فيصل الشمري

اليسارية والليبرالية

السبت - 14 أغسطس 2021

Sat - 14 Aug 2021

في فضاء العالم الافتراضي.. في مواقع التواصل الاجتماعي وفي ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة، أصبحت المعارك السياسية الداخلية في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية عابرة للحدود، يهتم بها من هو متواجد في قرية صغيرة بالوطن العربي.

كنت في حوار مع بعض الأصدقاء المتابعين للشأن الأمريكي بالذات، (الاحتقان بين المحافظين والديمقراطيين، بين اليساريين واليمينيين)، لاحظت أن عددا منهم يخلط بين اليسارية والليبرالية أو يعتبرهما واحدا؛ لهذا قررت كتابة هذا المقال، ما الفرق بين الليبرالي واليساري؟من منظور أمريكي وليس دوليا يستغرب الكثير من هذا التساؤل المهم؛ لأنهم يسلمون أن الليبراليين واليساريين واحد، في الحقيقة هم ليسوا كذلك، وذلك تبسيط لطيف سياسي غير واقعي بتاتا. الخلط الذي يقع فيه الكثيرون نابع من أن اليسار يلتصق بالليبرالية ويستخدم مصطلح ليبرالي بشكل فعال لخدمة أهداف وأجندة اليسار السياسية في أمريكا.

سوف أقدم للقارئ أمثلة توضح الاختلاف: كيف ترى الليبرالية العرق، وكيف تستخدم اليسارية العرق لدعم أجندتها السياسية؟ وهو اختلاف بين المدرستين في الفكر واضح جدا. الموقف الليبرالي تجاه العرق أن لون بشرة الإنسان غير مهم بتاتا، ومن يعتقد أهمية العرق يقع في مستنقع العنصرية، قال مارتن لوثر كينج «لدي حلم أن أطفالي الأربعة سوف يعيشون يوما ما في دولة لا تطلق فيها الأحكام عليهم للون بشرتهم، بل لشخصياتهم». يعتقد اليسار النقيض من ذلك وأن موقف الليبرالية بأن العرق ليس مهما هو عنصرية، وأن المنظور الليبرالي ناقص في هذه القضية.

الليبراليون ملتزمون بشغف بالتكامل العرقي أي المساواة والتعايش المشترك، في حين أن اليسار ملتزم بشكل متزايد بالفصل العنصري؛ لأنه يصل لحد الراديكالية في إعطاء الحقوق لمن كان مضطهدا في وقت من الأوقات مثل مساكن جامعية خاصة للطلبة السود، وحفل تخرج خاص للطلبة السود، منفصلين عن العرقيات الأخرى، مثل دعم فكرة تقسيم المجتمع الأمريكي على أمريكي من أصول أفريقية، أمريكي أبيض، أمريكي لاتيني وأمريكي آسيوي، لتكون تلك نواة للاستفادة السياسية بدلا من أن يكون المواطن فقط أمريكي.

مثال آخر الرأسمالية دائما وأبدا وجدت حضانة ودعما كبيرا من قبل الليبراليين السياسيين والاقتصاديين وغيرهم؛ لأن الليبراليين ملتزمون بالمشاريع الحرة والاقتصاد الحر، ولأنهم يعرفون أن الرأسمالية هي الطريقة الوحيدة لانتشال أعداد كبيرة من الناس من الفقر. قال الرئيس كندي وهو ليبرالي «ليس لدينا رأسمالية السوق الحرة في أمريكا؛ لدينا رأسمالية المحسوبية، هناك فرق كبير بين رأسمالية السوق الحرة التي تضفي الطابع الديمقراطي على بلد ما وتجعلنا أكثر كفاءة وازدهارا ورأسمالية الشركات المحسوبية».

صحيح أن الليبراليين يريدون من الحكومة أن تلعب دورا أكبر في الاقتصاد مما يفعله المحافظون، لكن الليبراليين لم يعارضوا الرأسمالية أبدا، ولم يكونوا أبدا مع الاشتراكية. معارضة الرأسمالية والدعوة للاشتراكية قيم يسارية.

اليساريون لا يؤمنون بالدولة القومية؛ لكن الليبراليون يؤمنون بالدولة القومية القطرية ذات السيادة سواء كانت تلك الدولة الولايات المتحدة أو السعودية أو فرنسا.

اليسار يقسم العالم حسب الطبقة الاقتصادية والاجتماعية وليس بالهوية الوطنية، عارض اليسار دائما القومية. لاحظ في عالم كتب الخيال مثل سوبر مان وكابتن أمريكا عندما كان يكتبها ليبراليون كانت الشخصيات أمريكية تزكي القيم الأمريكية شعارها «الحقيقة والعدالة والطريقة الأمريكية» لكن عندما كتب نفس القصص كتاب يساريون أصبح سوبر مان مواطنا دوليا تخلى عن جنسيته الأمريكية وكابتن أمريكا وأبطال مارفل يحاربون الغزاة من الفضاء ويعززون الدور الأممي ممثلا في الأمم المتحدة. اليسار يحتقر القومية، ويرى أنها الطريق إلى الفاشية، من الأفضل أن نكون جميعا «مواطنين في العالم» في عالم بلا حدود.

لم يكن أحد أكثر من الليبراليين الأمريكيين دعما وإيمانا بالمقولة الشهيرة «أنا لا أوافق تماما على ما تقوله ، لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في قول ذلك».

لكن اليسار يقود أول قمع واسع النطاق لحرية التعبير في التاريخ الأمريكي الحديث - من الجامعات إلى شركات التكنولوجيا التي تحكم الإنترنت إلى كل مؤسسة وأماكن عمل تقريبا. يدعي اليسار أنه يعارض فقط «خطاب الكراهية». ولكن إذا وضعنا جانبا الحقيقة أن اليسار يعتبر «خطابا يحض على الكراهية» لأي شيء يختلف عنه، فإن حماية ما قد أعتبره أنت أو أنا كلاما يحض على الكراهية هو الهدف الكامل لحرية التعبير.

باختصار، الليبرالية ليست اليسارية. في الواقع، إنها تشبه إلى حد كبير النزعة الوسطية المحافظة منها إلى اليسار؛ لأنها لا تزال تدعو إلى الخصخصة والرأسمالية وحكومة ديمقراطية منتخبة وتحمي حرية التعبير وتأمن في الدولة القومية، الليبراليون لا يطالبون بالتغيير يسألون بلطف عن طريق صندوق الاقتراع، ولأنهم يعارضون العنف والتهديدات بالعنف؛ فإنهم يعارضون ضمنيا التغيير الأساسي في البنية القائمة للسياسة والمجتمع. على عكس اليساريين الذين يريدون إسقاط النظام السياسي والاقتصادي كاملا للبدء بنظام جديد.

mr_alshammeri@