سعود ثامر الحارثي

جحفلة الشعب التركي

الخميس - 28 يوليو 2016

Thu - 28 Jul 2016

كثير من اللحظات التي تكون نهاياتها ممتعة يطلق عليها جحفلة، فهذا المصطلح قد عرفناه في آخر ثوان من إحدى مباريات كرة القدم ليحسم الفوز فريق كان متأخرا بالنتيجة وتنقلب الأمور رأسا على عقب ليحسم المباراة ولا زال هذا المصطلح يطلق إلى الآن لمثل هذه النهايات.

هذا المصطلح اقتدى به الشعب التركي في ليلة انقلابية من بعض الخونة لشعبهم حينما أرادوا الانقلاب على رئيس انتخبه شعبه وأدلوا بأصواتهم له، فبمكالمة لم تتجاوز ثواني فقط انقلبت الموازين ليخرج الشعب لمواجهة أسلحة الانقلابيين لنرى تلك الروح الوطنية التي تحمي إرادتها وحكومتها المنتخبة، لنرى التنوع السياسي في هذه المواجهة، حيث يظهر الشعب التركي على قلب واحد من إسلاميين إلى يساريين إلى غيرهم من طوائف الشعب لتكون صفعة قوية في وجه القومجيين، كما رأينا ظهور فريقين متطرفين: فريق يقدس إردوغان ويريد بقاءه حتى وإن قتل الشعب بأكمله، وفريق يكره إردوغان ويريد عزله حتى لو بقتله! حتى إن البعض شبهوه بأم قشعم، لكن من شدة فرحهم نسوا نقاط حرف الشين فكتبوها (أم قسعم) ليبقى لقب يطلق على هؤلاء المتسرعين في بعض الأمور دون أن يروا النتائج.

فبالرغم من الاختلاف بين هذين الفريقين، إلا أن البطل هو الشعب التركي الذي قال كلمته وخرج ليقتل دونها، فمن المواقف المشرفة التي رأيناها لأبناء هذا الشعب هو رفع العلم التركي وليس صورة الرئيس، كما أن البعض الآخر كان يبكي خوفا على مستقبل بلاده وحفاظا على الشرعية وعلى الكلمة التي قالها الشعب بإرادته واختياره لم يجبر على ذلك، ليكون ذلك درسا ورسالة لغيرهم.

يا له من شعب عظيم يضرب به المثل ويقتدى به، فبساعات قليلة انتهى الانقلاب وعادت الأمور كما كانت قبل أن تستنكر أمريكا وتدين بريطانيا وتشجب الدول العربية وتفرح الدول المعادية ويصحو بان كي مون من نومه ويعرب عن قلقه، فالشعب التركي أثبت أن الديمقراطية هي المستقبل الآمن لأنه ذاق طعم الحرية وعرف قيمتها، مما جعل الدولة تسلك طريق الديمقراطية الآمن، فلا عزاء لكم أيها الانقلابيون، وللشعب التركي منا أعظم تحية وأعظم تقدير.