إبراهيم جلال فضلون

حرائق طالبان.. هل من إطفائي؟

السبت - 21 أغسطس 2021

Sat - 21 Aug 2021

ومن يدري؟ - إذا لنفكر، فالأمر برمته عجيب وكأنه كابوس استفقنا على جحيم أقوى منه.. فقد سلم بايدن كابول وجيشه 300 ألف جندي مدرب ومسلح، لـ75 ألف طالباني، جاعلا العالم فوضى، وقد نهره سلفه الحلوب ترمب، على استيلاء الفصائل القتالية على المطار والتربع في القصر الرئاسي، ليعوي كذئب غادر من بيته الأبيض، -والذئب منه براء-، في فاصلة تاريخية يعيشها العالم أجمع بلحظات ترقب وخوف لا الشعب الأفغاني فقط والذي تم الغدر به.. لتكون نقطة سوداء في سجل CIA وأقماره التقنية في تقديرات الموقف الأفغاني، الذي أربكت الديناميكية السريعة والمذهلة للأحداث كل العالم واللاعبين الخارجيين، بمن فيهم مثيرو الشغب الرئيسيون أنفسهم، أي الأمريكيون، ليفر الرئيس الأفغاني وأكثر من 200 سياسي، مع من فروا بالطائرات التي وقعت منها جثث الأبرياء الخائفين من الأفغان، وقد ذكرتني على الفور بصور إخلاء السفارة الأمريكية في سايغون؛ العاصمة السابقة لفيتنام الجنوبية، فمن المسؤول؟!، إنها أمريكا صاحبة الذنب الأكبر، والتي أثبتت فشلها، دون أن تدرك إدارة بايدن أنها ستدفع ثمنا سياسيا باهظا لفشلها بعد عشرين عاما لمكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية في أفغانستان؟

علاوة على المخاطر والتهديدات الناجمة عنها، فروسيا ليست بعيدة عن ذلك ولو حمت طالبان سفارتها في كابول، ومهما أجرت حوارات سياسية معها، ومثلها الصين الشيوعية، وإيران الشيعية النقيض الأكبر للسنة الطالبانية، حيث تتحول حركة (طالبان)، إلى إحدى القوى السياسية الرئيسة، إن لم تكن المهيمنة، لتكون قنبلة موقوتة وبركانا خامدا يتحين فرصته للانقضاض على من حوله، بدءا بحُلفاء موسكو في آسيا الوسطى مع احتمال انتشارها إلى الأراضي الروسية من قبل تنظيم (داعش) و(القاعدة)، وقد يدخل على الخط التنظيم الدولي للإخوان في حالات معينة، بدليل تدفق اللاجئين للبلدان الحدودية من إيران لتركيا ومنها لأوروبا وأمريكا، خاصة مع تهريب المخدرات، وتسلل للمسلحين والمتطرفين بينهم، لمرحلة فكرية جديدة لطالبان، تنطلق منها حروبها الجديدة بدءا من دول آسيا الوسطى التي لا تستطيع روسيا حمايتهم إلا بالدعم فقط، ثم العالم أجمع.

لقد اعترف بايدن بالهزيمة حتى قال السفير الأمريكي السابق (جون هيربست) في مقابلة معه «شكرا لطالبان على ذلك، فهناك سيناريوهان لأفغانستان؛ الأول هو انتصار واستيلاء (طالبان) على السلطة وتشكيل حكومة شاملة، والآخر حرب أهلية طويلة الأمد».. لكن السؤال المطروح هل يتكرر سيناريو الإخوان المسلمين في مصر والعالم، عندما تسلموا البلاد واندلع التنافس والعداوة بين فصائله وأفراده بعد وصولهم إلى السلطة؟. كما يجب ألا نتناسى الجانب الشيعي الإيراني العدو الأول لأقوى قوى، وتحالفه مع طالبان السنية، لتطلب من شيعة الهزارة بأفغانستان عدم محاربة طالبان وإلا سيكون عليهم اللوم.. وقد عنونت صحيفة «كيهان» التابعة للمرشد خامنئي، افتتاحيتها، مؤخرا: «طالبان غيرت مسارها ولم تعد تذبح»، بـ»طالبان الجدد» التي تروج لها طهران.. فماذا يحدث إذا اتحدا؟!!. لذا يجب التحضير لمستقبل غامض، وليس البدء بالعمل (بعد أن شب الحريق) و(اختفت تلك الشوكة الأمريكية) الآن، ومن يدري؟ - إذا لنفكر، ما جنيناه بعد27 عاما مرت على نشأة طالبان؟!.

خرج الذئب الأمريكي مثقلا بالعار، تاركا أفغانستان للدب الروسي جزءا من نطاق أمنه القومي الخارجي.. ليتشكل بالأرض صيغة (الترويكا) بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية بمشاركة باكستان وطالبان والحكومة في كابول الأسيرة حاليا.. التي نلحظ اعترافا مذلا من كابولوف المبعوث الخاص لبوتين إلى أفغانستان (اتبعوا أمرا خاطئا بخدمتهم لمصالح الولايات المتحدة في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي، إنها ليست الهند، كما هو متوقع، وإنما باكستان)، كما نجد الموقف الدولي للأمم المتحدة يحدوه الخزي والضعف فيما يتعلق بالهيكل المستقبلي للحكم في أفغانستان، والذي تراه (طالبان) (إمارة إسلامية لا ائتلافية)؛ لذلك من الأفضل أن تتحول (الرباعية) إلى (خماسية)، لأن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجارة إيران في التسوية الأفغانية كبير لا يمكن إنكاره.. وهي المنبوذة إلا من روسيا.