هل الإرهابي خواف؟

الجمعة - 29 يوليو 2016

Fri - 29 Jul 2016

هل جربت أن تقفز بالباراشوت؟ هل سبق أن حاولت القفز من مكان عال للوصول إلى مكان آخر؟ شعور غريب وقوي يدفع الإنسان إلى الأمام هروبا من وضع نفسي لا يمكن تحمله، إنها سيكولوجية الخوف الذي هو باختصار شعور قوي تجاه خطر ما. الخوف نوعان موضوعي وهو الذي ينشأ نتيجة خطر حقيقي يهدد حياة الإنسان أو سلامته، وخوف غير موضوعي وهو المبالغة في الخوف من المستقبل والناس والأماكن المرتفعة والمغلقة، ويكون هذا الخوف سببا وراء الفشل والخلل في العلاقات الإنسانية وكثير من الأمراض.



عند دراسة سيكولوجية الإرهابي وظروفه نجد أنه وصل إلى مرحلة متقدمة من درجات الخوف، فهو فاشل اجتماعيا يعاني من خوف شديد من المستقبل، مكبوت لا يستطيع البوح بمكنونه النفسي وأفكاره، يؤدي به هذا الوضع إلى الرغبة في عدم مواصلة الحياة لأنها بالنسبة له متاعب أكثر لا يستطيع تحملها. الخوف بنوعيه موجود عند كل البشر، ولكن بنسب مختلفة، والذي يهمنا في هذا المقام هو الخوف غير الموضوعي الذي هو سبب تحول الإنسان السوي إلى إرهابي.



لا شك أن طفولة الإنسان وجرعات التربية التي تلقاها في البيت جذرت في شخصية الإرهابي الخوف غير الموضوعي فالعقوبة والنقد والكبت هي أسباب حقيقية وراء التشوه النفسي الذي يعاني منه الإرهابي أثناء طفولته. إذا سلمنا أن الخوف غير الموضوعي يوجد عند كل البشر ولو بنسب متفاوتة فلماذا لا يكون كل البشر إرهابيين؟



إن المحفز لهذا الشعور هو العقل الجمعي أو بمعنى آخر البشر المحيطون بالإرهابي ونمط حياتهم وطريقتهم في التفكير، فتجد محيط الإرهابي الأسري عبارة عن كبت فكري واجتماعي ثم ينتقل بعدها الإرهابي إلى مجتمع الأصدقاء والمدرسة ويجد راحته في البوح معهم ويكونون أقرب إليه في التفكير، وعادة يكون هناك تقارب في السن، فيتم تحفيز الخوف الموجود في الشخصية ولكن بشكل أكبر.



يخطئ من يعتقد أن شخصية الإرهابي تشكلت بين يوم وليلة، شخصيته تشكلت منذ الطفولة بسبب تربية خاطئة معتمدة على العقاب والنقد والكبت، هذه العوامل ولدت خوفا غير موضوعي من المستقبل، وولدت فشلا اجتماعيا أدى في نهاية المطاف إلى حالة الهروب إلى الأمام للخروج من حالة الخوف الشديد والتي لا يستطيع الإرهابي تحملها.



الأسرة والمدرسة يقع على عاتقهما حمل كبير في نشأة الطفل، فإما أن ينشأ مقبلا على الحياة متفائلا قابلا التعايش مع الآخرين، أو أن تكون الأسرة والمدرسة بيئة محفزة إلى شخصية إرهابي صغير لا يلبث بعد سنين قليلة أن تكون نهايته بحزام ناسف أو سيارة مفخخة أو ربما قتيلا في أحد الأماكن العامة بعد أن استخدم رشاشه في قتل العشرات والأخيرة أقرب لأنها الموضة هذه الأيام!