وليد الزامل

ساكن في بيت خالتي قماشة!

السبت - 28 أغسطس 2021

Sat - 28 Aug 2021

خالتي قماشة هو مسلسل تلفزيوني كوميدي كويتي، أنتج وعرض على تلفزيون الكويت في عام 1983، ويعد من أشهر المسلسلات الخليجية التي تحكي أحداث وطرائف تدور في مجملها حول السكن في بيت العائلة الكبيرة.

تهيمن على هذه العائلة الأم العجوز والتي يعيش معها أبناؤها وأحفادها وزوجاتهم، وتحاول هذه الأم ضبط سلوك الأبناء والسيطرة على الزوجات. ويحكي هذا المسلسل إيجابيات وسلبيات السكن مع العائلة الكبيرة في قالب كوميدي ساخر.

إن هذا المسلسل يحمل في طياته رسائل عميقة حول التعاطي مع أزمات الإسكان وثقافة العيش ضمن محيط العائلة الكبيرة، حيث يوفر بيت خالتي قماشة السكن لثلاث أسر وأبنائهم يتشاركون في المنافع والخدمات؛ وفي المقابل تواجه هذه الأسر مشاكل الأم المتسلطة نتيجة اختلاف الثقافة بين الأجيال.

اليوم، تواجه العديد من الأسر الجديدة تحديات في الحصول على مسكن ميسر ضمن حدود القدرة الاقتصادية وبما يتوافق مع احتياجاتهم الاجتماعية. تفضل بعض الأسر العيش بشكل مستقل سواء في شقق أو وحدات سكنية منفصلة وذات مساحات صغيرة أو حتى في مخططات سكنية بعيدة عن وسط المدينة. وتختار هذه الأسر العيش في تلك الوحدات السكنية كمرحلة مؤقتة لتمضي فترة قد تتجاوز 30 سنة من حياتها في توفير أو تسديد تكاليف مسكن الأحلام أو «بيت العمر» كما يحلو للبعض تسميته.

في الحقيقة، تنبثق العديد من الحلول الإسكانية كردود أفعال مجتمعية لحل أزمة الإسكان سواء من خلال ارتضاء العيش في وحدات سكنية صغيرة أشبه بعلب السردين أو في أحياء سكنية رديئة ودون المستوى. وتأتي هذه الاتجاهات المجتمعية نتيجة عجز السياسات الإسكانية عن تقديم حلول عملية لإصلاح واقع السوق الإسكاني أو تقصي التحديات التي تواجهها الأسر ولا سيما المتزوجون حديثا إذ تبدو أسعار الوحدات السكنية مبالغ فيها وبعيدة عن متناول تلك الأسر. لقد أصبحت الحاجة ملحة لتبني اتجاهات عملية بعيدا عن الحلول القاصرة على التمويل أو الدعم المباشر الذي لن يغطي في معظم الأحوال أكثر من 50% من قيمة التكلفة الفعلية للمسكن.

إن توظيف حلول عملية لاستغلال الوحدات السكنية القائمة وبشكل يخدم استقرار الأسر ويحقق الملائمة الاقتصادية والاجتماعية بات أحد الاتجاهات الواقعية للتعامل مع أزمة الإسكان ولو بشكل ارتجالي من المجتمع. السكن في بيت العائلة للأسر الجديدة أو المتزوجين حديثا يعد واحدا من هذه الاتجاهات المجتمعية والتي جاءت كردة فعل لارتفاع تكاليف الحصول على مسكن للأسر المتوسطة أو محدودة الدخل. بيت العائلة الكبيرة أو «بيت الحمولة» كما يسميه البعض هو مسكن لأسرة ممتدة غالبا ما تشمل الأجداد والعمات والأعمام والزوجات وأبناء العم يعيشون جميعا تحت سقف واحد. ويجب التأكيد أن السكن في بيت العائلة الكبير لا يعني العيش بشكل مستقل في شقة أو دور مستقل ضمن مسكن العائلة؛ بل إقامة الأسرة فعليا مع العائلة الكبيرة في غرفة واحدة أو غرفتين تتشارك في المنافع والخدمات. وغالبا ما يكون الجد أو الجدة هو الموجه الفعلي للعائلة وبشكل يساعد على تذليل العقبات التي تواجه الأسر الجديدة وتشجيع روح التضامن بين أفراد الأسرة الممتدة.

وتلعب التشريعات العمرانية وقوانين البناء دورا في تشجيع السكن في بيت العائلة الكبيرة وذلك من خلال الاستغلال الأمثل للوحدات السكنية القائمة وإعادة استخدامها، وتوسيع قروض الدعم لصيانة المساكن القديمة، والسماح بزيادة الأدوار ضمن اشتراطات تحافظ على توازن الخدمات والمرافق في الحي السكني. ختاما، أنصح الأسر التي تختار العيش في بيت العائلة الكبيرة أن يكونوا على درجة عالية من التجانس والتفاهم حتى لا يقعوا في مشاكل مع «خالتي قماشة»!

@waleed_zm