زهير ياسين آل طه

ساعة ذكية لإنترنت الذكاء لكل الأشياء

الثلاثاء - 28 سبتمبر 2021

Tue - 28 Sep 2021

الذكاء الهجين الجماعي ما بين الإنساني والاصطناعي فرض واقعا استباقيا في أزمة الجائحة الفيروسية العالمية المتحورة «كوفيد- 19» لأنه الحل الوحيد المتاح والسريع إبان ظهورها المفاجئ، واتخذ له موقعا استراتيجيا ارتداديا محموما ومقبولا في الوقت ذاته من ورود شبه الانزلاقات، ومتوغلا في ساحة الإبداع والابتكار بتوغل محمود نوعا ما، لكنه ممزوج بالقلق الذي يساور المتعاملين معه من احتمال انكشاف البيانات الخاصة وتبعثرها والتحديات السيبرانية في مواجهة الهجمات والاختراقات، لينتج بعيدا عن القلق ولو موقتا حلولا ذكية مبتكرة قد تعوض ما نقص وفات في برامج أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة SDGs والاستراتيجيات والخطط التنموية إذا استغلت استغلالا أخلاقيا وإنسانيا وفقا للمعايير الأخلاقية المهنية والتوجيهات الإدارية النظامية التي تحويها مثلا مواصفات الإيزو العالمية للذكاء الاصطناعي.

والذكاء الهجين قد أنتج ما لم يستطع إنتاجه العقل لوحده في فترة وجيزة بسبب دخول الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته وأبحاثه العلمية وبرامجه وتطبيقاته على خط الذكاء الإنساني، كوسيط ومحفز ومسرع للخروج من العزلة التي فرضتها الجائحة.

وقد استطاعت المملكة بقيادتها الحكيمة أن توفر وتوظف كل الطاقات والمصادر التي تملكها لخدمة الإنسانية محليا وعالميا لمواجهة الجائحة، من خلال الدفع الأخلاقي المقنن والمتوازن للذكاء الاستراتيجي لابتكار الأنظمة الذكية بما فيها من بيانات واستخدامها وإدارتها وقيادتها بذكاء وأمان يتظلل تحت «نظام حماية البيانات الشخصية» والموافق عليه مؤخرا ضمن قرارات مجلس الوزراء.

«والمملكة تعد فخرا لأبنائها وللأمة الإسلامية والعربية في تربعها في القمة أمام العيان بما يشار لها بالبنان وموثوقية البيان»، حيث ترجم مؤخرا وليس أخيرا تفردها في إنجاز عالمي بحصولها على المرتبة الثانية (2) عالميا في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2020 متصدرة الشرق الأوسط وقارة آسيا، وهو دليل قطعي على توازن الحركة العملية مع العلمية في الذكاء الاصطناعي ومتانتها لارتباطها القوي مع مقومات الأمن السيبراني، والذي بدوره يعطيها الثقة والقدرة على التوسع نتيجة صلابة ومتانة البنية التحتية للثورة الصناعية الرابعة الذكية في المملكة للانطلاق مستقبلا بسهولة للثورة الخامسة إذا انبثقت واعتمدت.

ومتانة البنية التحتية الذكية تعزز القدرة في استيفاء ما يخطط له الخبراء واستراتيجيو الثورة الذكية في توجههم لتعزيز إنترت الأشياء مع الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع في الدولة المتطورة الذكية بمدنها الذكية نحو جودة حياة ذكية، لتحقيق معنى إنترنت كل الأشياء «IoE» في ربط الإنسان مع العمليات والبيانات والأشياء شبكيا كما تعرفه شركة سيسكو Cisco، وهذا الترابط المتزايد والمتسارع له قيمة معتبرة سببها أن كل شيء يأتي عبر وتحت مظلة واحدة وهي الإنترنت الحاضن للحركة الذكية في الثورة الذكية.

وبما أننا وصلنا لقناعة أو شبه قناعة إن صح التعبير بالتحول من إنترنت الأشياء IoT إلى إنترنت كل الأشياء IoE، لأنه واقع فرض نفسه ولا مناص منه في هذا التسارع الذكي لكل الأشياء وإنترنتها، والساحة العلمية البحثية في مجالات عديدة شاهد عيان على هذا التوسع في «إنترنت الذكاء المعني بكل الأشياء» وخاصة الأبحاث الطبية التي تهتم بصحة الإنسان وعلاجه من أمراضه وتوتره وضغوطه وغضبه وتأدبه وتصرفاته وسلوكه وتحركاته واهتماماته عموما وربطها بالذكاء الاصطناعي في تحقيقها، مع توثيق الجانب الأخلاقي المهني والحامي للخصوصية والبيانات النابعة من الخوف والطلب الجاد عالميا لاحتوائها.

وقد نشرت أبحاث حديثة في عامي 2020 و2021 تحمل كوامن ذات قيمة مستقبلية في الجانب الطبي الذكي مع مجاراتها وتضمينها للجانب التأديبي والأخلاقي السلوكي التوجيهي، مع افتراضي تسميتهم بعد التقطيع والفصل «بإنترنت الصحة والأخلاق والأدب» كونها جزءا لا يتجزأ من إنترنت الذكاء لكل الأشياء كما أشرت سابقا في التعريف لسيسكو بإقحام الإنسان في العملية والحركة الذكية بمجملها.

والأبحاث تلك تؤسس لمستقبل واعد في تحليل ذكي لكيمياء الجسم من التعرق والكهروكيمياء الخاصة بالأدوية التي تظهر جزئياتها مع التعرق بعد الاستخدام من خلال ساعات ذكية، والتوجه للتحليلين فيه نواة مستقبلية للتحكم وإرسال إشارات تنبيهية للهدوء والسكون والركود والأدب نتيجة التوتر والعصبية في جانب كيمياء الجسم، ومراقبة وتوجيه العلاج السليم والاستخدام الأمثل له في جانب تحليل الكهروكيمياء لجزئيات الأدوية على سطح الجسم.

وتربعنا في القمة رقميا وأمنيا سيبرانيا مفخرة وشموخ، والمحافظة عليه ضرورة ماسة للتنافسية المباركة من خلال الدخول في أبحاث متعمقة في كيمياء الجسم والكهروكيمياء بما لدينا من باحثين في جامعاتنا المتألقة في الترتيب العالمي ومراكز أبحاث وأودية تقنية ووزارات معنية كالاتصالات والصناعة، لنطور ساعات ذكية تحاكي احتياجاتنا واحتياجات العالم، وقد تكون «سدايا» الهدف المنشود للتبني للفكرة بالتنسيق مع الصحة في صحتي في صناعة أو تطوير ساعة ذكية «لتوكلنا» مثلا، التطبيق الذكي الذي أظهر تمايزا عالميا في محتواه التطويري المستمر، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الفردية للتصرفات والسلوكيات والصحة التي سترصدها الساعات الذكية المؤملة، وهذا أمر محفوظ ومؤكد ولا جدال فيه بعد تطبيق نظام حماية البيانات الشخصية.