إبراهيم حسين جستنيه

همسة ليل الكهرباء

الاحد - 03 أكتوبر 2021

Sun - 03 Oct 2021

تعقيبا على ما كتبه الدكتور حسين باصي في مقاله المنشور بصحيفة مكة يوم الاثنين 16 أغسطس 2021م، 8/1/1443هـ، تحت عنوان «استخدام الكهرباء في الليل» أقول، يبدو أنك نسيت أن إنارة الشوارع والميادين والطرقات تستخدم طاقة عالية جدا أثناء الليل رغم أن البعض منها تحول إلى لوحات الليد، ومع ذلك لا تزال شركة الكهرباء عاجزة عن توفير الطاقة اللازمة، ونسيت الكشافات الضخمة التي تستخدمها الشركة على جميع المحطات الفرعية، كم كمية الطاقة التي تستهلكها مع أنه بالإمكان الاستغناء عنها بوسيلة أسهل وأقل تكلفة، ونسيت أن الليل للراحة والسكينة وليس للإزعاج بمكائن الغسيل وغيرها، ألا تكفي معاناة النهار وضجيج السيارات وصوت المكيفات.

يا أخي الكلام شيء نظري من الصعب تطبيقه، ومواكبة الحضارة والتطور وتحقيق الرؤيا 2030 يحتاج للكثير من الجهود والدعم المتنوع، والطاقة من أكبر العناصر المهمة لذلك، وهذا أحد أسباب التوجه لاستخدام الطاقة البديلة. أيضا لا تنس تهالك الشبكة. حبذا لو تكلف نفسك بزيارة سريعة وخاطفة في الشوارع والحواري لتشاهد بأم عينيك حجم المخاطر والأضرار على الأرواح والممتلكات المتوقع حدوثها في أي لحظة بسبب الأخطاء الموجودة. الحديث ذو شجون عميقة الجراح بلا طبيب متخصص.

المقارنة الواردة في المقالة غير عادلة، لعدم اكتمال عناصرها، كالبيئة وأثارها بشكل عام، والتذبذب الكبير في درجات الحرارة، ونوع الخدمة، والتعويض عن الخسائر عند انقطاع الكهرباء، وحق اختيار الشركة المزودة للطاقة، ووسائل الأمن والأمان والسلامة وغيرها، ومن الجانب الآخر، الفارق الشاسع في الخدمات التي تقدمها تلك الشركات بالنسبة لما لدينا، وأعمال الحفريات المتكررة لتوصيل التيار للمشترك، والأضرار الجانبية وتكاليفها الباهظة يتحملها المستهلك بطريقة غير مباشرة، مع أنه بالإمكان التغلب على الكثير منها إذا استخدمنا القواعد التأسيسية الصحيحة التي تتلاءم من بيئتنا كما يحدث في جميع دول العالم تماشيا مع مبدأ المقارنة التي تشير إليها في المقال، إلى غير ذلك من أسس قواعد المقارنة، وللمقارنة، تجد في كل ولاية أمريكية مثلا أنظمة مختلفة عن بقية الولايات، وطريقة توصيل الطاقة ونظام استخدامها وأسعارها مختلفة، رغم أنها دولة واحدة، فكيف تقارن بين دول لا تكاد تلتقي عند أي قاعدة من أسس المقارنة.

يا أخي، هناك عثرات كثيرة في الكهرباء، مع الأسف الشديد الكثير لا يريد أن يراها أو يسمع عنها، والبعض لا يريد أن يكتب أو يشير إليها من يعرفها، وإذا كتبت عنها يتم تجاهلها أو التبرير أو إحالتها لجهة الاختصاص قسم الأرشيف، في حين أن الهدف من الكتابة عنها ليس التشهير ولا الإضرار، وإنما الإصلاح وتلافي المخاطر وتجنب الكوارث؛ لتكون المملكة قدوة يحتذى بها، على مبدأ الحكمة القائلة (رحم الله من أسدى إلي عيوبي) فمثلا:

1 - لا يوجد خط التأريض الفاعل في شبكة التوصيل بين وحدات التوزيع والتوصيل للمستهلكين على اختلاف فئاتهم ومسمياتهم لضمان أداء مفعوله عند الحاجة، وهذا يشكل خطورة كبيرة متعددة الجوانب على الطرفين، بينما يطالب المستهلك به دون ضمان تفعيل استمراريته، ومن العجيب جدا أن كود البناء الجديد الذي يجري تفعيل بنوده حاليا لم يتنبه لها ولا لضرورة الالتزام بضمان السلامة والأمان والأمن والجوانب الأخرى الخطرة في الكهرباء لدى الطرفين.

2 - قلما يكون توزيع الأحمال وفقا للمعايير الفنية، والمستهلك مطالب به، ولهذا مخاطر جمة على الطرفين.

3 - لا يوجد فحص واختبار التأريض والحيادي بشكل دوري ومنتظم لضمان عملية الأمن والسلامة والوقاية من الكوارث والحرائق.

4 - يوجد تذبذب في الفولت واختلاف شدته في الأطوار الثلاثة مما ينتج عنه مخاطر جسيمة وأضرار بالغة الخطورة.

5 - عدم استخدام القاطع الآلي الرباعي الأطوار وفقا لمعايير الأمن والأمان والسلامة التي يفرضها الواقع البيئي في المملكة لتلافي المخاطر.

6 - عدم ضبط القاطع الآلي الرئيسي الثلاثي الأطوار المستخدم حاليا على الحساسيات المطلوبة للمستهلك، وجعلها شاملة مما يفقده مفعوله عند الضرورة.

7 - تقاضى رسوم شهرية عن كل عداد للمشتركين أجور صيانة منذ تركيبه إلى أن تحل به كارثة أو يُزال، حتى لو اشتكى المستهلك.

هذه بعض من الجروح العميقة والشديدة الألم والعظيمة الخطورة على الأرواح والممتلكات من مخاطر الكهرباء، ولو تعمقنا قليلا في البحث لوجدنا الأكثر ألما والأشد ضررا، ولا نعلم إن كان المسؤولون يعلمون ذلك ويدركون مدى خطورته الجسيمة، أم أنهم في معزل عما يعانيه المستهلكون.

صدمات متتالية وجروح متوالية كهربائية دفينة في الأعماق، وفواتير باهظة لم تعالج منذ زمن بعيد، بل تزداد عمقا وقسوة مع مرور الزمان، لم نجد بعد لها طبيبا ماهرا، ولا متخصصا بارعا على الأقل لتخفيف آلام تلك الجروح، لكننا لن نيأس، ولن يخيب أملنا في القيادة الرشيدة التي تسعى لرفاهية وإسعاد الشعب، نأمل أن يكون العلاج قريبا وعاجلا كما حدث لمكافحة فيروس كرونا 19.