أمريكا تودع أفغانستان بـ«فاتورة دموية»

خسائر في المال والأرواح دفعت الولايات المتحدة لإجلاء آخر جنودها من كابل
خسائر في المال والأرواح دفعت الولايات المتحدة لإجلاء آخر جنودها من كابل

الثلاثاء - 31 أغسطس 2021

Tue - 31 Aug 2021

فيما ودع آخر جندي أمريكي أفغانستان أمس، اعتبر مراقبون الولايات المتحدة الأمريكية الخاسر الأكبر من معركة استمرت 20 عاما، بعدما استنزفت أكثر من 100 مليار دولار وخسرت ما يقارب من 2500 جندي.

وسادت حالة من الهدوء في العاصمة الأفغانية أمس، في أعقاب رحيل القوات الأمريكية بعد نحو عقدين من مساندتها للحكومات التي تولت الأمر هناك، وقال مواطن يعيش في وسط كابول ويدعى لطف الله، «المدينة هادئة»، ومعظم المحلات التجارية المنتشرة في منطقة «شهر ناو» الواقعة بوسط المدينة، مفتوحة، ولكن لا يوجد بها سوى عدد قليل من الزبائن.

وأعادت بضعة بنوك فتح أكبر فروعها أمس، بعد مرور أكثر من أسبوعين على فرض طالبان سيطرتها على البلاد، ووقف مئات الأشخاص في طوابير لسحب الأموال.

وفي الشوارع، لا يوجد سوى عدد قليل من عناصر طالبان، الذين يقوم معظمهم بحراسة المباني، ولاسيما المكاتب الحكومية.

عودة المدارس

وقال أحد سكان منطقة «داشتي بارشي» في غرب كابول، «إن المدارس الخاصة والعامة أعادت فتح أبوابها للمرة الأولى منذ أن سيطرت طالبان على السلطة في البلاد في منتصف أغسطس الماضي»، موضحا أن جميع التلاميذ حتى الصف السادس، عادوا إلى المدرسة.

وكان آخر أفراد القوات الأمريكية قد غادر كابول أمس، وانتهت مهمة إجلاء القوات التي اتسمت بالتوتر، وانتهت حرب استمرت لـ 20 عاما في أفغانستان، وفي الوقت نفسه، تدرس الحكومات في جميع أنحاء العالم كيفية التعامل مع طالبان.

كما أن هناك مخاوف أخرى تتعلق بكيفية التعامل مع موجة متوقعة من الهجرة من البلاد، وكيفية ضمان سلامة المواطنين والعاملين السابقين الذين قدموا الدعم للقوات الغربية في البلاد، خوفا من القمع وانتقام المتشددين.

حماية الحدود

ومن المقرر أن يجتمع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان، ومتابعة كل من التحديات الأمنية وآثار الهجرة الناجمة عن الأزمة على أوروبا.

وحتى الآن، أشار مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى أن استراتيجية التكتل ستشمل مزيجا من حماية الحدود الخارجية بشكل أكثر صرامة، وعرض اللجوء على الفئات الأكثر ضعفا، ودعم جيران أفغانستان بالإضافة إلى المنظمات الدولية.

وتتمثل الفكرة في أن مساعدات الاتحاد الأوروبي ينبغي أن تساعد في إبقاء الأشخاص في المنطقة وتثبيط المحاولات الرامية إلى القيام برحلة محفوفة بالمخاطر لعبور حدود الاتحاد الأوروبي سعيا للحماية.

ملاذ الإرهابيين

ويخشى البعض من أن تصبح أفغانستان مرة أخرى ملاذا للجماعات التي تخطط لشن هجمات على الدول الغربية مثل تلك التي نفذت يوم 11 سبتمبر من عام 2001 على الولايات المتحدة.

وكان آخر طائرة عسكرية أمريكية أقلعت قبل دقيقة من منتصف ليل االثلاثاء بالتوقيت المحلي، من العاصمة الأفغانية، وبقي أكثر من 100 ألف فرد من القوات الدولية منتشرين في البلاد في بعض الأحيان.

وسجلت الولايات المتحدة أكبر خسائر من بين جميع الدول التي أرسلت قوات إلى هناك، حيث لقي أكثر من 2460 جنديا أمريكيا حتفهم خلال أطول حرب خاضتها البلاد.

في الوقت نفسه، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن الاثنين إن الأيام الـ 17 الماضية في كابول شهدت قيام القوات الأمريكية بتنفيذ «أكبر جسر جوي في تاريخ الولايات المتحدة»، وفقا للبيت الأبيض.

نهاية حقبة

وقال بايدن «إنه قد تم إجلاء أكثر من 120 ألف مواطن أمريكي ومواطن من حلفائنا وحلفائنا الأفغان للولايات المتحدة»، وأضاف «الآن انتهى وجودنا العسكرى الذي دام 20 عاما في أفغانستان»، وقال «إن الجسر الجوي أخلى عشرات الآلاف من الأشخاص أكثر مما كان يتصور أي شخص».

على صعيد آخر، احتفلت حركة طالبان بعد مغادرة آخر القوات الأمريكية كابول، مما وضع حدا لعمليات الإجلاء التي تقودها الولايات المتحدة في المطار والحرب التي تقودها في أفغانستان منذ 20 عاما.

وكتب أنس حقاني، العضو البارز بحركة طالبان، والزعيم البارز لشبكة حقاني الأفغانية المتشددة «نحن نصنع التاريخ مرة أخرى، وينتهي احتلال الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي(الناتو) لأفغانستان منذ 20 عاما الليلة».

السماء هادئة

وكتب ماتيو أيكينز، مراسل صحيفة نيويورك تايمز المقيم في أفغانستان، على موقع التواصل الاجتماعي « تويتر» قائلا «السماء هادئة وأستطيع أن أسمع وأرى ما يبدو أنه إطلاق نار احتفالي من طالبان».

ودعت حركة طالبان إلى إقامة علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، وذلك بعد ساعات من خروج آخر الجنود الأمريكيين من كابول، وتواجه الحركة المسلحة الآن مجموعة من التحديات الجديدة.

وذكرت وكالة «بلومبيرج» للأنباء أن المتحدث الرئيس باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، قال للصحفيين في مطار حامد كرزاي الدولي بالعاصمة الأفغانية، وهو آخر مكان كان يخضع للسيطرة الأمريكية «الإمارة الإسلامية تريد علاقات دبلوماسية طيبة مع الأمريكيين.»

احتفال طالبان

وسار كبار قادة طالبان عبر مدرج المطار للاحتفال بانتصارهم، وأضاف المتحدث «نؤكد لكل محتل أن من يرى أفغانستان بعين شريرة سوف يواجه نفس المصير الذي واجهه الأمريكيون... لم نستسلم أبدا للضغط أو للقوة، وتسعى أمتنا دائما إلى الحرية».

خسائر أمريكا في أفغانستان:

20 عاما من الاستنزاف الاقتصادي والعسكري.

2460 جنديا لقوا حتفهم خلال الحرب.

120000 مواطن من أمريكا وحلفائها تم إجلاؤهم.

100 مليار دولار خسائر على الأقل.