أفغانستان.. هدية بايدن الثمينة لإيران

مراقبون يتحدثون عن صفقات سرية بعد سقوط كابول السريع أصغر رئيسة مدينة تخشى القتل وتحمل أمريكا المسؤولية الشيخ: سيناريو سقوط صدام يتكرر والمضامين الخفية تزداد الوول ستريت: النظام الإقليمي يفشل والولايات المتحدة تتراجع
مراقبون يتحدثون عن صفقات سرية بعد سقوط كابول السريع أصغر رئيسة مدينة تخشى القتل وتحمل أمريكا المسؤولية الشيخ: سيناريو سقوط صدام يتكرر والمضامين الخفية تزداد الوول ستريت: النظام الإقليمي يفشل والولايات المتحدة تتراجع

الأربعاء - 18 أغسطس 2021

Wed - 18 Aug 2021

هل تحولت أفغانستان إلى (هدية) ثمينة قدمتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى النظام الإيراني، من أجل فتح صفحة جديدة وطي الخلافات بين الجانبين؟

كيف ترك الجنود الأمريكان حلفاءهم يواجهون مصيرا غامضا على الأرض في حين اصطحبوا معهم الكلاب البوليسية وكل أغراضهم، وتركوا كابول من خلال ممر آمن أشرفت طالبان بنفسها على تأمينه؟

من سيدفع الثمن في الأيام المقبلة، لو صحت الأنباء التي تحدثت عن (صفقة) جرت في الخفاء، خلال مفاوضات فيينا أو غيرها من اللقاءات السرية العديدة التي جرت منذ تولي بايدن المسؤولية؟

أسئلة عريضة تطرحها «مكة» ويفرضها الواقع الجديد بعد الانسحاب الأمريكي السريع المتواكب مع سقوط كابول وسيطرة طالبان بشكل شبه كامل على أفعانستان.

هدية بايدن

يذهب عدد من المراقبين إلى أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، لم يكن السبب المباشر فقط في انهيار كابول وسيطرة طالبان، بل سيدفع إيران وميليشياتها الإرهابية إلى التمدد والتوسع في المنطقة، ومحاولة التوسع في المنطقة، وإضافة منطقة نفوذ جديدة.. على غرار ما حدث في العراق قبل سنوات، يما يعني أن الإدارة الأمريكية قدمت هدية ثمينة للإيرانيين، سواء بقصد أو بدون قصد.

بعد انسحاب الولايات المتحدة وسيطرة طالبان، سقطت كابول ومعها جزء كبير من المنطقة في المجهول، وفتحت المجال لإعادة توزيع الأوراق من جديد، في ظل صراع متنام بين قوى دولية كبرى، مثل أمريكا وروسيا والصين، وإقليمية أخرى مثل إيران.

توازنات حساسة

تؤكد صحيفة العرب الدولية اللندنية أن إيران ترى في هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان فرصة لا تقل أهمية عن خروج القوات الأمريكية من العراق، لمحاولة قلب توازنات حساسة في المنطقة.

ويرى مراقبون أن الخروج الأمريكي سيمنح لإيران وميليشياتها في العراق جرأة أكبر ومحاولة التوسع في المنطقة، ومن غير المستبعد أن تحض القوات الموالية لها في العراق على الإطاحة بسلطات بغداد.

ويؤكدون أن إطاحة الولايات المتحدة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين فتحت الباب أمام هيمنة إيران على العراق، كما فتحت الحرب الأهلية السورية الباب لحضور عسكري إيراني قوي فيها، في حين أصبح حزب الله اللبناني، حليف إيران في لبنان، أقوى قوة إرهابية في البلاد.

مصير ظريفة

ويؤكد موقع قناة (الحرة) الأمريكية، أن السياسية الأفغانية الشابة ظريفة غفاري باتت مهددة بالقتل، بعد سيطرة طالبان على البلاد، وبعد أن سحبت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها وتركت الأوراق تختلط في أفغانستان.

وتشير إلى أن غفاري، 27 عاما، هي أصغر امرأة تتولى منصب رئيس مدينة في تاريخ البلاد، ومن أوائل النساء اللواتي تقلدن هذا المنصب، تخشى قتلها على يد مسلحي طالبان.

وقالت السياسية والناشطة الأفغانية، التي تولت منصب رئيسة بلدية ميدان شار في ولاية وردك، من شقتها في كابول «أجلس هنا في انتظار قدومهم، مضيفة «فقط أجلس مع عائلتي وزوجي، وسيذهبون لمثلي وسيقتلونني».

سيناريو صدام

ويؤكد المحلل فيصل الشيخ في صحيفة الوطن البحرينية أن طالبان كسبت الحرب مع أمريكا، ويقول «قبل 20 عاما قال الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في مؤتمر صحفي شهير، «إن مرحلة طالبان انتهت، وسنعمل، -أي الأمريكيين-، على خلق مجتمع أفغاني يتمتع بالحرية والكرامة، واليوم اتضح أن حركة طالبان خسرت معركتها مع الأمريكيين، لكنها ربحت الحرب ضدهم، بفضل الأمريكين أنفسهم الذين قرروا الانسحاب من البلد الذي فشلوا في خلق مجتمع يتمتع بالحرية والكرامة فيه، مثلما وعد بوش».

ولفت إلى أن الولايات المتحدة دخلت أفغانستان بذريعة محاربة الإرهاب، ومطاردة أسامة بن لادن، لكن المضامين الخفية كانت الرغبة في وضع السيطرة في هذه المنطقة على مقربة من روسيا، وخيرات بحر قزوين، لكنه كان سيناريو مشابها تماما لما فعلوه بالعراق، حينما رفعوا شعار إسقاط صدام حسين وإنقاذ العراقيين، والحقيقة كانت ابتلاع خيرات العراق ونفطه ثم تركه لإيران، لتحوله لولاية تابعة، ليتشرذم العراقيون وتتحول بلادهم لبؤرة صراع».

هروب متهورويؤكد المحلل أن إيران ترى أن الإدارة الأمريكية قامت بهروب متهور من أفغانستان، وهو ما يعزز الشعور بوجود نظام إقليمي متداع. وقد تتطلع واشنطن أيضا إلى إنهاء الالتزامات في العراق وسوريا، بما يتماشى مع إسدال الستار على ما يسمى بالحروب الأبدية.

وفي 26 يوليو، تعهد الرئيس بايدن بسحب جميع القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول نهاية العام. وأدلى الزعيمان الكرديان المتحالفان مع الولايات المتحدة في سوريا، مظلوم عبدي وإلهام أحمد، بتصريحات لاحقة لمحت إلى انسحاب أمريكي وشيك من سوريا. ومن هذا المنطلق، يرى سباير أن طهران تشعر بأن الوقت قد حان للمضي قدما، ضد أعداء ضعفاء ومعزولين يترددون في الرد.

خطورة طهران

وترى صحيفة «الوول ستريت جورنال» الأمريكية أن استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان، رغم سرعته ودراماتيكيته، ليس التحدي الأول أو الوحيد للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وحولها، مشيرة إلى أن طهران تشكل تحديا بطريقة لا تقل خطورة. ووراء كلا التحديين هناك تصور بأن النظام الإقليمي يفشل والولايات المتحدة تتراجع.

ويؤكد الباحث في منتدى الشرق الأوسط جوناثان سباير «إن العامل الكامن وراء أعمال العنف في الشرق الأوسط في وقت سابق من هذا الصيف واضح، إذ تحاول إيران تأكيد قوتها عبر جبهات عدة، وهي تستخدم مجموعة متنوعة من الأصول والوكلاء والامتيازات ضد مجموعة كاملة ممن تعتبرهم أعداءها في المنطقة».

وأوضح أن جزءا من التصعيد كان الهجوم بطائرة بدون طيار الشهر الماضي على السفينة التجارية «ميرسر ستريت» في خليج عمان والذي قتل فيه شخصان، أحد أفراد الطاقم البريطاني والقبطان الروماني. والمسؤولية عن الهجوم «تشير بوضوح إلى إيران».

إرهاب الوكلاء

وربط سباير بين ما يحدث في أفغانستان والأحداث الأخرى في الشرق الأوسط، حيث أطلق حزب الله وكيل إيران 20 صاروخا على إسرائيل في 6 أغسطس، وكانت فرق الموت المدربة من «الحرس الثوري» منشغلة في المناطق النائية التي نادرا ما تغطيها وسائل الإعلام الغربية.

ففي 14 يوليو، قتل المنشق والناشط البيئي بهروز رحيمي في السليمانية، وهي مدينة عراقية بالقرب من الحدود مع إيران. وتظهر لقطات تلفزيونية من دائرة مغلقة سيارة «بي أم دبليو» ذات نوافذ مظلمة وبلا لوحة تلاحق رحيمي، ثم يفتح مسلحون النار من السيارة.

وتوفي رحيمي متأثرا بجراحه في المستشفى. وتحدثت زوجته في وقت لاحق عن التهديدات التي وجهتها وزارة المخابرات الإيرانية إلى زوجها.

واختفى هذا الشهر موسى باباخاني، زعيم حزب معارض كردي إيراني، وعثر عليه ميتا بعد أيام في فندق قولي سليماني في أربيل بشمال العراق، فيما ظهرت على جسده آثار التعذيب. واتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بزعامة باباخاني الجمهورية الإسلامية بارتكاب جريمة القتل.