سعود الحارثي

مسرحية طالبان الأمريكية

الاثنين - 16 أغسطس 2021

Mon - 16 Aug 2021

من يشاهد ما يحدث في أفغانستان الآن من سيطرة طالبان على مدنها مدينة تلو الأخرى وصولا إلى العاصمة الأفغانية كابول يعلم بأنها مسرحية تم كتابة السيناريو لها من قبل وإخراجها والآن يتم تمثيلها؛ فالكاتب والمخرج أمريكيان والممثل طالباني أفغاني، فمن احتلال ومعارك امتدت لما يقارب17 عاما وسقوط الآلاف من القتلى والجرحى وصرف مليارات الدولارات على الوجود الأمريكي في أفغانستان إلى انسحاب وتسليم للدولة لجماعة طالما عرفنا عنها أنها إرهابية على لسان الأمريكي، كما أنه ليس من المعقول أن تقوم جماعة عددها لا يساوي 5٪ من الجيش الأفغاني باحتلال دولة كاملة في وقت وجيز ودون أدنى مقاومة من الجيش الأفغاني النظامي، هذا الجيش الذي تم تنظيمه وإعداده وتدريبه بمليارات الدولارات من قبل وتزويده بالمعدات العسكرية الأمريكية المطورة ليكون على أتم الاستعداد في مثل هذه الظروف.

هذه الجماعة التي كانت إرهابية سابقا هي معترف بها حاليا من قبل الكثير بعد احتلالها لأفغانستان حكمت سابقا ما يقارب السبع سنوات مارست خلالها أبشع الأعمال التخريبية من قتل ودمار كما أنها قضت خلالها على مظاهر الحياة في أفغانستان وإن كانت في ذلك الوقت بسيطة مقارنة بما رأيناه الآن من تقدم سواء على الصعيد العمراني أو الاقتصادي أو التكنولوجي، بل على المستوى الإنساني أيضا من عمل المرأة ودراستها بعد أن كانت محرمة في العهد الطالباني. ليبقى أهم سؤال يتبادر لذهن من عرف حكمهم سابقا عن ما هو الحكم الجديد لطالبان؟ هل سيواكب ما وصلت إليه أفغانستان من تقدم أم ستعيد طالبان سيرتها الأولى إلى ما قبل العام 2013م بالرجوع بالدولة إلى نقطة الصفر بالخراب والدمار، ليشهد على ذلك حاليا فرار الكثير من السكان وزوار هذه الدولة والسياح وهروبهم باللجوء إلى المجاورة والحدودية، والاحتشاد في مطار كابول لينفذوا بجلودهم خشية من بطش هذه الجماعة الذي سيلحق بهم إن بقوا داخل الدولة ووقعوا تحت حكمهم كما كانوا يفعلون سابقا.

هذه المسرحية هي بداية لتشكيل دولة إرهابية برعاية أمريكية، أعدتها للحفاظ على مصالحها من جهة وتعزيز نطاق نفوذها في الشرق الأقصى بإشغال القوى الكبرى بمخاطر هذه الجماعة من جهة أخرى، فما جرى في الدوحة بين طالبان وأمريكا من ترتيبات ليس إلا إعداد لهذه المسرحية.

أيضا ما صرح به الرئيس الأمريكي بايدن قبل بضعة أسابيع عن استحالة حكم طالبان لأفغانستان ليس إلا دفاع عن موقفه؛ فلو أراد بايدن الوقوف إلى جانب الحكومة الأفغانية لما سحب قواته، وأضاع تاريخ أمريكا ما يقارب 20 عاما من وجودها في أفغانستان.

لا زالت هناك عدة أسئلة تدور في أذهان الكثير حول أهداف هذه المسرحية، ومن المستفيد، وما هي النتائج، الأيام كفيلة بأن تعطينا الإجابة على أسئلة هذه المسرحية، حتى وإن كانت في نظر الكثير مسرحية هزلية.

@sths83