سالم العنزي

إجازة أطول للموظفين.. وإنتاجية أعلى للجميع

الخميس - 19 أغسطس 2021

Thu - 19 Aug 2021

كان الإنسان عبر التاريخ يوازن بين الحياة الاجتماعية والحياة العملية بشكل رائع، حتى جاءت الثورة الصناعية فأصبحت إنتاجية الإنسان تقاس بعدد ساعات العمل وليس بالإنتاجية، واستمرت ساعات العمل بالزيادة عاما بعد عام وسنة بعد سنة حتى جاءت الثورة الصناعية الرابعة والتي اعتمدت على الثورة التقنية؛ فعادت إنتاجية العمل تقاس بالنتائج والمخرجات أكثر من القياس بعدد الساعات في كثير من الصناعات والقطاعات.

عندما نأخذ اليابان كمثال، نلاحظ أن عدد الساعات كانت تزداد بشكل سنوي حتى وصل الأمر إلى أن «الموت من إرهاق العمل» أصبح ظاهرة، وتمت تسميته (كاروشي). اليابان لم تكن الوحيدة التي تعاني من هذه الظاهرة، حيث تكررت في أغلب دول العالم وبالخصوص في الدول الآسيوية، حيث كان الموظفون يقضون أكثر من 100 ساعة أسبوعيا في العمل، نمط الحياة هذا هو ما يؤدي في الغالب إلى (كاروشي)، والتي يسميها الصينيون (غولاوسي)، بينما يسميها الكوريون الجنوبيون (غواروزا).

دول كثيرة حول العالم بما فيها اليابان نفسها التي عانت كثيرا من ظاهرة الموت من إرهاق العمل قررت دراسة زيادة إجازة نهاية الأسبوع إلى ثلاثة أيام عمل بدلا من يومي عمل، وذلك بعد أن انتهجت العديد من الشركات العالمية هذه السياسة، حيث بدأت مايكروسوفت اليابان وBWD البريطانية في سياسة ثلاثة أيام إجازة أسبوعية، ثم تلتها العديد من الشركات. حيث أظهرت الدراسات الحديثة أن تقليل عدد ساعات العمل يزيد في الإنتاجية؛ ففي فرنسا تم تقليل عدد ساعات العمل الأسبوعية من 40 ساعة إلى 35 ساعة في عام 2000م مما نتج عنه زيادة في معدل الإنتاجية وراحة إضافية للموظفين.

الإجازة بالنسبة للموظف عامل مهم في زيادة الإنتاجية، حيث يحتاج جسم الإنسان وعقله إلى الإجازة بشكل دوري لكي يتم تجديد الطاقة الحيوية والجسدية والتركيز الذهني؛ فقد وجد الباحث مارك روزكيند أن الإجازة تزيد إنتاجية الموظف بمعدل 80%. بالإضافة إلى أن الإجازة تزيد سعادة الموظفين وتقلل الاحتراق الوظيفي فهي كذلك تساعد بشكل إيجابي في تحسين الصحة الجسدية والعقلية للموظفين، وكذلك تساعد في تحسين وبناء العلاقات الأسرية والاجتماعية للموظف.

ولكن دولا مثل اليابان وفرنسا وأستراليا لم تقرر زيادة إجازات الموظفين الأسبوعية والشهرية من أجل راحة الموظفين وزيادة إنتاجيتهم فقط؛ فقد أثبتت دراسة قامت بها جمعية السفر الأمريكية أن إضافة يوم واحد فقط في إجازة الموظفين تعني زيادة بـ73 مليار دولار في الناتج للاقتصاد الأمريكي، حيث تتم إعادة تدوير أكثر من 160 مليار دولار خلال هذه الإجازات والتي سوف تنعكس بشكل إيجابي على مبيعات وأرباح الشركات الأمريكية، مما يعني إضافة أكثر من مليون ومئتي فرصة وظيفية جديدة، بالإضافة إلى 20 مليار دولار عوائد من الضرائب. وقد توصلت الدراسة إلى أن زيادة إجازات الموظفين تنعكس بشكل إيجابي على القطاع الخاص واقتصاد الدولة بشكل عام من خلال زيادة الطلب، وبالتالي زيادة الفرص الوظيفية.

أخيرا إجازات نهاية الأسبوع الطويلة أو إجازات الثلاثة أيام ليست غريبة علينا في السعودية، حيث تم تطبيقها حاليا في بعض الشركات الكبرى. ربما تكون زيادة أيام الإجازة الأسبوعية على مدار السنة ولجميع الموظفين صعبة حاليا، ولكن يمكن دراسة زيادة الإجازات الوطنية أو الإجازات القصيرة لموظفي القطاع الخاص والعام، وقد يكون أفضل الحلول المتاحة حاليا هو اعتماد أيام إجازات الطلاب التي اعتمدتها وزارة التعليم للطلاب.

smalanzi@