نجاح الزهراني

لو أنك «تصمت»

الخميس - 02 سبتمبر 2021

Thu - 02 Sep 2021

يقال إن الجاهل عدو نفسه، وأنا أقول إن المتطفل (الملقوف) أشد عداوة. يأخذ البعض على نفسه أشد العهود والمواثيق فيما يخص الآخرين، وما إن تقدم عملا أو تشارك بآخر مع خاصتك أو من توجه لهم ذلك، إلا وانهالت عليك من ذلك الفطن قائمة من الانتقادات «المباركة القيمة». من هذه الفئة من يظن أن في رأيه أهمية ويدلي بدلوه متى ما سنحت له الفرصة وربما لا تسمح أو لا ينتظر بأن تتوفر له.

وأصحاب الآراء على النحو التالي: القسم الأول، من يسعدك رأيهم أهل المحبة والتقدير، فهم باقتراحهم لرأي آخر أو انتقادهم لعمل ما يخصك نابع من قلوب طاهرة تمنت لك كل الخير ويرى أن في رأيه إشادة لما قمت به ونصح مبارك لتنال الأفضل فيما غفلت عنه. وهؤلاء مقربون كأب وأم، أخ أو أخت أو ربما قريب أو صديق وفي، إن كنت ممن وفقهم الله في الصحبة الصالحة. عبارات الإشادة والدعوات الخالصة تسبق رأيهم الآخر ومن ثم يقول لك لو أنك فعلت كذا وكذا لزاد عملك توفيقا وبراعة. وتستطيع أن تستشف ذلك في أعينهم أو في نبرة أصواتهم، فحسبك منهم ما نوت قلوبهم من خير ودوا لو أنك تناله ليكون لهم أوفر السعادة والغبطة.

أما القسم الثاني، أعاذنا الله وإياكم منهم، فهم حذرون جدا فيما يقولون، وبارعون في انتقاء عبارتهم، فما أن تظهر نيتك بالقيام بعمل أو فعلت ذلك مسبقا، إلا يملئ عليك قائمة من الانتقادات وتحجيم عملك، وغالبا ما يسبقون كلامهم ببعض العبارات الاعتراضية (ليش ما...أو لو أنك... أو أستطيع فعل ذلك..... ما كان له داعي.....) دون أدنى علم كيف فعلت وما أبعاد ذلك العمل، وليس لديهم الخبرة الكافية أو المعرفة الناضجة، فهؤلاء اعترضوا طريقك لحكمة يعلمها رب العالمين، وجودهم من المنافع التي يعتبر منهم أولو الألباب حتى وإن لم يعجبك قولهم، وترك ما يقولون بمثابة الأذى الذي أمرنا بإماطته عن الطريق مع احتساب الأجر.

يقول الشاعر الفرنسي موليير «يجب على الإنسان أن ينظر لنفسه بتأمل وعمق قبل أن ينتقد الآخرين» أن تبدي رأيك في عمل أحدهم، يتطلب منك إلماما كبيرا بمبادئ وأسس هذا العمل، وإن لم يكن لديك تلك المعرفة الواسعة فالصمت أبلغ. يرى الباحثون أن ما تفكر به عن الآخرين يظهر جانب كبير من شخصيتك، رؤية من حولك بطريقة إيجابية هي دلالة على أنك شخص إيجابي وتتحلى بصفات إيجابية محمودة. وتشير الدراسة أيضا على أن متى ما تمتع الإنسان بالسعادة والاستقرار النفسي والرضى الذاتي، يصدر أحكاما إيجابيه للآخرين والعكس صحيح تماما، الاضطراب النفسي وعدم الرضى يجعلك ترى من حولك من منظور النقد الدائم.

وفي الختام، من يسرف في نقد وتقييم ما يقوم به الآخرون كمثل من يحمل على كتفه أسفارا ليس له منها إلا التعب فهو لا ينتفع من فعله ولا ينفع غيره.

@Najah_ ALzahrani