عبدالله العولقي

بايدن على خطى ترمب

الاثنين - 04 أكتوبر 2021

Mon - 04 Oct 2021

على الرغم أن الرئيس السابق دونالد ترمب لم يحكم سوى فترة رئاسية واحدة إلا أنه استطاع أن يترك وزرا ثقيلا على خلفه، فيبدو أن الأشهر التسعة الأولى من حكم الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن قد أوضحت أن الرجل لا يزال أسيرا لمنهجية ترمب في القرار الأمريكي، فشعار أمريكا أولا لا ينفك حاضرا في خطاباته ولو بطريقة غير مباشرة، وبهذا فقد عكس بايدن كل التوقعات، وأصبحت فترته الرئاسية الحالية وكأنها الفترة الثانية لترمب على عكس ما كان يتردد بأنه سيكون الفترة الثالثة لأوباما، باعتبار أنه ينتمي إلى ذات المدرسة اليسارية التي أضحت تهيمن على فكر رجالات الحزب الديمقراطي.

ففيما يتعلق بالصين، فقد بدا بايدن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في مهاجمته للصين وكأنه الرئيس السابق والذي كان يصف الجائحة بالفيروس الصيني، بل إنه قد أعاد إلى الإعلام الأمريكي فكرة المؤامرة الصينية على العالم ولو بصورة غير مباشرة، وأن الصين لا تزال تخفي معلومات حيوية تتعلق بمنشأ وطبيعة فيروس كورونا (كوفيد 19).

وفيما يتعلق بأوروبا، فالرئيس السابق ترمب لم يتعامل مع أوروبا باعتبارها الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، وعلى ذات النهج يسير بايدن حتى الآن، ولعل أخرها طعنة الظهر أو ما يسمى بصفقة الغواصات الأسترالية، كما أن قرار بايدن التاريخي بالانسحاب النهائي من أفغانستان هو في الواقع إكمالا لقرار ترمب الذي كان قد ابتدأ خطواته الفعلية قبل انتهاء فترة رئاسته، بالإضافة إلى أن قرار الانسحاب جاء دون التشاور مع الحلفاء الأوروبيين، الأمر الذي سبب امتعاضا عنيفا لدى باريس وبرلين، باعتبار أنه قرار يتعلق بالأمن الدولي وكان من المفترض التشاور معهم حول طريقته وتداعياته.

وعلى ذات النهج الترمبي، واصل الرئيس بايدن أسلوب الضغط على ألمانيا من أجل انسحابها من مشروع خط الغاز الاستراتيجي الذي يربطها مع روسيا، وأما بخصوص الملف الإيراني، فلم يتمكن بايدن حتى الآن من إيجاد حلول ناجحة مع نظام الملالي في طهران سوى الإبقاء على طبيعة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس السابق باعتبارها الطريق الصحيح للتعامل مع الأنظمة الداعمة للإرهاب في العالم.

وأخيرا، الرئيس الأسبق باراك أوباما، كان قد اعتمد في قراراته على مجموعة الفكر الأمريكي أو ما يسمى بالثينك تانك، وهي مجوعة تضم نخبة من خبراء الأمن القومي والعسكري والدبلوماسي بالإضافة إلى أعلام كبار في الاقتصاد والإعلام والأمن السيبراني، وعند وصول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، ألغى أعمال هذه المجموعة، واكتفى بمجموعة خاصة من مستشاريي الحزب الجمهوري، وعلى ذات النهج سار بايدن واكتفى هو الآخر ببعض مستشاريي الحزب الديمقراطي، ولكن الحملة الإعلامية الشعواء التي طالت الرئيس الأمريكي الحالي بعد قرار الانسحاب من أفغانستان، والإهانة الإعلامية التي طالت كبرياء الولايات المتحدة، تجعل الرئيس بايدن أمام خيارين استراتيجيين إما أن يستمر في إدارته على خطا ترمب في ملف العلاقات الخارجية أو إنه يستعيد فكرة مجموعة الثينك تانك ويرجعها للواجهة السياسية مرة أخرى؟!!

@albakry1814