عبدالله محمد الشهراني

الكتاب والجوال

الأربعاء - 08 سبتمبر 2021

Wed - 08 Sep 2021

تصور معي هذا المشهد.. أنت على كنبة غرفة المعيشة والتي تحتوي على مجموعة بسيطة من الكتب، يأتي ابنك ويأخذ أحد الكتب ويهم بقراءته. السؤال الأول هل سوف تكون سعيدا؟، أعتقد الإجابة «جدا». يظل الابن منهمكا بالقراءة في الكتاب، ويأتي ما يشغله عن القراءة كطلب بسيط من الأم، أو إزعاج من بعض الإخوة، السؤال الثاني (خليك مركز معي عزيزي القارئ..

سوف تتكرر هذه الأسئلة لاحقا). السؤال: هل سوف توفر له البيئة المناسبة للقراءة؟، احتمال يكون الرد (شوفي غيره الولد مركز في شيء ينفعه، أو يا بنت يا ولد اترك أخاك، أو اترك الأذية وخذ كتاب مثل أخيك). تمر الدقائق تليها الساعات والابن منهمك في قراءة الكتاب، السؤال الثالث: ما هي ردة فعلك وأنت ترى ابنك يمضي الساعات في قراءة كتاب؟، اترك الإجابة لك عزيزي/ عزيزتي القارئ/ة.

الآن نعيد المشهد السابق لكن مع وضع الجوال بديلا للكتاب، ونعيد نفس الأسئلة على أنفسنا.. كيف ستكون إجابة السؤال الأول: أعتقد الترقب أو عدم المبالاة، وحين ننتقل إلى السؤال الثاني فمن المحتمل جدا أن يكون الرد (قم ساعد أمك بدل جلسة هذا الجهاز، أو تسلى مع إخوانك يبغون تلعب معهم، حرّك نفسك بدل الجلسة هذه.. كل الردود السابقة تكون ممزوجة بتكشيرة وعيون كبار وكذا). أما إجابة السؤال الثالث، فأعتقد وبنسبة كبيرة أن الغضب سوف يكون هو سيد الموقف، والسيناريوهات متعددة، (ساعتين!! ليه كذا، هات الجهاز.. قم رح غرفتك، أو تعال هنا.. حط الجوال في غرفتي.. وأنت محروم من الجهاز يومين.. هذا أنا كاتب المقال)، وقد تعقد جلسة مناصحة تنتهي بتحذير أو يصل الأمر إلى التهديد.

لنفهم المحصلة النهائية لكل مشهد.. في المشهد الأول، ما سوف يجنيه الابن هو محتوى الكتاب الذي سوف يكون مختزلا في قضية أو فكرة معينة، وهذا شيء ممتاز. والمشهد الثاني وبافتراض أن الابن كان يستخدم الجوال في شيء مفيد (مشاهدة صور أو مقاطع فيديو أو قراءة انفوجرافك... إلخ) فأعتقد أن الفائدة أعظم. أقول هذا الأمر وأنا من مناصري الكتب.. لكن العالم يتغير، واضعا في كفنا مكتبة كما عبر معالي الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان في جلسة خاصة قائلا «هذا الجيل سوف يتجاوزنا بمراحل، يملك مكتبة في كفه، في حين كنا نسافر من مدينة إلى أخرى من أجل زيارة مكتبة والحصول على معلومة».

أعلم جيدا أن نسبة كبيرة من الناس لديها نفس هذه القناعة، أن الكتاب لا يقارن بمحتوى الجهاز المحمول، لكن المشكلة تكمن فينا نحن الأباء والأمهات، أعني عدم الثقة أو الميل إلى القرار والحل السريع، مع الكتاب لا خوف عليه، لكن مع الجهاز هناك خطر.. فنأخذ أقصر الطرق، والأجدر والأنفع -حسب المفهوم الجديد للتربية- أن نخصص وقتا كافيا للأبناء نشرح لهم فيه كيفية الاستفادة من الجهاز المحمول، وأن نزرع في نفوسهم الثقة من خلال غرس القيم والمبادئ الإسلامية وما تربينا عليه من شيم وأخلاق.

المستقبل للأجهزة المحمولة.. لنكن مستعدين ولنؤسس قاعدة تربوية جديدة لم تكن موجودة في عهد آبائنا وأمهاتنا، قاعدة سوف يستفيد منها أبناؤنا مستقبلا عندما يصبحون أباء وأمهات.

ALSHAHRANI_1400 @