مكافحة الخوف والتعايش بالمدارس
الأربعاء - 01 سبتمبر 2021
Wed - 01 Sep 2021
مشهد من ذاكرتي للعام الماضي ذهبت لاستلام الكتب المدرسية لابنتي وكان القلق والتردد سمة الأعين التي التقيتها قفزت الكلمات بارتياب منهم، ولأوقع ورقة استلام الكتب لم أكن أحمل قلما فطلبت إعارتي واحدا فثارت الموظفة مستاءة بشكل مفرط، فابتسمت قلت سأعقمه، فنظرت بنظرة الرفض. فقلت هوني على نفسك ماذا أنتم فاعلون لو تقرر رجوع الطالبات.
وتبرعت زميلة لها بقلم لأوقع، وخرجت وأنا أقارن بين الأماكن المختلفة والقطاعات التابعة لها؛ ففي رحلة ذهابي لعملي يغيب هذا التوجس، وأثناء زيارتي لقطاعات أخرى.
بصراحة القطاعات التي باشرت أعمالها بعد فترة الحجر وضعها مغاير تماما، العمل والاجتماعات وخلافه كله يسير بشكل أشبه بالطبيعي ووفق الالتزام بالإجراءات دون أي قلق مفرط، حتى استخدام الورق وتبادل الأقلام لا أحد يثور لأي سبب! حتى ظهور بعض الأعراض لأحد الموظفين لا يحدث أي تخوف مبالغ فيه، فضلا عن تقبل إصابة الزملاء بكوفيد 19 والعودة للدوام بعد عشرة أيام والتواصل بشكل عادي لا يجد أحد نفورا أو تنمرا.
وكمستفيدة ومراجعة للقطاع الصحي مكثت بالمستشفى مع والدي مرتين، ولم أجد تخوفا من قبل العاملين من كورونا ولا قلقا باديا على الطبيب أو التمريض، هناك إجراءات وقائية لكن دون خوف مفرط تظهر بالتعامل، على عكس الخوف المبعثر حولنا في الإعلام والتصريحات.
التحدي الذي يواجه التعليم تعليم التعايش، هل هم على دراية بذلك؟ نحن البشر متفاوتون في طريقة التفكير وفي تقبل التغير، واستجاباتنا متنوعة لدرجات الخوف وشدته حتى نوبات الهلع.
هناك مشاعر مختلطة تؤثر على الحياة اليومية يجب التوازن دون الإفراط بالتخويف وعدم الاستهتار. هل منسوبو وزارة التعليم والمدارس على استعداد كاف؟ هل المدارس على أتم أوجه النظافة؟
الاهتمام بالنظافة الصحية المدرسية والمرافق العامة أمر فيه الكثير من القصور إن كان مرتبطا بمدى اهتمام الإدارة، ليس من المعقول أن يستقبل بعض الطلاب بأكوام من التراب وحمامات غير نظيفة! النظر بعين المتابعة لتحسين النظافة الصحية، بما في ذلك غسل اليدين وتوفير الصابون والمعقمات، والتوعية بآداب الصحة التنفسية للسعال والعطاس.
ومراعاة خطر البيئات المغلقة، فحسب منظمة الصحة العالمية يمكن للفيروس أن ينتشر في البيئات المغلقة سيئة التهوية، فهي أكثر خطورة من الأماكن المزدحمة في الهواء الطلق.
خير الأمور أوساطها، العودة للروتين الدراسي والتحفيز على الانضباط الحضوري بث الحماس له وعدم حبس الطلاب في الفصول وتقسيم الفسح على فترات بساحات مفتوحة، ومكافحة القلق والوسواس القهري والتحجيم من آثاره للكادر التعليمي والطلاب على حد سواء. وطرح النقاشات والأسئلة المفتوحة كجزء من اليوم الدراسي لخلق مساحة تقاسم التجارب المختلفة حتى تكسر الحواجز وتبنى العقول والتعامل مع الأزمات، ليتها تتحول لثمرة يتعلم منها الطلاب كيف يتعاملون مع الأزمات بطريقة تعود عليهم بالنفع، كأحد الطرق لتخطي المرحلة والتقبل، ووقف أحاديث شحن المشاعر وعدم القدرة على السيطرة والعالم سينتهي مثلا! أظهرت دراسات عديدة ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق ونوبات الهلع إثر انتشار كورونا. ولا أظننا بمنأى عن هذا التأثير.
لذلك لزم علينا التعايش وتقبل وجود كورونا بيننا ومكافحة أي شكل من أشكال التنمر على من يشك بأمره، كيف سيتم التعامل معه هل ستكون تهمة؟! وزارة التعليم يجب أن تعنى بالاهتمام وتدريب المدارس بالميدان، كالحديث بطريقة هادئة بدون انفعالات حتى في تطبيق الإجراءات الاحترازية.
حتما هناك آثار ستظهر على الطلاب وفق الوضع الحالي بين التعايش والحذر، كاضطرابات المزاج أو القلق الزائد وغيره، ما هو أثر موت أحد المقربين للطالب بكورونا؟ والآثار الناتجة عن الحجر المنزلي للتحصيل الدراسي، أو العنف الأسري الذي يتعرض له بعض الطلاب.
هل هناك خطة لإيجاد أخصائي نفسي أو دعم التواصل معه سيكون أمرا مفيدا، ما دور وزارة الصحة؟ خاصة وقد ساهمت ببث فيديوهات التخويف والموت والأسرة البيضاء في بدايات كورونا بشكل مبالغ فيه وإن كان الهدف إلزام الناس بأهمية التباعد عبر صدمهم بأحداث مؤلمة؛ فقد أغفلت أهمية الصحة النفسية ومشاكل ومعاناة المصابين بالوسواس القهري والجانب المظلم من المكوث بالمنزل والاكتئاب..إلخ.
لا ضير من الخوف الصحي الذي يجعل الإنسان حريصا دون تفريط ودون مبالغة وهوس وقلق بدون شلل للحياة الطبيعية والحركة، أشهر من الحبس وانقطاع التواصل الاجتماعي بين الطلاب، البناء على هذه التجربة، بإيجابياتها وسلبياتها، حتى الالتزام بالاحتياطات يجب أن يكون بصورة إيجابية محببة على النفس.
أخيرا عودا حميدا لتنفس التعليم والآمال بأن يستمر والعقبى لطلاب المرحلة الابتدائية، لممارسة العملية التعليمية والتي سيكون أبرز سماتها التعليم المدمج بين التعليم الحضوري وعن بعد.
أختم بلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هذا منهج حياة لا يعني التكاسل أو الاستهتار أو التواكل، لكن هو أخذ بالأسباب وثقة ورضا؛ فلنعش اليوم والمرحلة التي نمر بها لا نحمل يومنا هما لم يحدث بعد، لا نفقد الاستمتاع بنعمة الحاضر خوفا من مستقبل يغيب عنا ولا نعرف كيف سنعيشه، كم حالات من توفاهم الله بمرض أو بدونه. عش يومك، لا تحمل حاضرك مغبة ظلمة المستقبل.
@ AlaLabani_1
وتبرعت زميلة لها بقلم لأوقع، وخرجت وأنا أقارن بين الأماكن المختلفة والقطاعات التابعة لها؛ ففي رحلة ذهابي لعملي يغيب هذا التوجس، وأثناء زيارتي لقطاعات أخرى.
بصراحة القطاعات التي باشرت أعمالها بعد فترة الحجر وضعها مغاير تماما، العمل والاجتماعات وخلافه كله يسير بشكل أشبه بالطبيعي ووفق الالتزام بالإجراءات دون أي قلق مفرط، حتى استخدام الورق وتبادل الأقلام لا أحد يثور لأي سبب! حتى ظهور بعض الأعراض لأحد الموظفين لا يحدث أي تخوف مبالغ فيه، فضلا عن تقبل إصابة الزملاء بكوفيد 19 والعودة للدوام بعد عشرة أيام والتواصل بشكل عادي لا يجد أحد نفورا أو تنمرا.
وكمستفيدة ومراجعة للقطاع الصحي مكثت بالمستشفى مع والدي مرتين، ولم أجد تخوفا من قبل العاملين من كورونا ولا قلقا باديا على الطبيب أو التمريض، هناك إجراءات وقائية لكن دون خوف مفرط تظهر بالتعامل، على عكس الخوف المبعثر حولنا في الإعلام والتصريحات.
التحدي الذي يواجه التعليم تعليم التعايش، هل هم على دراية بذلك؟ نحن البشر متفاوتون في طريقة التفكير وفي تقبل التغير، واستجاباتنا متنوعة لدرجات الخوف وشدته حتى نوبات الهلع.
هناك مشاعر مختلطة تؤثر على الحياة اليومية يجب التوازن دون الإفراط بالتخويف وعدم الاستهتار. هل منسوبو وزارة التعليم والمدارس على استعداد كاف؟ هل المدارس على أتم أوجه النظافة؟
الاهتمام بالنظافة الصحية المدرسية والمرافق العامة أمر فيه الكثير من القصور إن كان مرتبطا بمدى اهتمام الإدارة، ليس من المعقول أن يستقبل بعض الطلاب بأكوام من التراب وحمامات غير نظيفة! النظر بعين المتابعة لتحسين النظافة الصحية، بما في ذلك غسل اليدين وتوفير الصابون والمعقمات، والتوعية بآداب الصحة التنفسية للسعال والعطاس.
ومراعاة خطر البيئات المغلقة، فحسب منظمة الصحة العالمية يمكن للفيروس أن ينتشر في البيئات المغلقة سيئة التهوية، فهي أكثر خطورة من الأماكن المزدحمة في الهواء الطلق.
خير الأمور أوساطها، العودة للروتين الدراسي والتحفيز على الانضباط الحضوري بث الحماس له وعدم حبس الطلاب في الفصول وتقسيم الفسح على فترات بساحات مفتوحة، ومكافحة القلق والوسواس القهري والتحجيم من آثاره للكادر التعليمي والطلاب على حد سواء. وطرح النقاشات والأسئلة المفتوحة كجزء من اليوم الدراسي لخلق مساحة تقاسم التجارب المختلفة حتى تكسر الحواجز وتبنى العقول والتعامل مع الأزمات، ليتها تتحول لثمرة يتعلم منها الطلاب كيف يتعاملون مع الأزمات بطريقة تعود عليهم بالنفع، كأحد الطرق لتخطي المرحلة والتقبل، ووقف أحاديث شحن المشاعر وعدم القدرة على السيطرة والعالم سينتهي مثلا! أظهرت دراسات عديدة ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق ونوبات الهلع إثر انتشار كورونا. ولا أظننا بمنأى عن هذا التأثير.
لذلك لزم علينا التعايش وتقبل وجود كورونا بيننا ومكافحة أي شكل من أشكال التنمر على من يشك بأمره، كيف سيتم التعامل معه هل ستكون تهمة؟! وزارة التعليم يجب أن تعنى بالاهتمام وتدريب المدارس بالميدان، كالحديث بطريقة هادئة بدون انفعالات حتى في تطبيق الإجراءات الاحترازية.
حتما هناك آثار ستظهر على الطلاب وفق الوضع الحالي بين التعايش والحذر، كاضطرابات المزاج أو القلق الزائد وغيره، ما هو أثر موت أحد المقربين للطالب بكورونا؟ والآثار الناتجة عن الحجر المنزلي للتحصيل الدراسي، أو العنف الأسري الذي يتعرض له بعض الطلاب.
هل هناك خطة لإيجاد أخصائي نفسي أو دعم التواصل معه سيكون أمرا مفيدا، ما دور وزارة الصحة؟ خاصة وقد ساهمت ببث فيديوهات التخويف والموت والأسرة البيضاء في بدايات كورونا بشكل مبالغ فيه وإن كان الهدف إلزام الناس بأهمية التباعد عبر صدمهم بأحداث مؤلمة؛ فقد أغفلت أهمية الصحة النفسية ومشاكل ومعاناة المصابين بالوسواس القهري والجانب المظلم من المكوث بالمنزل والاكتئاب..إلخ.
لا ضير من الخوف الصحي الذي يجعل الإنسان حريصا دون تفريط ودون مبالغة وهوس وقلق بدون شلل للحياة الطبيعية والحركة، أشهر من الحبس وانقطاع التواصل الاجتماعي بين الطلاب، البناء على هذه التجربة، بإيجابياتها وسلبياتها، حتى الالتزام بالاحتياطات يجب أن يكون بصورة إيجابية محببة على النفس.
أخيرا عودا حميدا لتنفس التعليم والآمال بأن يستمر والعقبى لطلاب المرحلة الابتدائية، لممارسة العملية التعليمية والتي سيكون أبرز سماتها التعليم المدمج بين التعليم الحضوري وعن بعد.
أختم بلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هذا منهج حياة لا يعني التكاسل أو الاستهتار أو التواكل، لكن هو أخذ بالأسباب وثقة ورضا؛ فلنعش اليوم والمرحلة التي نمر بها لا نحمل يومنا هما لم يحدث بعد، لا نفقد الاستمتاع بنعمة الحاضر خوفا من مستقبل يغيب عنا ولا نعرف كيف سنعيشه، كم حالات من توفاهم الله بمرض أو بدونه. عش يومك، لا تحمل حاضرك مغبة ظلمة المستقبل.
@ AlaLabani_1