عبدالله محمد الشهراني

الملك عبدالعزيز وتوطين المعرفة

الأربعاء - 22 سبتمبر 2021

Wed - 22 Sep 2021

في أواخر الأربعينيات الميلادية، كان الأمريكان هم المنشئين والمشغلين لمطار الظهران، وذلك بموجب اتفاقية أبرمها جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تدعى «اتفاقية مطار الظهران». تم تجديد الاتفاقية بين الدولتين، لتكون أكثر تفصيلا من ناحية الصلاحيات وأشمل من ناحية الفائدة، وذلك في 18 يونيو 1951م، ونص الاتفاقية متوافر في جريدة أم القرى في العدد رقم 1370.

من خلال مراجعة بنود تلك الاتفاقية نلاحظ أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية كانت تركز على المنافع والامتيازات، في حين كانت عين الملك عبدالعزيز رحمه الله تنظر إلى آفاق المستقبل دون أن تقتصر على مستوى الاتفاقية/الورقة وحسب. لقد كان التدريب حاضرا وجليا في فقرات الاتفاقية، بل خصص له ملحق في نهايتها، جاء في نص الاتفاقية «تدريب أقصى عدد ممكن من كل دفعة تتكون من مائة تلميذ سعودي، تختارهم الحكومة السعودية على أعمال إدارة المطار وصيانته». هذا فيما يخص التدريب داخل المملكة، والحاصل عليه يباشر عمله داخل المطار. لم يكتف جلالة الملك بهذا القدر بل أضاف «ستختار حكومة المملكة العربية السعودية من هؤلاء التلاميذ المائة وباستشارة البعثة الأمريكية عشرين تلميذا سعوديا لمواصلة التدريب في المدارس الأمريكية».

تم إنشاء المدرسة التي كانت تدعى «بعثة التدريب» داخل مطار الظهران، كانت تقدم العلوم الأساسية في مجال الطيران ابتداء باللغة الإنجليزية، وصولا إلى باقي العلوم، الاتصالات، العمليات الجوية، الأرصاد، الملاحة الجوية، صيانة الطائرات، كل ذلك تمهيدا لمرحلة الابتعاث والتخصص.

تعثر المشروع من جانب الولايات المتحدة مدة طويلة، حينها وجه الملك عبدالعزيز إنذارا بإعادة النظر في امتياز البترول الممنوح لأمريكا إذا استمرت الأخيرة في التلكؤ في تنفيذ التزامها. لم يتحرك المشروع بشكل جاد، واقتصر على مجرد تجهيزات بسيطة في مطار الظهران، حتى إن بعض الدورات كانت تعطى للطلبة وهم على أسرة النوم الخاصة بهم. وإذا كان حال التدريب داخل المطار على هذا النحو من السوء، فحال الابتعاث كان أسوأ وأشد. لم يبتعث أي طالب رغم إنهاء عدد جيد من الطلاب للمرحلة الأولى وجاهزيتهم لمرحلة الابتعاث.

كل ذلك كان يحدث بمتابعة شخصية من جلالة الملك عبدالعزيز الذي نفد صبره عندما لم يصل إلى نتيجة مع الولايات المتحدة، فقرر التفاوض مع الحكومة البريطانية بشأن تدريب الشباب السعودي. استثمر البريطانيون هذه الفرصة في إثبات حسن النوايا مع الدولة التي بدأت ملامح التنمية فيها تظهر بوضوح. وبالفعل تم إرسال عدد كبير من الطلبة إلى بريطانيا وعادوا لاحقا متسلحين بالعلم والمعرفة. الخلاصة، أن جلالة الملك المؤسس كان جل تركيزه دائما على التعليم وتوطين المعرفة، يبحث عن الحلول والبدائل مهما كلف الأمر.

الاستثمار في أبناء الوطن يعني النمو ويحقق الاستدامة في كل شيء.

ALSHAHRANI_1400 @