آلاء لبني

المواطنة المسؤولة

الأربعاء - 22 سبتمبر 2021

Wed - 22 Sep 2021

كتبت العام الماضي مقال «برهن عن حبك للوطن»، وبهذه الذكرى والمناسبة أرى أهمية تكرار غرس هذا المفهوم لنا والأجيال القادمة، وأن نبرهن عن حبنا بمنهج عملي، ولعلي أبدأ بالسؤال الذي طرحته سابقا: كيف تجعل من حبك منهجا لنماء وطنك؟

لكل مرحلة تاريخية مرت بها الدولة تحدياتها الخاصة، ولكل ما هو قادم تحديات أخرى يقدم الوطن على عبورها لبر الأمان وتنمية الإنسان والبيئة والأرض التي نمشي على ثراها.

على أعتاب ذكرى اليوم الوطني يتجدد أهمية قيامنا بواجباتنا تجاه المواطنة المسؤولة، فحب الوطن ليست صورة ولا كلمات ولا شعارات لمجرد ذر الرماد على العيون.

للأسف يسقط من بعض المهللين بالوطنية من حساباتهم وأولوياتهم القيام بالواجبات التي تفرضها المواطنة المسؤولة. لكل منا ميدانه ومعرفته ومهامه التي يؤديها صغرت أم كبرت، لكن حتما هناك حاجة وواجبات تجاه هذا الوطن. فنحن نعيش تحت كنف خيراته وعطائه، وكل له دور من المسؤولية: لرب الأسرة وأفرادها، للموظف، للمدير، لصاحب السلطة..إلخ. المواطنة المسؤولة ستحقق المزيد من الإنجاز لتحقيق الخير والازدهار والنماء لهذه الأرض.

الإخلاص والأمانة في العمل، الأمانة في مصالح الوطن والناس وهذه الأرض وما عليها من موارد، لا فصل بينهم، خطوات متوازية تحضن الإرث والمكان والتاريخ والجغرافيا.

لا للمذهبية ولا المناطقية ولا لأي شكل من أشكال التمييز، الوطن هو المكان الذي يحتضن الجميع نستمد منه العزة والكرامة، وإذا ما اختلفنا يوما بأعمالنا فليكن اختلافنا من أجل مصلحته وحق المال العام، وليس من أجل منافع زائلة ومكاسب رخيصة. أمانتك وإخلاصك أن ترعى الله ثم مصالح هذا البلد ونماء الإنسان فيه والمحافظة على موارده الطبيعية.

الوطنية ليست مركزا وظيفيا يقربنا من مصالحنا دون وضع اعتبار للحدود الأخلاقية، ولا شماعة نعلق عليه إخفاقاتنا. الوطن أكبر من كل ذلك.

يجب أن تحاول أن تتقن كل عمل تقوم به بالقدر الذي تجتهد فيه بما يرضى الله أولا، ثم أي تقييم ومراتب أو مناصب.

أكثر ما يغيظ أن يتغنى أحدهم بوطنيته وهو لا يعمل بأي من معانيها الحقيقية. والخطاب التسطيحي للأمور دون فهم واع لمستقبل القرارات والأفعال والخيارات. والتهرب من المسؤولية وقضاء الأوقات بلا إنتاجية.

وتغليب المصالح الشخصية والذاتية على المنافع وموارد هذا البلد مما قد يحجب الأصلح أو الخير للوطن.

يجب أن ترفض الفساد والابتزاز والرشوة والمحسوبية أو الاختلاس واستقبال المشاريع الفنية السيئة والمخرجات المتدنية. ومما يثلج الصدر ما تقوم به هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بهدف حماية المال العام، ومحاربة قائمة الفساد بأشكاله التي لا حد لها وخيانة الوطن واستغلال السلطة.

التصدي للفساد هو خير علاج لنماء الوطن وصدق رسول الله المصطفى بقوله (فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا)، ولعل حساب إبراء الذمة من الأمور الطيبة التي تساعد الإنسان المخطئ بطبعه أن يراجع نفسه دون أن يواجه مساءلة عن ذلك.

الولاء الوطني مفهوم عميق المعاني والمقاصد وما هو إلا نتاج العديد من الممارسات والأفعال، نحتاج إلى تعميق وتعزيز الانتماء بالممارسات الفردية والجماعية المسؤولة، ونتحسس أهمية مسؤوليتنا في حماية مواردنا الطبيعية والمحافظة على البيئة لما لها من دور في استمرارية وإدامة الحياة.

نحتاج تكاتف الجهود والوزارات والقطاعات الخاصة وغير الربحية والشباب من أجل غرس الثقافة الوطنية التي تدفع الأجيال لنبذ الفساد وكف الأيدي المعينة له.

انتشال الشباب من أي ضياع ومهددات، واحتوائهم من الانحرافات الفكرية والسلوكية والعيش بلا مبالاة وأخطار المخدرات وغيره الكثير، وتسول الشهرة من فساد أو السقوط القيمي.

موطننا بحاجتنا كما يعطينا يجب أن نعطيه وننميه لنا وللأجيال القادمة.

AlaLabani_1@