شاهر النهاري

وكل له ​حججه ونظرياته

الاثنين - 23 أغسطس 2021

Mon - 23 Aug 2021

لا شك أنه وعلى الرغم من تطور التقنية والإعلام الرسمي وغير الرسمي، ووسائل التواصل، إلا أن أي خبر، حتى لو اتفقت عليه عدة جهات مكينة المصادر، يظل للشك فيه مجال عظيم، وللرفض مجال، ويظل هنالك من لديه نظريات المؤامرة، قد تكذب كل خبر.

والأخبار التي تصلنا، إما أن نكون نحن جزءا منها، أو أنها منقولة لنا بطريقة صادقة أو مؤدلجة، والصادق عادة يأتينا من خلال موقع إخباري نعرفه ونثق به، مع الفارق في التعمق، ومصداقية الخبر مهما كان مباشرا وبصور ومقاطع واقعية، يظل معرضا لشيء من التشكيك، خصوصا لو تعمقنا في ميول المصدر، وفي احتمالية الفبركة، والدمج، والتقديم والتأخير، وقد يكون لتعدد المصادر أهمية عند التمحيص كما عند حدوث صعوبة الاتفاق على جسد الحدث، واحتمالية تزويره.

الخبر الصحيح إن ثبتت صحته من عدة جهات موثوقة، وتناغمت أطرافه في الزمان والمكان والمحتوى؛ فلا يمكن أن يبلغ خالص نسبة المصداقية، مع وجود جهات أخرى مستفيدة من مجرد التشكيك به، ونقضه، ما يجعل للخبر المتفق عليه ندرة.

ومن الطبيعي، أن تسير كل تحويرات الخبر في مسارات متنافسة؛ فنجد الأخبار المزيفة، والتي تشابه مضامينها الموجود على المواقع الإخبارية الموثوقة، متشاركة في العناوين والصور للنيل من الخبر ومصداقيته، وهنالك الأخبار المضللة، والتي تعتمد على عناوين مثيرة غير متوافقة مع كامل الخبر، ولكنها تحتوي جزءا منتقى من الحقيقة، ثم نجد الأخبار المتحيزة، والتي تبادر لشرح الخبر الحقيقي متخذة وجهة نظر منحازة تتبع أجندة جهة أخرى، وربما تجد نفس الخبر بعناوين مثيرة مختلفة، تهدف للإثارة والدهشة عند المتلقي، والذي يشعر بضغوط عقلية تدفعه للبحث والوصول إلى معلومات مختلفة عما في الخبر، وكثيرا ما نجد خبرا ساخرا كوميديا تهكميا، بغرض الترفيه والتشكيك في آن، وربما يصبح هو الخبر الأكيد عند من يفضلون أخذ المعلومة منه مباشرة، سواء بقناعة، أو بموافقة هوى في أنفسهم.

وفي كل ذلك نجد أنواعا من المتلقين، فالمتلقي من قناة يؤمن بها، يكون أعمى عن أي قناة أخرى، مهما كانت الركاكة والتشويه والتزوير واضحة، وسنجد من يمرر الخبر اعتباطا ودون عرضه على تمييز العقل، بانتظار أن تأتي الحقيقة، ولو بعد حين، وهنالك من يسعى، ويبحث، ويسأل، ويتابع، وكأنه هو الوحيد المتضرر من صحة الخبر، وهنالك من يشعر بأن الخبر مهم لوطنه، وحياته المستقبلية، فيصبح تقبله واجبا وطنيا، مهما بلغت الخروق والفروق فيه، وبأمنيات أن تعمى أعين الغير، فتكون قناعتهم من نفس جحر قناعته، وهنالك المريد، وهنالك المعارض، والذي لا يمانع من الزيادة والإنقاص، بل والتزوير بحسب حضوره وقدراته، ولو بكلمة في مجلس، أو تدوير تغريدة.

جميع قنوات الإعلام العالمية، لا يمكن أن تزيد نسبة من يصدقونها على ستين في المائة، ومهما حاولت إثبات العكس، ونشر الإحصائيات، التي تصب دوما في مصلحتها من نواحي تعداد المشاهدين، والمتابعين، وكأن كل متابع مصدق بأخبارهم.

خبر استدارة الأرض لا زال له الملايين من المشككين، والصعود للقمر كذلك، وعدم تصنيع فيروس كورونا، وحتى فائدة الشاهي الأخضر للصحة، ووجود الخالق من عدمه، كلها أخبار لها مصدقون ومكذبون ومشككون، وكل له حججه.

shaheralnahari@