شاهر النهاري

مؤتمر بغداد.. هل أتى الجميع بقلب سليم؟

الاحد - 29 أغسطس 2021

Sun - 29 Aug 2021

تابعنا بالأمس مجريات «مؤتمر التعاون والشراكة» المنعقد في بغداد، بين دول الجوار العراقي، والتي زاد عليها كل من مصر وفرنسا.

وقد أكد وزير الخارجية السعودي أثناء كلمته في المؤتمر أن «الحوار هو نهج المملكة في التعاطي مع أي خلافات دولية أو إقليمية»، وأن «المؤتمر يتزامن مع تحديات تتطلب من الجميع رفع مستوى التنسيق، وأن القيادة السعودية لا تدخر جهدا في دعم العراق على كافة الأصعدة».

وقد أتت الترتيبات للمؤتمر بجهود وتحديات عظيمة، ورغبة أكيدة من حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في إنهاء حالة التشتت الداخلي والخارجي، الذي تعيشه بغداد، وتأكيده على ضرورة عودتها لتأدية أدوارها العظيمة المفصلية في المنطقة باستقلالية تامة، مشيرا إلى أن حكومته تحاول جاهدة ضبط السلاح المنفلت بأيدي الميليشيات.

وفي المؤتمر تبادل جميع الحضور عبارات رفض التدخلات في الشؤون العراقية، والمطالبة باحترام سيادته، كما أكد الرئيس الفرنسي أن بلده تحرص على أمن العراق، وأن القوات الفرنسية مستمرة في تواجدها هناك، حتى تتحقق رؤية الهدوء والاحترام بين العراق وبين جميع الدول المجاورة له، استعدادا لدخولهم عصر استتباب السلام.

وقد حضر المؤتمر مندوب إيران قيادي الحرس الثوري ووزير الخارجية حسين اللهيان، وتباهى بدور إيران المركزي في الشأن العراقي، وزعم أنها أول دولة قدمت الدعم العسكري للعراق لتحرير المناطق التي سقطت بيد داعش، وأن الصادرات بين إيران والعراق تبلغ 300 مليار سنويا، قبل أن يعدلها بـ13 مليارا، كما تحدث عن مقتل سليماني، وأزبد وتوعد وهدد أمريكا، وأظهر إيران وكأنها شرطي الشرق الأوسط القادم، وبما أكد للمجتمعين أن حضور إيران للمؤتمر لا يمكن أن يكون بداية بيضاء لمستقبل عراقي سليم، وخصوصا أنه أكمل تحفزه بتخطي البروتوكول الدبلوماسي، بوقوفه في صف رؤساء الدول المشاركة في المؤتمر، وليس مع وزراء الخارجية!

الدول الخليجية في كلماتها كانت تتبارى في مواقفها النبيلة ودعمها السخي النبيل لحكومة الكاظمي، والتأكيد على أن سلام العراق سلام لجميع المنطقة، رغم التخوف الواضح بأن إيران لم تفهم مغزى المؤتمر ولا أهدافه، وأكد على أنه لا نية لديها لتوطين السلام مستقبلا، وأن إشارات ذلك واضحة؛ فقبل المؤتمر بساعات أطلق صاروخان إيرانيان من قبل الميليشيات العراقية على المناطق الشمالية من دولة الكويت، ولا تزال الطائرات المسيرة الإيرانية تصل تباعا إلى مدن السعودية، بأيدي ميليشيات الحوثي الإيرانية.

الوضع الخليجي يبقى متأزما، والرئيس الكاظمي رغم نواياه الطيبة، يظل يصطدم بالتعنت الإيراني وتبعية الجبهات الداخلية، والدول الخليجية لا ترغب في خوض مشاحنات جديدة، وقطيعة تبعدها عن رؤاها، ومحاولاتها لتحويل المنطقة الملتهبة إلى أوروبا جديدة.

مؤتمر جس النبض، ولو أن المريض مخطر، ودقات قلبه مختلة، ولا بد من تدخل سريع وتعظيم معالجة مركزة، وطلب «كونسلتوا» المجتمع الدولي لإقناع إيران، بأنها دولة جارة، ولا يحق لها التدخل في الشؤون الداخلية لأي من البلدان المحيطة بها، وأنها لا بد أن تدرك أن الشر يجر الشر، والخير يعظم الخير ويعممه، لمصلحة شعوب المنطقة، وخصوصا شعب إيران، وشعب العراق، ممن عانوا الضيق والخوف، والويلات لعقود من الزمان.

اجتماع أكد لنا من أتى المؤتمر بقلب سليم.

shaheralnahari@