ياسر عمر سندي

بين المعروف والإحسان قصة إنسان

الأربعاء - 18 أغسطس 2021

Wed - 18 Aug 2021

منهجية المعروف والإحسان التعبدية تعكس التعامل الديني قبل الدنيوي؛ فالمعروف هو كل قول حسن وفعل جميل وخلق كامل؛ باللسان المعسول والتعامل المعقول والتعبير المقبول؛ والإحسان هو أن يعبد الإنسان ربه كأنه يراه وإن لم يكن يراه فإنه يراه؛ وهي الرقابة الذاتية قبل الرقابة الخارجية.

هذان المصطلحان يكمن فيهما عمق الإيمان الراسخ؛ ولا ينفكان عن بعضهما البعض خصوصا في حالة «الزواج» التي تعتبر حالة توافقية وتوفيقية بتعامل الزوج مع الله قبل التعامل مع الزوجة؛ فالزواج مراحل تبدأ بالرضا الشكلي ثم ينتقل لمرحلة الارتياح الضمني لينتقل إلى الارتباط اللفظي بـ»قبلت ووافقت» ليصبح كل منهما في إطار المودة والرحمة.

قال تعالى «فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ..» سورة الطلاق الآية 229، أمر رباني للأزواج باتباع السلوكيات الإسلامية الراقية هو أول عتبات الإلزام والالتزام مع الزوجات بتحمل المسؤولية الملقاة على عاتق الرجال؛ فالرجل يختلف عن الذكر تماما فالوصف الثاني هو تصنيف الجنس منذ الولادة؛ والأول هو تصنيف الأخلاقيات السلوكية بين من يتقنها ومن يجهلها.

الجريمة التي حدثت مؤخرا بقيام زوج في أسبوعه الأول من الزواج بقتل زوجته بلا رحمة ولا ضمير وضربها بحجر على رأسها ومن ثم دهسها بسيارته حتى فارقت الحياة؛ ذنبها الوحيد أنها أصبحت زوجته ليهديها كفنها بيده، الأمر الذي أثار المجتمع والرأي العام وضجت به وسائل التواصل والإعلام، استنكارا واستهجانا على ذلك السلوك الإجرامي المشين.

في تحليلي النفسي والمجتمعي لملابسات الجريمة؛ أرى أنها كارثة إنسانية تسبب في حدوثها مجموعة من الشركاء وهم: المشارك الأول «أسرة الزوجة» التي فرطت في حق ابنتهم وتخلت عنها؛ فمن واجب أولياء الأمور اتباع ما أمرنا به سيد الخلق والأخلاق بالسؤال عمن جاءهم دينيا وخلقيا؛ فالخلق يكمن في سلامة العقل والفعل واللسان والقلب حتى يصبح إنسانا ورجلا مؤهلا؛ والدين يكمن في سلامة اعتقاده وقوة التزامه وخوفه من خالقه واحترامه لخلقه.

المشارك الثاني «أسرة الزوج» لإخفاء عيوب ابنهم العقلية والسلوكية والدينية بحجة مجتمعية مرفوضة وهي «زوجوه يعقل» بزعمهم أن الزوجة مصحة للأمراض النفسية والعقلية.

المشارك الثالث «المجتمع والمحيط» ممن تستر على هذا الزوج وأخفى عيوبه الدينية والخلقية بحجة «يتزوج ويتغير».

المشارك الرابع «الزوج» المنفذ للجريمة والذي ضرب بعرض الحائط سلوكيات النخوة والكرامة تجاه المرأة بصفة عامة والزوجة بصفة خاصة التي تحتاج إلى القيمة الكبرى من زوجها وهي كرامتها وإنسانيتها وأدميتها قال تعالى «وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا» سورة النساء الآية 21. كلمة الله التي وصفها بالميثاق الغليظ هي قوة الارتباط ومتانة الانعقاد الخفي مع الله والظاهري مع الزوجة؛ هذه الكلمة أيضا لا ينفك وثاقها إلا بكلمة الله تقديرا لمكانة الزوجة وحقها عند خالقها.

من وجهة نظري النفسية والاجتماعية قبل أن يتم عقد النكاح بفترة طويلة بأن يترك المجال للمخطوبين بالتعارف عن قرب بالمكالمات والزيارات المؤطرة بالتواجد الأسري والعائلي ليفهم كل منهما الآخر من ردود فعله منطقيا وفكريا وسلوكيا ونفسيا؛ ليكون الاثنان على وضوح وانكشاف قبل أن تقع الفأس في الرأس لأن سقطات اللسان تظهر ما بداخل الإنسان.

قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» هذا هو الميثاق الغليظ في التعامل بالمعروف مع الزوجة وفي حال التسريح وفك الارتباط يبرز التعامل بالإحسان بترضيتها وعدم ذكر عيوبها وإكرامها ماديا بالمال ومعنويا بطيب الخاطر.

ديننا الحنيف أعطى للزوجة حقها قبل أكثر من 1400 سنة بطمس الهوية الجاهلية في هضم حقوقها وأعزها بحفظها لها بين مصطلحي المعروف والإحسان اللذين يتقنهما الزوج الإنسان.

Yos123Omar@