النيابة العامة والمعلوماتية
الأحد - 10 أكتوبر 2021
Sun - 10 Oct 2021
يعرف النظام اصطلاحا بأنه «مجموعة المبادئ، والتشريعات، والأعراف، وغير ذلك من الأمور التي تقوم عليها حياة الفرد، وحياة المجتمع، وحياة الدولة، وبها تنظم أمورها».
ومن أهم الأنظمة التي تعمل بها الدول اليوم: الأنظمة الجزائية بمختلف مسمياتها.
وينص النظام غالبا على الجهات التي تقوم على تنفيذه حينما يتم إقراره، وتتم الموافقة على تطبيقه من صاحب القرار السيادي في أي دولة، وفي المملكة لا يعمل بأي نظام قبل الموافقة عليه من مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك، وتأييد هذه الموافقة بمرسوم ملكي.
ومن أهم الأنظمة المعنية بمجموعة المبادئ والتشريعات والأعراف التي تقوم عليها حياة الفرد وحياة المجتمع (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية)؛ وهو نظام سار حاليا منذ تاريخ إصداره ونشره فـي 08/ 03/ 1428هـ، حيث صدرت الموافقة عليه بقرار مجلس الوزراء رقم (79) وتاريخ 07/ 03/ 1428هـ وأيد القرار بالمرسوم الملكي رقم م17 في 08/ 03/ 1428هـ.
وبالنظر إلى هذا النظام الهام نجد أنه في المادة الخامسة عشرة من النظام نص على أن (تتولى هيئة التحقيق والادعاء العام «النيابة العامة حاليا» التحقيق والادعاء في الجرائم الواردة في هذا النظام)، وقد أكدت المادة التي قبلها وهي المادة الرابعة عشرة أن (تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقا لاختصاصها تقديم الدعم والمساندة الفنية للجهات الأمنية المختصة خلال مراحل ضبط هذه الجرائم والتحقيق فيها وأثناء المحاكمة)؛ ما يؤكد القول أن أهمية هذا النظام تتطلب تهيئة ذات معايير دقيقة في جانب تحريك الدعاوى في هذا المجال وقبل مراحل الضبط والتحقيق فيها.
فمن الضرورة الملحة نظرا لأهمية هذا النظام أن تعتمد النيابة العامة وتنشئ بمجرد إصداره وقبل تطبيقه (إدارات متخصصة) في معرفة الحالات والوقائع التي يكافحها النظام، وبتعبير آخر متخصصة وبدقة في وصف الجريمة التي تدخل تحت طائلة هذا النظام، ودعم هذه الإدارات بكوادر بشرية مدربة وعالية الكفاءة؛ لتعمل هذه الإدارات على فحص الوقائع قبل تحريك الدعاوى فيها وقبل خضوعها للضبط والتحقيق؛ وفي ذلك إجراء دقيق تتحقق به العدالة ويقلل نسبة الخطأ بإذن الله؛ خصوصا في الأنظمة الدقيقة التي تتشابه مع تصرفات نظامية عديدة كحرية التعبير التي تعتبر في المملكة حقا للجميع بضوابط محددة.
والحقيقة أن الإدارات المتخصصة الفاحصة لوقائع نظام مكافحة جرائم المعلوماتية كنت وما زلت أرجو وجودها وأن تكون من أهم إدارات النيابة العامة التي يحتاجها الواقع؛ فإن كانت عند غيرنا من قبل فإننا نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وإن لم تكن موجودة فيعد ذلك ابتكارا منا في باب الحرص على العدالة وحق الإنسان الذي أقره الإسلام وعملت به المملكة منذ تأسيسها وما زالت تحرص عليه.
أقول ذلك حين اطلعت الأسبوع الماضي على خبر تدشين النائب العام مجموعة من النيابات الجديدة التي أضيفت لأول مرة لمنظومة النيابات القائمة في جهاز النيابة العامة، وهي نيابة النقض، ونيابة الاستئناف، بعد اعتمادها من مجلس النيابة العامة، وقد أعلن النائب العام بالمملكة في ذات الخبر خلال الاجتماع السنوي لنيابات المملكة المنعقد في محافظة ينبع عن المسميات الجديدة للفروع والدوائر بعد تغيير مسمياتها ومنها: نيابة المرور، ونيابة البيئة، ونيابة الاتجار بالأشخاص، ونيابة الجرائم المعلوماتية، ونيابة الآداب العامة.. إلخ؛ وأشارت النيابة العامة إلى أن ذلك يهدف إلى مواكبة التطوير الذي تشهده المملكة على المستويات كافة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، واستمرارا لوتيرة التحديث في أجهزة النيابة العامة.
وقد كنت أرجو أن تكون الإدارات المتخصصة في دراسة الوقائع المعني بها (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية) قبل مرحلتي الضبط والتحقيق ضمن هذه المسميات الجديدة؛ وذلك لعدة اعتبارات منها:
أولا: أن النظام المعني جديد الإصدار والتطبيق إذا نظرنا لأعمار الأنظمة وهو يحتاج إلى التطوير المستمر بما يضمن جودة تطبيقه.
ثانيا: أن النظام المعني يتعلق بتصرفات جديدة على الشعوب في العالم أجمع، فعمر الثورة التقنية بالكاد يتجاوز العقدين، وهي فترة قصيرة لتستوعب الشعوب وأفرادها المتغيرات جراء ذلك.
ثالثا: أن النظام المعني يواكب متغيرات سريعة جدا في كافة المجالات الإنسانية في الداخل والخارج مما يستوجب الاهتمام بأي ما من شأنه تطويره، والرفع من مستوى جودته؛ لتتحقق أهدافه في نفع المجتمع، وتنميته، ورقيه؛ ليواكب بذلك المجتمعات الإنسانية المتقدمة.
رابعا: أن إنشاء إدارات متخصصة بتوصيف الوقائع، وفحص الحالات الجنائية عن غيرها قبل مرحلتي الضبط والتحقيق، لا يتعارض مع عمل جهات الضبط والمحققين والمدعين العامين الذين لا يستطيعون حسب ما أرى التفرغ لمثل هذا العمل التخصصي الدقيق الذي يحتاج إلى إدارات وكوادر بشرية متخصصة.
خامسا: أنني اطلعت بحكم متابعتي لملفات بعض الجرائم المعلوماتية على الكثير من الأخطاء في توصيف واقعة الجريمة المعلوماتية؛ مما أدخل بعض الوقائع في نطاق الجريمة المعلوماتية وهي ليست كذلك؛ وقد كنت أرجو أن أجد في تلك الملفات أساسا يؤكد التوصيف الدقيق، ويعطي النسبة الأكبر للتهمة في حق المتورط.
وبعد فإن الأمر الذي أجزم به أن المسؤولين عن النيابة العامة بالمملكة حريصون على ما يطور إجراءاتهم، ويحقق جودة عملهم، ليصل عمل هذه المؤسسة إلى مستوى تطلعات ولاة الأمر الحريصين دائما على تحقيق العدالة، وتطوير أنظمتها.
alsuhaimi_ksa@
ومن أهم الأنظمة التي تعمل بها الدول اليوم: الأنظمة الجزائية بمختلف مسمياتها.
وينص النظام غالبا على الجهات التي تقوم على تنفيذه حينما يتم إقراره، وتتم الموافقة على تطبيقه من صاحب القرار السيادي في أي دولة، وفي المملكة لا يعمل بأي نظام قبل الموافقة عليه من مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك، وتأييد هذه الموافقة بمرسوم ملكي.
ومن أهم الأنظمة المعنية بمجموعة المبادئ والتشريعات والأعراف التي تقوم عليها حياة الفرد وحياة المجتمع (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية)؛ وهو نظام سار حاليا منذ تاريخ إصداره ونشره فـي 08/ 03/ 1428هـ، حيث صدرت الموافقة عليه بقرار مجلس الوزراء رقم (79) وتاريخ 07/ 03/ 1428هـ وأيد القرار بالمرسوم الملكي رقم م17 في 08/ 03/ 1428هـ.
وبالنظر إلى هذا النظام الهام نجد أنه في المادة الخامسة عشرة من النظام نص على أن (تتولى هيئة التحقيق والادعاء العام «النيابة العامة حاليا» التحقيق والادعاء في الجرائم الواردة في هذا النظام)، وقد أكدت المادة التي قبلها وهي المادة الرابعة عشرة أن (تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقا لاختصاصها تقديم الدعم والمساندة الفنية للجهات الأمنية المختصة خلال مراحل ضبط هذه الجرائم والتحقيق فيها وأثناء المحاكمة)؛ ما يؤكد القول أن أهمية هذا النظام تتطلب تهيئة ذات معايير دقيقة في جانب تحريك الدعاوى في هذا المجال وقبل مراحل الضبط والتحقيق فيها.
فمن الضرورة الملحة نظرا لأهمية هذا النظام أن تعتمد النيابة العامة وتنشئ بمجرد إصداره وقبل تطبيقه (إدارات متخصصة) في معرفة الحالات والوقائع التي يكافحها النظام، وبتعبير آخر متخصصة وبدقة في وصف الجريمة التي تدخل تحت طائلة هذا النظام، ودعم هذه الإدارات بكوادر بشرية مدربة وعالية الكفاءة؛ لتعمل هذه الإدارات على فحص الوقائع قبل تحريك الدعاوى فيها وقبل خضوعها للضبط والتحقيق؛ وفي ذلك إجراء دقيق تتحقق به العدالة ويقلل نسبة الخطأ بإذن الله؛ خصوصا في الأنظمة الدقيقة التي تتشابه مع تصرفات نظامية عديدة كحرية التعبير التي تعتبر في المملكة حقا للجميع بضوابط محددة.
والحقيقة أن الإدارات المتخصصة الفاحصة لوقائع نظام مكافحة جرائم المعلوماتية كنت وما زلت أرجو وجودها وأن تكون من أهم إدارات النيابة العامة التي يحتاجها الواقع؛ فإن كانت عند غيرنا من قبل فإننا نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وإن لم تكن موجودة فيعد ذلك ابتكارا منا في باب الحرص على العدالة وحق الإنسان الذي أقره الإسلام وعملت به المملكة منذ تأسيسها وما زالت تحرص عليه.
أقول ذلك حين اطلعت الأسبوع الماضي على خبر تدشين النائب العام مجموعة من النيابات الجديدة التي أضيفت لأول مرة لمنظومة النيابات القائمة في جهاز النيابة العامة، وهي نيابة النقض، ونيابة الاستئناف، بعد اعتمادها من مجلس النيابة العامة، وقد أعلن النائب العام بالمملكة في ذات الخبر خلال الاجتماع السنوي لنيابات المملكة المنعقد في محافظة ينبع عن المسميات الجديدة للفروع والدوائر بعد تغيير مسمياتها ومنها: نيابة المرور، ونيابة البيئة، ونيابة الاتجار بالأشخاص، ونيابة الجرائم المعلوماتية، ونيابة الآداب العامة.. إلخ؛ وأشارت النيابة العامة إلى أن ذلك يهدف إلى مواكبة التطوير الذي تشهده المملكة على المستويات كافة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، واستمرارا لوتيرة التحديث في أجهزة النيابة العامة.
وقد كنت أرجو أن تكون الإدارات المتخصصة في دراسة الوقائع المعني بها (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية) قبل مرحلتي الضبط والتحقيق ضمن هذه المسميات الجديدة؛ وذلك لعدة اعتبارات منها:
أولا: أن النظام المعني جديد الإصدار والتطبيق إذا نظرنا لأعمار الأنظمة وهو يحتاج إلى التطوير المستمر بما يضمن جودة تطبيقه.
ثانيا: أن النظام المعني يتعلق بتصرفات جديدة على الشعوب في العالم أجمع، فعمر الثورة التقنية بالكاد يتجاوز العقدين، وهي فترة قصيرة لتستوعب الشعوب وأفرادها المتغيرات جراء ذلك.
ثالثا: أن النظام المعني يواكب متغيرات سريعة جدا في كافة المجالات الإنسانية في الداخل والخارج مما يستوجب الاهتمام بأي ما من شأنه تطويره، والرفع من مستوى جودته؛ لتتحقق أهدافه في نفع المجتمع، وتنميته، ورقيه؛ ليواكب بذلك المجتمعات الإنسانية المتقدمة.
رابعا: أن إنشاء إدارات متخصصة بتوصيف الوقائع، وفحص الحالات الجنائية عن غيرها قبل مرحلتي الضبط والتحقيق، لا يتعارض مع عمل جهات الضبط والمحققين والمدعين العامين الذين لا يستطيعون حسب ما أرى التفرغ لمثل هذا العمل التخصصي الدقيق الذي يحتاج إلى إدارات وكوادر بشرية متخصصة.
خامسا: أنني اطلعت بحكم متابعتي لملفات بعض الجرائم المعلوماتية على الكثير من الأخطاء في توصيف واقعة الجريمة المعلوماتية؛ مما أدخل بعض الوقائع في نطاق الجريمة المعلوماتية وهي ليست كذلك؛ وقد كنت أرجو أن أجد في تلك الملفات أساسا يؤكد التوصيف الدقيق، ويعطي النسبة الأكبر للتهمة في حق المتورط.
وبعد فإن الأمر الذي أجزم به أن المسؤولين عن النيابة العامة بالمملكة حريصون على ما يطور إجراءاتهم، ويحقق جودة عملهم، ليصل عمل هذه المؤسسة إلى مستوى تطلعات ولاة الأمر الحريصين دائما على تحقيق العدالة، وتطوير أنظمتها.
alsuhaimi_ksa@