السحر البيئي من القمم، إلى الأودية والشعيب والقرى، وطبب ورجال، والدرب، والخميس، والنماص، وإمشينة وعشران وتهلل، والسراة وظهران، وبيشة، والأحد ومحايل، والشقيق، والمجاردة، وطريب والعرين، وبللسمر، وبللحمر، وسواها من البلدات الناعسة، المتطلعة لزهو سنابلها فوق قصب العسجد، فتغدو مدنا عصرية بإنسانها وثقافتها وحسنها ونبضها وبنيتها التحتية ومتانة سبكها، وقدراتها السياحية لجذب المحبين من أطراف الأرض لطبيعتها البكر، وطيب ثراها، وسمو تراثها الأصيل، وعمارها ونقوش وفنون وتاريخ تحكيه الحصون القائمة منذ قرون، تتغازى بين مرو الجبال بفخار، وتتناقل الأسرار بومضة سراج شحم في الظلمة، وبريق مُبصَرة في السَدف.

كم كنت أتمنى أن يبصر الناس جميعهم حُسن ربيع عرفته وديانها البكر، وأجواءها السحر، وأعشابها، ودغالبها، وطحالبها، وطيورها، وبرية مخلوقاتها، وثمار الفركس والخوخ والرمان والعنب والحماط، تلثم الأنوف والأفواه، بأزكى وأنقى رائحة وطعم.

كم كنت بأمنياتي الصغيرة لها أغتسل مرحا تحت رشات سحابها، وأحتضن طين وأحجار بيوتها، وأشرح افتتاني بالبسطة، والصوامع والكُتر والركف، وبهجة بزوغ الغدوة، وهوي الطل، وحمرة العشية ومعية القمر، وصحبة نجم سهيل، ومشاوعة حبات البَرَد بين الأعشاب، تكتب الأشواق في دفاتر العمر، وتفاجئ النشوة بروعة تقشعر.

ذلك كان شأوي قبل أن تدهشني بوادر تحقق أحلام قمم وشيم، بقرار الدولة السعودية الفتية على إحلال مارد الحنادي العتيقة في ربوع ونجوع وخضار وضباب عسير، ذلك الأرْيَحِيّ العجيب ساكب الرؤية، كاتب التغييرات، من يقضي المستحيل ويُعلوي، برفة عين، ووعود بمشاريع مهولة تحقق أمنيات الإنسان العسيري، ليس ثلاثا، بل بأقصى ما تحلم به أذهان القرى والحواضر، وما يسوى تراحيب تعداد النجوم.

عسير الرؤية، ستعيد تدوين قواميس الزمن القادم وتعكس المعاني، فيصبح العسير يسرا وطيب مسار، ويربط في عنق كل سائح عاشق للجمال عقد محبة يدوم برائحة الفل والورد، وتأكيد صدق الوفاء وتجدد الذكريات، وروح طراوة نسمات تزيد في الروح، ورحى عشق تدور

وتبارك الحَب، وفزعة عودة أبنائها الشم بسواعد أشواق الغدران والجروف والقناطر والأحراش والعرعر والبرشوم والطلح، وروح تبدع القَطّ بأيدي الحناء، وترسم الصوامع بجص الثبات، وعزة القدرة، وتعاظم أصالة الفن والنقوش.

أهل جبال وشواطئ وقرى عسير بمبادرة الخير مزهزهين، كونهم جزءا من جذور سعود هذه المملكة الطيبة، ولمعة سنابل رؤيتها، وبكل تنوعهم وقدراتهم وتخصصاتهم، وكفاءاتهم يبدعون الفرق والتكامل مع صانعي الأمن والرخاء، بناة أسس البنية التحتية والفوقية والفكرية، وليس فقط في شؤون السياحة، ولكن بجودة وتطوير وتأهيل التقدم والعلو والعلوم وبناء تكامل الإنسان والصحة والتجارة والاستثمار والصناعة والتقنية والسلام، واستمرار طموح رؤية لا تنتهي قفزاتها.

shaheralnahari@