أحمد الهلالي

قرارات مصلح الكهربائية!

الثلاثاء - 07 سبتمبر 2021

Tue - 07 Sep 2021

وكنا في غاية السعادة قبل أن يسافر أبو ضاوي ويوكل مسؤولية الإشراف على الاستراحة إلى الشاب السبعيني (مصلح)، فمن الليلة الأولى أحضر الكهربائي وخفض الإضاءة وخلع معظم أفياش الفناء، وأخرج مجموعة البلوت من الغرفة الخاصة التي كانوا يتسامرون فيها، فأجلسهم إلى جوارنا في الفناء، ولكم أن تتخيلوا الصيحات البلوتية! ثم أخرج عشاق كرة القدم من المجلس أيضا إلى جوارنا وبات الأمر لا يطاق.

جلسنا إلى مائدة العشاء، وبدأ همس المتذمرين، فقلت لمصلح: ألا ترى أنك اتخذت قرارات ارتجالية لم تستشرنا فيها؟ فقال بلهجة استعلائية: أقول تعش، وبعد العشاء أعلمك! فضحك أحد الجالسين على السفرة الأخرى، فقال الآخر: يبدو أن الدجاج سيكون وجبة رئيسة، فأضحك بعض مجاوريه، ومصلح لا يتحدث، ثم حين جلسنا بعد العشاء وقف مصلح على حافة (الدكة) كأنه الديك الأعضب (المنتف)، وأخرج ورقة وقال بعد الحمد والسلام:

أيها الزملاء، لقد وليت عليكم لأني أستحق ذلك، فإن أصبت فمن نفسي، وإن أخطأت فمنكم أنتم، ولعلي لا أراكم بعد عامي هذا، ولن أخبركم وأنتم تعلمون أن (الكهرباء) أصبحت أكبر شركائنا في معاشاتنا، فإن كنا (نفحط) في دفع أقساطها الثقيلة في منازلنا، فلا تزيدوا أثقالها على كاهل استراحتنا، فأصحاب (البرشا والريال) يشعلون غرفة بكامل أجهزتها، وأصحاب البلوت مثلهم، غير ما نشعله نحن في الفناء الخارجي، وما نشعله في المطبخ والمرافق، وهذا يجعل فاتورة الكهرباء تأخذ ثلثي ميزانية الاستراحة، وبحسبة بسيطة فإني وجدت (القطة) لا تكفي احتياجاتنا، وقد كان أبو ضاوي يدفعها من حسابه الخاص، فالمئتان التي يدفعها كل عضو شهريا، يجب أن نضاعفها ثلاث مرات، فصاح أبو مروان: حنانيك يا زعيم! فقال مصلح: صه، ودعني أكمل خطابي إلى (الخناشير)!

أيها الزملاء، من أراد الترويح عن نفسه فليدفع، ومن لا يعجبه هذا القول فليجلس في بيته غير مأسوف عليه، ولكل من يريدون الاستمرار، فإننا مضطرون إلى قطع اشتراك الإنترنت، وقطع اشتراك القنوات الرياضية، ومنع العزائم، وفصل العامل، ولن يصرف من ميزانية الاستراحة إلا على وجبة عشاء عادية والشاي والقهوة وفاتورة (الكهرباء) وفاتورة الماء، وإني لأرجو منكم جميعا أن تساعدوني في القيام بهذه المهمة العظيمة، وأن توفروا في استخدام الكهرباء، فيحضر كل عضو بطارية مشحونة من بيته لاستخداماته الخاصة، ولن أعتذر ممن يضطرني إلى تقطيع سلك شاحنه بالسكين بعد قولي هذا، والسلام!

هاج الجمع وماجوا، وتداخلت الأصوات، وقرر 3 أعضاء الانسحاب، فقام أبو مروان وقال: يا شيخ مصلح، أرى أن نتصل بشركة الكهرباء ليتسلموا عدادهم، فلسنا بحاجة إليه، فلنشتر خلايا الطاقة الشمسية ونولد طاقة تكفي الاستراحة من شمسنا الغراء، ولنفعل مثله بعداد الماء، فإني أعرف (نجلا) يجري في واد قريب، فلنملأ منه (الجراكل) مرتين في الأسبوع، فتهلل وجه مصلح للمقترح وقال: ونعم الرأي أيها الخنشير، من غد سأفعل، وإني أعلنها صراحة، وبكل فخر واعتزاز، ثم صمت قليلا وحرك عينيه على وجوهنا جميعا، وأشار بإصبعه تجاه أبي مروان وهز يده قائلا: «ستكون نائبي أيها الملهم»!

ahmad_helali@