عبدالحليم البراك

زملاؤنا في مراكز الاتصال

الاثنين - 04 أكتوبر 2021

Mon - 04 Oct 2021

مراكز الاتصال أو ما يسمى بـ (call center) أو ممثلي خدمة العملاء أو أي أسماء أخرى تصنعها المنشآت، هي خط الدفاع الأول في الشركات والمؤسسات الحكومية، وهي إحدى واجهات تلك المؤسسات، ورقم الهاتف المعلن لهذه الجهات للتواصل معها، هي مراكز الاتصال، مما يعني أنها واجهة مهمة لتلك المنشآت، والمشاهد يرى الفرق الكبير بين مراكز الاتصال في بلداننا والبلدان الأخرى، بل ويلمس الفروقات الكبيرة بين هذه وتلك.

تستشعر الشركات الكبرى المحترفة والمؤسسات العريقة أهمية هذا الخط الدفاعي الأول وإنهاء المشاكل من خلالهم وأخذ التغذية الراجعة منهم، باعتبارهم القناة المفتوحة للتواصل الحقيقي مع العملاء، وبذلك يكادون يكونون أهم جهة بعد البيع أو بعد الخدمة، وهذا الفريق الصغير في الوقت الحالي لا حول له ولا قوة، بسبب تصغير الشركات والوزارات لتلك الإدارات، بل ويتميزون هنا بانخفاض الرواتب والحوافز، وكذلك عدم وجود صلاحيات، ولا يملكون الوصول للقيادات لإشعارهم بالتغذية الراجعة عما يواجهون من مشكلات أثناء التواصل مع المستفيدين أو العملاء، ناهيك عن ضعف في التدريب والتأهيل.

ولذلك تجد قلة الخبرة هنا، وتجد هجرا سريعا للوظائف وتدويرا لها في مراكز الاتصال، فما إن يأخذ الخبرة ويكتسبها إلا ويهرب منها، أو تتم ترقيته لوظائف أخرى، لتخسر هذه الإدارة المهمة الكفاءات المتميزة، ولأنه يواجه ضغط الجمهور من جهة، وعدم وجود الصلاحيات من جهة أخرى، وجهة ثالثة استكبار المدراء التنفيذيين عن مواجهة المشكلة بأنفسهم ورغبتهم بإنهائها بطريقة تعسفية قبل أن تصل لهم أو تصل لمن هم أكبر منها، ليجعلوا من رضا المستفيد والعميل تم لو لم يتم!

لذلك ستجد أن مراكز الاتصال الآن في مؤسساتنا وشركاتنا تعكس واقع الشركات؛ فالشركات المحترفة تعطي أهمية كبيرة لمرحلة ما بعد البيع والخدمة، لتضمن ولاء العملاء من جهة وللتأكد من أنها تسير في الطريق الصحيح قبل أن تفقد العملاء أو ثقة المستفيدين. والمدراء التنفيذيون القابعون في أبراجهم العاجية مشغولون بخطط استراتيجية ورقية، ولوحات أداء لا تعكس الواقع، وتقييمات وهمية تم العبث بأرقامها لإرضاء مجالس الإدارات والقيادات العليا.

الملاحظ؛ إن لم تطور تلك الجهات مراكز الاتصال، وربطها بالمسؤول الأول، ورفع مستوى التدريب والمهارات للعاملين فيها، وتوفير الاستقرار الوظيفي لهم، وإعطائهم صلاحيات نظامية مدروسة، ومنحهم فرصة في المشاركة في تعديل السياسات والأنظمة وفق التغذية الراجعة من العملاء، وكذلك وجود قنوات تنصت لمعاناتهم، وتخفيف ساعات العمل، مما يضمن لهم جهدا مضاعفا وتحفيزا مستمرا يضمن تقديم خدمة بجودة عالية، ومنح العملاء القدرة على التواصل مع المدراء المباشرين للتصعيد في حال لم يقتنع العميل والمستفيد من الإجابة، فإن الوضع لن يتغير ولا نتوقع من مراكز الاتصال إلا هذه الكلمات: كيف أقدر أخدمك، لا أستطيع عزيزي، معك التقييم، شكرا لاتصالك.

أخيرا، كل هذه الكلمات من خلال تجربة أكثر من أسبوعين تواصل معهم، لمست هذا، ما لهم وعليهم، وأتمنى بكل صدق أن نرى تطويرا كبيرا في هذا القطاع، لأنه واجهة الجهات والشركات، ولأن موجة التذمر قد تنتهي لديهم، ومنهم تتم التغذية الراجعة، لأنها المقياس الحقيقي لرضا العميل وإن لم يحدث ذلك، تتفاقم المشاكل بعيدا عن التنفيذيين في مشاكلهم، والضحية خدمة المواطن في القطاع العام، وخسارة المنشأة في القطاع الخاص، أو لنقتنع بأنهم ليسوا إلا ديكورا مكملا لشكل المنشأة لا أكثر، وهو الحاصل!

Halemalbaarrak@