علي المطوع

السعودية في يومها الوطني

الأربعاء - 22 سبتمبر 2021

Wed - 22 Sep 2021

السعوديون على موعد جديد مع يومهم الوطني في ذكراه 91، ذكرى عزيزة على الجميع، فيها نعيد الذاكرة إلى الوراء البعيد عندما كانت هذه البلاد شتاتا وفرقة، كان القوي يأكل الضعيف، وكان الإنسان يرزح تحت خطوط الفقر والقهر وقلة ذات اليد.

كانت البلاد قبل التوحيد هجرا ممزقة ونواحي متنافرة محرومة من كل صور البناء والتحضر إلا في مناطق قليلة جدا.

قيض الله لهذه البلاد وحدة كان رمزها الأول الملك عبدالعزيز، وكان مشروعه بكل المقاييس يعد منعطفا مهما في منعطفات التاريخ العربي الحديث، من الكويت عاد بستين رجلا ليعيد الرياض إلى التاريخ، ولتكون منطلقا لأجل وحدة عربية عرفها العرب في العصر الحديث.

من الرياض انطلقت ملحمة التوحيد مبشرة بولادة زمن جديد لهذه الجزيرة التي غيبتها أحداث التاريخ السابقة؛ فلم يكن لها بعد الخلافة الراشدة في صفحاته شيء يذكر، سوى بعض لمحات بسيطة في المواسم الدينية المعروفة، والتي كانت تجعل العالم الإسلامي بنخبه وعوامه يذكرون ويتذاكرون المدينتين المقدستين مكة والمدينة دون غيرهما من بقاع تلك الجزيرة، كونهما استثناء من تلك الأرض وهذا الاستثناء مرتبط بزمن معين وهو الحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام.

وبعد انتهاء ملحمة التوحيد واتساع أرجاء الدولة، فطن الملك عبدالعزيز لضرورات المرحلة الجديدة وما تقتضيه من إصلاحات تسهم في توطيد دعائم هذه الدولة الفتية وتسهم في نقل إنسانها من نطاقات الخوف والفقر والعوز إلى فضاءات أرحب من الأمل والتطلع لغد مشرق يكون بداية فصول جديدة من التاريخ المجيد في هذه الأرض المباركة.

إن التغيرات الكبيرة التي حصلت للمملكة العربية السعودية منذ بواكير التوحيد حتى اليوم لتجعل المنصف يرى في هذه النقلات شيئا من الإعجاز الحضاري، قياسا بما كان وبما آل إليه الأمر وأصبح؛ فبعد أن كانت هذه البلاد محرومة من كل شيء، صارت تنعم بكل أسباب الحضارة وشواهدها، وهذا ما جعل إنسانها يتطلع إلى المزيد من الإيجابيات والمقدرات والتي تسهم في زيادة نمائه واستقراره، فخطط التنمية الخمسية أقرت ليكون الإنسان محورها الأساس، وسخرت الدولة خلال العقود المنصرمة كثيرا من مداخيلها للمساهمة في بناء الفرد والمجتمع والمؤسسات بما يسهم في تغير الإنسان إلى الأفضل وزيادة مساحات تطلعاته للأكمل والأصلح.

السعودية وطن متجدد على مستوى الدولة والإنسان، والمراحل السابقة وما وصلنا إليه وكل الشواهد تؤكد أن هذه البلاد قادرة على التماهي مع كل مرحلة وضروراتها ومتطلباتها، وأن هذا الشعب قادر على صنع ذلك الفارق الحضاري الذي يؤكد ريادته وقيادته للأمتين العربية والإسلامية، فشواهد التاريخ تقول إن إنسان هذه الأرض قد حمل الإسلام وأوصله إلى الأقطار المحيطة ومنها إلى الدنيا بأسرها متسلحا بإرادة قوية وإيمان أقوى، كل ذلك صنع مجدا وحضارة عربية إسلامية عجيبة امتدت من الصين شرقا لتطرق أبواب أوروبا في الغرب مخلدة تلك المآثر العظيمة، وعند تأصيل تلك الأحداث وتوثيقها ظرفا وطريقة فإنها تؤكد علو كعب إنسان هذه الأرض وقدرته على صنع المنجزات، وكما قال ولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان «السعوديون لديهم همة عظيمة»، وتلك الهمة هي الأساس والمنطلق للتغيير والبناء والتأثير والبقاء.

alaseery2@