استفزاز ماكرون يفجر غضب الجزائريين

مطالب جماهيرية بطرد السفير الفرنسي وقطع العلاقات الدبلوماسية الرئاسة لماكرون: محاولاتك إخفاء المجازر والابتزاز فاشلة جرائم فرنسا الاستعمارية لا تعد ولا تحصى وتندرج تحت الإبادة كلماتكم هجوم لا يطاق ضد 5.6 ملايين شهيد ضحوا بأرواحهم تدخلكم المؤسف في شؤوننا يتعارض مع مبادئ العلاقات الدولية سنحيي ذكرى الكرامة.. ولن ننسى مذابح 17 أكتوبر في باريس
مطالب جماهيرية بطرد السفير الفرنسي وقطع العلاقات الدبلوماسية الرئاسة لماكرون: محاولاتك إخفاء المجازر والابتزاز فاشلة جرائم فرنسا الاستعمارية لا تعد ولا تحصى وتندرج تحت الإبادة كلماتكم هجوم لا يطاق ضد 5.6 ملايين شهيد ضحوا بأرواحهم تدخلكم المؤسف في شؤوننا يتعارض مع مبادئ العلاقات الدولية سنحيي ذكرى الكرامة.. ولن ننسى مذابح 17 أكتوبر في باريس

الأحد - 03 أكتوبر 2021

Sun - 03 Oct 2021

تحول طرد السفير الفرنسي من الجزائر إلى مطلب شعبي، في ظل حالة الغضب العارمة التي اجتاحات الشارع، في أعقاب تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي شكك خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي، وجرح خلالها كبرياء شعب المليون شهيد.

وحاول ماكرون محو الجراح الموجودة في ذاكرة الشعب الجزائري نحو بلاده، فتحولت كلماته إلى (جرح ثان) واستفزاز آخر للشعب الجزائري وقيادته التي ردت بقوة وعبر بيان رسمي على كل تصريحاته.

وواصل ماكرون مغامراته غير المحسوبة فاستضاف 18 شابا فرنسيا من أصل جزائري في قصر الإليزيه، بهدف تبادل الأحاديث بالتواكب مع احتفالات الجزائريين بنضالهم البطولي ضد الاستعمار الفرنسي الذي تسبب في قتل 5.65 ملايين شهيد، فأيقظت تصريحاته النار من تحت الرماد، وتسببت في حرب كلامية.

واستدعى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون سفير بلاده لدى فرنسا للتشاور لـ»مواجهة الوضع غير المقبول» بشكل خاص الناتج عن هذه التصريحات المنسوبة لماكرون، والتي وصفت بـ»غير المسؤولة»، واعتبر المراقبون الخطاب الفرنسي نوعا من الاستفزاز الجديد ضد المسلمين بشكل عام والجزائريين على وجه الخصوص.

اتهامات مبطنة

وسارعت الجزائر بإصدار بيان قوي، أعربت فيه عن «رفضها القاطع للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية» على خلفية التصريحات المنسوبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي ضمنها اتهامات مبطنة للنظام السياسي والعسكري في الجزائر.

وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان لها نشرته وكالة الأنباء الرسمية «عقب التعليقات التي لا جدال فيها والتي نسبتها مصادر فرنسية عدة بالاسم إلى رئيس الجمهورية الفرنسية، تعرب الجزائر عن رفضها القاطع للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية الذي تشكله هذه التعليقات».

وأضاف ذات المصدر «الكلمات المذكورة هي هجوم لا يطاق على ذكرى 5 ملايين و630 ألف شهيد شجاع ضحوا بأرواحهم في مقاومتهم البطولية للغزو الاستعماري الفرنسي، وكذلك في ثورة التحرير الوطني المجيدة».

جرائم فرنسا

وتابعت الرئاسة «جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر لا تعد ولا تحصى، وتتوافق مع أكثر التعريفات تطلبا للإبادة الجماعية ضد الإنسانية. هذه الجرائم غير القابلة للتقادم، لا يمكن أن تخضع للتلاعب بالحقائق والتفسيرات المخففة».

وأكدت أن «نزعة الحنين إلى الجزائر الفرنسية والدوائر التي تستسلم بصعوبة للاستقلال الكامل الذي فاز به الجزائريون بقتال شاق، تتجلى من خلال محاولات فاشلة لإخفاء الابتزاز والمجازر، وتدمير مئات القرى واستئصال قبائل المقاومة، وهي إبادة جماعية في سلسلة لن تتمكن الألعاب البهلوانية المفاهيمية والاختصارات السياسية من إخفائها».

وأبرزت الرئاسة أن «التقييمات السطحية والتقريبية والمغرضة التي تم إجراؤها فيما يتعلق ببناء الدولة الوطنية الجزائرية وكذلك تأكيد الهوية الوطنية هي جزء من مفهوم هيمنة مبتذلة للعلاقات بين الدول».

تدخل مؤسف

وفيما تزايدت نبرات الغضب في الشارع الجزائري تجاه التصريحات الفرنسية، نوهت الرئاسة الجزائرية إلى أن هذا «التدخل المؤسف الذي يتعارض بشكل أساسي مع المبادئ التي ينبغي أن تحكم تعاونا جزائريا فرنسيا محتملا في مسألة الذاكرة، له عيب لا يمكن إصلاحه، يتمثل في الاتجاه نحو الترويج لنسخة اعتذارية من الاستعمار على حساب الرؤية التي وضعها تاريخ شرعية نضالات التحرر الوطني، حيث لا شيء ولا أحد يستطيع إعفاء القوى الاستعمارية من جرائمها، بما في ذلك مذابح 17 أكتوبر في باريس والتي تستعد الجزائر ومجتمعها في فرنسا لإحياء ذكرى كرامة».

أحفاد الحرب

في المقابل، اعتبرت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أراد خلال استقباله على مدار ساعتين، 18 شابا فرنسيا من أصل جزائري، عاشوا حرب الجزائر، تبادل الأحاديث بحرية عن النزاع بهدف تهدئة «جرح الذاكرة».

وقالت إن ماكرون أراد أن يخاطب هؤلاء الشباب خصوصا، لأن نور وأمين ولينا وغوتييه ولوسي ويوان هم أحفاد مقاتلين في «جبهة التحرير الوطني» أو حركيين أو فرنسيين سكنوا أو ولدوا في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر. وأحدهم حفيد الجنرال سالان، الرئيس السابق لمنظمة الجيش السري.

وأشارت إلى أنه منذ يونيو الماضي، يلتقي هؤلاء الشباب، ومعظمهم من الطلاب، مع بعضهم بعضا، ويفكرون في كيفية تجميع كل هذه الذكريات التي ورثوها. وقد جمعتهم سيسيل رونو المسؤولة عن تنفيذ توصيات تقرير بنجامين ستورا حول «ذاكرة الاستعمار والحرب الجزائرية» المقدم في يناير الماضي للرئيس إيمانويل ماكرون.

10 رسائل

وبحسب الصحيفة فقد حددوا لأنفسهم مهمة تقديم عشر رسائل إلى ماكرون بحلول نهاية أكتوبر، والتي يفترض أن تغذي تفكيره في ما يتعلق «بمصالحة الذاكرة بين الشعبين الفرنسي والجزائري».

ويعد استقبال ماكرون لهم في قصر الإليزيه بمثابة نقطة انطلاق وفرصة للرئيس الفرنسي لمواجهة جيل جديد من الشباب المعنيين بمصالحة الذاكرة الفرنسية- الجزائرية.

واستمع ماكرون إلى هؤلاء الشباب وإلى ملاحظاتهم دون أن يقاطعهم، واقترحت رجاء، البالغة من العمر 20 عاما، أن تشكل الجزائر من استعمارها إلى الحرب، «موضوعا أساسيا في مناهج المدارس الفرنسية».

كراهية فرنسا

وأوضحت نورة التي نشأت في الجزائر العاصمة للرئيس الفرنسي، أن الشباب الجزائري لا يكنون «كراهية لفرنسا».

ورد عليها ماكرون، قائلا «لا أتحدث عن المجتمع الجزائري في أعماقه ولكن عن النظام السياسي العسكري الذي تم بناؤه على هذا الريع المرتبط بالذاكرة، أرى أن النظام الجزائري متعب وقد أضعفه الحراك، لدي حوار جيد مع الرئيس تبون، لكنني أرى أنه عالق داخل نظام صعب للغاية».

واقترحت لوسي، وهي حفيدة أحد الحركيين، وتبلغ من العمر 27 عاما، أن يلقي الرئيس الفرنسي خطابا كبيرا حول حرب الجزائر يقول فيه الحقيقة التاريخية (...). بينما اقترح يوهان، البالغ من العمر 35 عاما، وهو حفيد أحد المعمرين العائدين، «البناء المشترك» لأماكن الذاكرة في المنطقة.

ودعا إلى تسهيل إصدار التأشيرات حتى يتمكن الشباب من الجانب الآخر من القدوم لزيارتهم، وهذا هو موضوع الساعة في الوقت الراهن.

تضليل ودعاية

وقلصت باريس في الفترة الماضية منح التأشيرات للجزائريين، إلى جانب المغاربة والتونسيين في مواجهة رفض البلاد إعادة مواطنيها الذين هم في وضع غير نظامي في فرنسا.

ولطمأنة ضيوفه الشباب، أكد ماكرون أنه «لن يكون هناك تأثير على الطلاب ومجتمع الأعمال، سنقوم بالتضييق على الأشخاص ضمن النظام الحاكم، الذين اعتادوا على التقدم بطلب للحصول على تأشيرات بسهولة، هي وسيلة ضغط للقول لهؤلاء القادة إنه إذا لم يتعاونوا لإبعاد الأشخاص الموجودين في وضع غير نظامي وخطير في فرنسا، فلن نجعل حياتهم سهلة».

وفي رده على إحدى المداخلات، قال الرئيس الفرنسي إنه يريد إنتاجا تحريريا تبثه فرنسا، باللغتين العربية والأمازيغية، في المنطقة المغاربية، لمواجهة «التضليل» و»الدعاية» التي يقودها الأتراك، الذين «يعيدون كتابة التاريخ».

سؤال مؤلم

ويتساءل الرئيس الفرنسي «هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال»، ويضيف أنه كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي، ويذهب إلى القول «أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون».

وتسبب سؤال ماكرون في موجة غضب لدى الجزائريين بشكل عام والقيادة على وجه الخصوص، ورآه بعضهم إهانة وتقليل من الأمة الجزائرية التي تتمتع بقصة نضال كبيرة، وتعتبر من أعرق وأكثر الأمم في شمال أفريقيا في القدرة على مواجهة التحديات.

تداعيات التصريحات المستفزة:

  • استدعاء السفير الجزائري في فرنسا للتشاور

  • مطالب إعلامية بطرد السفير الفرنسي من الجزائر

  • بيان رسمي من الرئاسة الجزائرية ردا على تصريحات ماكرون

  • غضب شعبي داخل صفوف الجزائريين

  • حرب إعلامية بين البلدين قد يطول مداها