محمد حطحوط

تحليل البيئة التسويقية: شركة ألمانية وخطأ كارثي!

الاحد - 10 أكتوبر 2021

Sun - 10 Oct 2021

شركة ألمانية للسيارات الفارهة، قامت برعاية فريق خليجي، وكان السيناريو الإعلاني أنه في نصف النشيد الوطني تصل السيارات الألمانية خارج الملعب، ويوقف اللاعبون نشيدهم الوطني، من دهشة جمال تلك السيارات -هكذا يظن الأخ العربي المسوق صاحب الفكرة- ويتسابقون في منظر طفولي نحو تلك السيارات، تماما مثل أطفال رؤوا سيارة الأيسكريم! الكارثة حدثت عندما اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي غضبا من عدم احترام الشركة ولاعبي النادي لنشيد الدولة الوطني! وصدر قرار بعدها بساعات بحل مجلس الإدارة بالكامل! خطأ تسويقي أدى لأزمة في إدارة السمعة، فقط لأنه لم يقم بتحليل البيئة التسويقية جيدا، وفهم المقبول وغير المقبول ثقافيا وسياسيا في البلد الذي يعمل فيه.

لماذا شركات مثل كوكاكولا وماكدونالدز لاتقع في أخطاء مشابهة؟ لأنها تعطي تحليل البيئة التسويقية الوقت الكافي لمعرفة كل ما تحتاج معرفته في هذه المرحلة. عندما زرت متحف شركة كوكاكولا في مقر الشركة بمدينة أتلانتا الأمريكية، صدمت أنهم لديهم منتجات خاصة في كل دولة بالعالم! مثلا في جنوب أفريقيا كولا بنكهة المانقو نظرا للثقافة المحلية، وفي الهند صدق أو لا تصدق هناك كولا فيه لذعة خفيفة من الفلفل! تحليل البيئة التسويقية تعني وبلغة سهلة أن تعرف جيدا عملاءك، منافسيك، نقاط قوتهم وضعفهم، ثم السوق التي تعمل فيها، دينيا وسياسيا وثقافيا واقتصاديا و...إلخ.

كيف تعرف منافسيك وتقترب منهم؟ هناك وسائل كثيرة، أبسطها أن تتبضع منهم بشكل مباشر أو غير مباشر (إذا كنت معروفا)، تشترك في القائمة البريدية، شركات التوريد، مصدر المواد الخام، تعيش تجربة العميل بالكامل، تتصل بخدمة العملاء، تلاحظ أدق التفاصيل في طريقة العرض ورائحة المكان وكل التفاصيل الهامة في قطاعك. كمية هائلة من المعلومات متاحة أمام عينك، تحتاج لشخص ذكي يرتبها لتبني عليها قرارا، وتعرف نقاط قوة وضعف كل منافس. الهدف النهائي أن تتلافى نقاط الضعف وتأخذ من نقاط القوة ما يزيدك قوة، وتزيد عليه، حتى لا تكون نسخة مكررة من المنافسين، ولا تفقد، وهنا مربط الفرس، قيمتك المضافة.

أما بالنسبة لدراسة السوق، فلا تظن أن مكتبا تعطيه مبلغا مقطوعا ليعطيك دراسة جدوى -منحها لألف شركة قبلك- خيارا جيدا. التحدي في هذه المرحلة ليس البحث عن أجوبة، وإنما التحدي كل التحدي أن تسأل الأسئلة الصحيحة! مثلا، هل هناك قوانين لا بد من استيفائها؟ هل منتجي يخالف عرفا ثقافيا أو دينيا؟ هل الأمور السياسية مستقرة في البلد الذي أعمل فيه؟ هل البنية التحتية لنجاح المشروع موجودة؟ هل الوضع الاقتصادي الحالي مشجع لبيع منتجاتنا وخدماتنا؟ ركود مثلا؟

تحليل البيئة التسويقية هو مرحلة لا تنتهي، لأن السوق تتغير بشكل أسرع مما تتوقع، وبمجرد ظنك أنك فهمت السوق، فهذه بداية النهاية! سام والتون مؤسس والمارت، لديه أكثر من ٢.٣ مليون موظف، كان يمر بمحلات التجزئة الكبرى ويسألهم بشكل شخصي عن أي شيء لا يعرفه: من هم موردينك؟ كيف تضبط مستودعاتك؟ حتى أصبح اليوم من أكبر الشركات بالعالم. الأهم، ما زالت ثقافة العميل أولا، ومعرفة احتياجه ورغبته حاضرة في قيم الشركة وتدرب لكل موظفيها حول العالم.

mHatHut@