أحمد بني قيس

آفة الفساد

الخميس - 19 أغسطس 2021

Thu - 19 Aug 2021

لقد أثبتت الحرب على الفساد وأهله أنها من أصعب الحروب خاصة إذا أفسح المجال للمتورطين في الفساد أن يعملوا بأريحية تامة إما لأن حكوماتهم غير قادرة على محاربتهم أو أنها مستفيدة من نشاطاتهم إلا أن هنالك في المقابل دول عدة مكنها نظامها الإداري والقانوني والأهم من ذلك السياسي من مكافحة هذه الآفة وتقليص آثارها السلبية إلى أقصى حد ممكن ومن بين هذه الدول دولتنا أعزها الله التي يشهد الواقع أنها تكفلت بالنيل من الفساد والمفسدين خير تكفل كما سيتم الإشارة لاحقا.

ودعونا بداية نتعرف على مواطن الفساد التي تهدد أي مجتمع تتواجد فيه وذلك عبر دراسة ومناقشة تأثيرها السلبي على ثلاثة مجالات؛ المجالات المالية والتنموية والمجتمعية.

ولنبدأ أولا بالمجال المالي الذي يؤثر عليه الفساد سلبا عبر إخلاله بالنمو المالي للدولة واستنزاف مواردها وإرهاق كاهلها بهروب الاستثمارات من بلدانها نظرا لخوف أصحابها من الفساد وآثاره المدمرة، وهذا بالطبع سينعكس سلبا على المؤشر المالي وعلى مدى استقراره في الدول المعنية وثاني هذه المجالات المجال التنموي الذي يتأثر بتفشي الفساد في كيانات الدولة المتفرقة عبر انتشار القناعة بين أفراد المجتمع بضعف الدور الحكومي وتضاؤل قدرته على القضاء على آفة الفساد الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تشكيك الكثير من مواطني تلك البلدان في مدى قدرة حكوماتهم على تنمية وتطوير بلدانهم وأخيرا المجال الاجتماعي الذي يغيب فيه الأمن والأمان بسبب تأثر المجتمع بتبعات الفساد على المجالين السابق ذكرهما (المالي والتنموي)، كما أن لانتشار الفساد أيضا تأثير مجتمعي آخر غاية في الخطورة يتلخص في مساهمته في انتشار الكراهية والنزاعات بين أفراد المجتمع نتيجة لغياب العدالة والمساواة بينهم.

ونحن في السعودية كما ذكرت في المقدمة لم نكن بعيدين عن انتشار بعض مظاهر الفساد والمفسدين في بعض القطاعات الحكومية وغير الحكومية وكذلك عند بعض أصحاب المكانة والتأثير إلا أن حكومتنا الرشيدة أعزها الله ثارت ضد هؤلاء المفسدين وشنت حربا ضروسا عليهم من خلال إنشائها لهيئة كبيرة مؤثرة تتمتع بالكثير من الصلاحيات تسمى (نزاهة) ترجمت هذه الهيئة دورها بكل جسارة وصرامة وفعلت كل المهام التي أوكلت إليها بكل كفاءة، وإتقان حيث لا تكاد تمضي فترة يسيرة حتى تعلن هذه الهيئة عن قبضها على مفسدين تورطوا في قضايا فساد بينهم أحيانا مسؤولون رفيعون ووجهاء كبار ورجال أعمال يتم حرمانهم جميعا من محاولة استغلال وضعهم الاعتباري أو الإداري وكذلك نفوذهم لتفادي المساءلة والتعرض للعقاب عند إدانتهم.

ما يجب أن نعلمه في الختام أن السبب الرئيس في التقهقر والتراجع التنموي والحضاري والفكري والأهم المجتمعي في أي دولة يعود لمدى انتشار آفة الفساد فيها لذا فعلى كل دولة أن ينصب اهتمامها على وأد هذه الآفة متى ما ظهرت إرهاصاتها؛ لأن أي دولة تتقاعس عن قيامها بهذا الدور سيكون مصيرها بلا أدنى شك الدمار والخراب.

ahmed_baniqais@