عبدالعزيز منديلي

تقييم الأداء من زاوية أخرى

الاحد - 26 سبتمبر 2021

Sun - 26 Sep 2021

في إحدى شركات التصنيع، كانت قد بلغت كمية الأخطاء التصنيعية في سنة واحدة آلاف الأخطاء، منها ما يمكن إعادة تصنيعه، والغالبية العظمى مصيرها حاويات الإتلاف (Scrap)، الأمر الذي حفزني وفريق ضبط الجودة للشروع في تحليل إحصاءات العيوب التصنيعية وتصنيفها إلى مجموعات رئيسة، حيث أعدنا تصنيف البيانات عدة مرات للوصول إلى التقسيم المنطقي والمناسب للبحث والدراسة.

وبعد تأمل، وجدت أنه من الضروري تضمين تقارير خاصة بأهم عامل للأخطاء التصنيعية ألا وهو الخطأ البشري (Human Errors)! حيث تصل نسبة الأخطاء البشرية من بين كل العوامل المؤثرة إلى ما يزيد عن 90% في أعلى الإحصاءات العالمية!

لذا كان من اللازم إضافة مهمة تقييم مهارة العمالة لأعضاء الفريق – مع المهام السابقة – كل في نطاقه، وذلك حسب المنتج وحسب مراحل التصنيع، إذ تتبنى الشركة سياسة التدوير مما تشكل نقطة قوة تجاه عوامل تقليص الكوادر، وفي المقابل، بيئة خصبة لتضخم البيانات وتشعبها.

هنا كانت اللحظة الفارقة في روح فريق ضبط الجودة، إذ استشعروا بعدا آخر ونظرة أعمق من المهام الروتينية السابقة، حيث التمست تطورا ملحوظا في توثيق الملاحظات ومثابرة في التحليل والتقييم ومراقبة السلوكيات التصنيعية بروح المسؤولية. ولا يخفى على أي قائد فريق مقدار السعادة الحاصلة من ديناميكية الفكر الجديد.

أثناء متابعتي لسير المهام والتدقيق على النتائج الأولية ميدانيا، لفت نظري سريان ثقافة جديدة غير معتادة بين الخصمين اللدودين؛ فريق التصنيع وفريق ضبط الجودة!

سابقا، كان عمالة التصنيع – ولا تزال هذه السمة ملازمة لكل مكان تقريبا – يخفون المواد التالفة، وقد تجد محاولات للتحايل في تدوين الأرقام الإنتاجية لتفادي العقوبات والحسومات وفق الأنظمة.

اليوم، أصبحت أراهم – بشيء من الحرص – يسارعون نحو زملائهم من ضبط الجودة؛ لتحسين الأداء تارة، ولتفادي الأخطاء تارة أخرى.

قد أزعم أن أسلوب التقويم الجديد ساهم في تغيير الثقافة السائدة، فمن علاقة ترقب وترصّد إلى علاقة شراكة تكاملية.

إن إشعال نزعة المنافسة الشريفة في مجال الحرفة والمهارة؛ أعطى العاملين فرصة للمقارنة النوعية ومعالجة أوجه القصور قدر الإمكان.

من المفهوم أن أعمق الدروس تلك التي كرستها التجربة، إذ لم يدر بخلدي يوما أن إضافة مهمة واحدة فقط قد تغير ثقافة عمل كاملة!